يقولون إن حرمت عليكم الميتة لا إجمال فيه إذ المتبادر تحريم أكلها قال صاحب المعالم في الرد على هذا الوجه وأما الاستناد إلى الامر بالاجتناب فموقوف على تحقيق مرجع الضمير فيه أو لا وقد ذكر المفسرون له وجوها مبنية على الوجهين المذكورين في الوصف بالرجس أحدها أن يكون راجعا إلى المضاف المحذوف في صدر الآية المقدر بالتعاطي أو ما أشبهه وهو خيرة الكشاف وثانيها أن يكون عايدا إلى عمل الشيطان ذكره العلامة الطبرسي (ره) واحتمل خلافه وثالثها أنه راجع إلى الرجس قاله بعض واحتمله الطبرسي بعد ما ذكر ما حكيناه عنه ورابعها أن يكون عايدا إلى ما ذكر يعني المذكورات من الخمر وما عطف عليها لكن بعد تأويله بما ذكر ليطابق الضمير المذكور وهذه الوجوه كلها محتملة ولا يخفى أن تعميم الاجتناب المأمور به بحيث يمكن جعله دليلا في موضع النزاع إنما يتم على بعض هذه الوجوه وذلك البعض إن لم يكن مرجوحا بالإضافة إلى الباقي فلا أقل من مساواة له وعلى التقديرين لا يتجه الاحتجاج به انتهى وأنت خبير بأن تعميم الاجتناب المأمور به بحيث يمكن جعله دليلا في موضع النزاع يستقيم على جميع الوجوه المذكورة مثلا يمكن أن يقال على تقدير رجوع الضمير إلى التعاطي أن تعاطي الخمر يجب الاجتناب عنه مطلقا ومن جملة تعاطيه مزاولتها ومباشرتها في الصلاة ونحوها وهكذا القياس في البواقي فإن قلت فعلى هذا يلزم أن يكون الأمور المذكورة الاخر من الميسر وغيره أيضا نجسة لجريان الدليل فيه قلت خروج بعض أنواع التعاطي في الأشياء الاخر لدليل خارج لا يستلزم خروجه فيما لا دليل عليه أيضا وهو ظاهر نعم يمكن أن يقال أن تعاطي الخمر مثلا المتبادر منه شربه فيجب الاجتناب عنه لا من جميع أنواع تعاطيها لكنه غير ما أورده (ره) وبالجملة طريق الايراد عليه أن جعل الضمير راجعا إلى التعاطي هو ما ذكرنا آنفا وإن جعل راجعا إلى الخمر ما ذكرنا سابقا ويستنبط منهما طريقه على الاحتمالات الأخر فاستنبط وأما الثالث فضعفه ظاهر إذ ما الدليل على أن ما حرم على الاطلاق يكون نجسا والحمل على البول والدم مجرد قياس ومنها الروايات الواردة في هذا الباب فمن جملتها الروايات الكثيرة الواردة في نزح البئر عن صب الخمر مع صحة كثير منها وقد تقدمت في بحث البئر ومن جملتها ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب والكافي في باب الرجل يصلي في الثوب وهو غير طاهر والاستبصار في باب الخمر يصيب الثوب في الصحيح عن علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن (عليه السلام) جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام) في الخمر يصيب ثوب الرجل أنهما قالا لا بأس أن يصلي فيه إنما حرم شربها وروى غير زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه قال إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعنى المسكر فاغسله إن عرفت موضعه وإن لم تعرف موضعه فاغسل كله وإن صليت فيه فأعد صلاتك فأعلمني ما أخذ به فوقع (عليه السلام) وقرأته خذ بقول أبي عبد الله (عليه السلام ) وجه الاستدلال ظهور إن المراد بقول أبي عبد الله (عليه السلام) قوله منفردا وهو ما رواه غير زرارة ومنها ما رواه التهذيب في باب الذبايح والأطعمة في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن آنية أهل الذمة والمجوس فقال لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم الذي يشربون فيها الخمر ومنها ما رواه التهذيب في باب ما يجوز الصلاة فيه من الزيادات في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سأل أبي أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه يأكل الجري ويشرب الخمر فيرده أفيصلي فيه قبل أن يغسله قال لا يصلي حتى يغسله ومنها ما رواه أيضا متصلا بالسابق في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سأل أبي أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر أني أعير الذمي ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرد على فاغسله قبل أن أصلي فيه فقال أبو عبد الله (عليه السلام) صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه فلا بأس أن تصلي فيه حتى تستيقن أنه نجسه وهذان الخبران في الاستبصار أيضا في باب الصلاة في الثوب الذي يعار لمن يشرب الخمر ومنها ما رواه التهذيب في باب الذبايح والأطعمة والكافي في باب من اضطر إلى الخمر لدواء في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن دواء عجن بالخمر فقال لا والله ما أحب أن أنظر إليه فكيف أتداوى به أنه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير ترون أناسا يتداوون به ومنها ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب والاستبصار في باب الخز يصيب الثوب في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يصلي في بيت فيه خمر ولا مسكر لان الملائكة لا تدخله ولا يصلي في ثوب قد أصابه خمر أو مسكر حتى يغسل ومنها ما رواه التهذيب في هذا الباب والكافي في باب الأواني يكون فيها الخمر من كتاب الأشربة في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه الخل وماء كامخ أو زيتون قال إذا غسل فلا بأس وعن الإبريق يكون فيه خمرا يصلح أن يكون فيه ماء قال إذا غسل فلا بأس وقال في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر قال تغسله ثلاثة مرات سئل يجزيه أن يصب الماء فيه قال لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات وهاتان الروايتان كررهما التهذيب في باب الذبايح والأطعمة ومنها ما رواه التهذيب في الباب المذكور والاستبصار في باب الخمر يصيب الثوب عن خيران الخادم قال كتبت إلى الرجل أسئله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلي فيه أم لا فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه فكتب لا تصل فيه فإنه رجس وهذا الخبر في الكافي أيضا في باب الرجل يصلي في الثوب وهو طاهر بتغير إذ فيه بعد قوله قد اختلفوا فيه فقال بعضهم صلى فيه فإن الله حرم شربها وقال بعضهم لا تصل فيه فكتب (عليه السلام) لا تصل فيه فإنه رجس وأورده التهذيب بهذا الطريق أيضا في باب ما يجوز الصلاة فيه من الزيادات وفي الكافي بعد ما نقلنا قال وسألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه يأكل الجري أو يشرب الخمر فيرده أيصلي فيه قبل أن يغسله قال لا يصلي فيه حتى يغسله ولا يخفى ما في هذا السند من الاشتباه لأن الظاهر أن ضمير قال راجع إلى خيران وهو يبعد أن يكون رأي أبا عبد الله (عليه السلام) وسأل عنه ومنها
(٣٢٧)