من رواية أبي بصير والأصل وحالها ظهرت في طي ما ذكرنا بما لا مزيد عليه وقيل في التذكرة قول الشيخ بالطهارة لرواية أبي بصير ضعيف لان أحدا لم يعمل بها وضعفه ظاهر إلا أن يراد عمل الأكثر على خلافه أو يدعي الاجماع قبل الشيخ وهو أيضا مشكل والعلامة (ره) في المختلف احتج على ما رجحه بحسنة ابن سنان المنقولة وبأن الذمة مشغولة بالصلاة ولا تبرء بأدائها قطعا مع ملاقاة الثوب أو البدن لهذه الأبوال فيبقى في عهدة التكليف ثم نقل احتجاج الشيخ برواية أبي بصير وبأن الأصل الطهارة وقال والجواب عن الأول إنه مخصوص بالخشاف إجماعا فيخص بما شاركه في العلة وهو عدم كونه مأكولا وعن الثاني بالمعارضة بالاحتياط وحال الحسنة قد عرفتها واليقين ببراءة الذمة مع أنه يمكن منع وجوب تحصيله في مثل ما نحن فيه على ما مر غير مرة بل يكفي تحصيل اليقين بقدر حصل اليقين به نقول اليقين حاصل على بناء إن الأصل في الماء الطهارة حتى لا يعلم إنه قذر وفيما نحن فيه لا يعلم ولو قيل نعلم بالرواية فقد خرج عن هذا الاستدلال ورجع إلى الاخر وقد علم حاله مع أن يقين البراءة في بعض الصور في خلافه والجواب الأول أيضا مردود بأن التخصيص بالخشاف بدليل من خارج خاص به لا يوجب التخصيص بما شاركه في عدم أكل اللحم إذ لم يعلم أن علة التخصيص ماذا ومن ادعى إن العلة عدم أكل اللحم فعليه البيان وأما أمر الاحتياط فقد ظهر أمره ثم دعواه الاجماع على تخصيص الخشاف مشكل إذ الظاهر من قول ابن أبي عقيل والصدوق أنهما يقولان بعدم البأس بخرء الطير مطلقا من دون تخصيص بالخشاف إلا أن يكون مراده الاجماع من الشيخ ومنهم حتى يكون إلزاما على الشيخ هذا ثم إن صاحب المعالم قال فيه قال المعتبر بعد الإشارة إلى قول الشيخ في المبسوط ولعل الشيخ استند إلى رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله ثم احتج المحقق لما ذهب إليه من مساواة الطير لغيره بأن ما دل على نجاسة العذرة مما لا يؤكل لحمه يتناول موضع النزاع لان الخرء والعذرة مترادفان ورد الاستناد إلى رواية أبي بصير بأنها وإن كانت حسنة لكن القايل بها من الأصحاب قليل ولى في كلامه هذا تأمل لان الاجماع الذي ادعاه على نجاسة البول والغايط من مطلق الحيوان غير المأكول إن كان على عمومه فهو الحجة في عدم التفرقة بين الطير وغيره وإن كان مخصوصا بما عدا الطير فأين الأدلة العامة على نجاسة العذرة مما لا يؤكل والحال إنا لم نقف في هذا الباب إلا على حسنة عبد الله بن سنان ولا ذكر أحد من الأصحاب الذين وصل إلينا كلامهم في احتجاجهم لهذا الحكم سواها وهي كما ترى واردة في البول ولم يذكرها هو في بحثه المسألة بل اقتصر على نقل الاجماع كما حكيناه عنه فلا ندري لفظة العذرة أين وقع معلقا عليه الحكم ليضطر إلى بيان مرادفة الخرء له و يجعلها دليلا على التسوية التي صار إليها ما هذا إلا عجيب من مثل المحقق (ره) انتهى أقول قد نقلنا آنفا الروايات الدالة على نجاسة العذرة بإطلاقها مع صحة بعضها فإنكاره (ره) كون لفظة العذرة معلقا عليها مما لا وجه له ولو كان كلامه في العموم وإن الروايات المذكورة لا عموم لها فمع بعده عن العبارة حيث أنكر كون لفظة العذرة معلقا عليها للحكم فأمره أيضا أسهل إذ ظاهر إن الاطلاق في تلك الروايات الكثيرة وترك الاستفصال في شئ منها مع قيام الاحتمال ظاهره العموم مع أن المحقق (ره) ذهب إلى أن المفرد المحلى باللام حيث لا عهد ويكون المقام مقام بيان الاحكام يكون ظاهره العموم ويقوم مقام الألفاظ العامة وصاحب المعالم قد استحسن هذا الرأي منه وتبعه فيه وظاهر إن فيما نحن فيه لا عهد فيثبت العموم وبعد ذلك لا مجال لانكاره فلا عجب من المحقق (ره) نعم لو نوقش معه في شمول العذرة لخرء الطير أما لغة أو عرفا لكان لا يخلو عن وجه كما أشرنا إليه هذا وقد احتج أيضا للشيخ (ره) وموافقيه بما رواه الفقيه في باب ما يصلي فيه وما لا يصلي فيه في الصحيح عن علي بن جعفر عليه السلام قال و سئل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجل يصلي إلى أن قال وعن الرجل يرى في ثوبه خرء الطير أو غيره هل يحكه وهو في صلاته قال لا بأس وجه الاحتجاج إن ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يفيد العموم وفيه ضعف لان إفادة ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال للعموم إنما يسلم فيما إذا كان الغرض متعلقا بحكم مثلا إذا كان الغرض بيان حكم الطير وخرئه وإنه يجب الاجتناب عنه أولا وقيل في هذا المقام إن خرء الطير لا بأس به من دون تفصيل لكان الظاهر العموم لكن لا مطلقا أيضا على ما ذهب إليه المحقق وصاحب المعالم محتجا بأنه يخرج الكلام عن الإفادة ولا يليق بالحكيم لان احتجاجهم ضعيف كما لا يخفى سيما إذا كان أكثر الافراد داخلا في الحكم و يلزم عليهم أن لا يوجد في كلام الحكيم مجمل من دون أن يكون مبينه معه وفساده ظاهر بل مع انضمام قرينة مثل ما إذا تكرر وتكثر ولم يقع التقييد في شئ من المواضع سيما مع انضمام عمل الأصحاب كلا أو جلا على ما ادعينا آنفا في روايات العذرة ونحو ذلك مما يظهر في خصوصيات المقامات وأما إذا لم يكن الغرض متعلقا به كما فيما نحن فيه فلا إذ ظاهر إن الغرض من السؤال إن حك شئ من الثوب ينافي الصلاة أم لا وذكر خرء الطير من باب المثال وفي مثل هذا المقام إذا أجيب بأنه لا بأس به ولم يفصل الكلام في الطير بأنه مما يؤكل لحمه أو لا لا يدل أصلا على أن خرء الطير مطلقا طاهر وهو ظاهر لمن له أدنى دربة بأساليب الكلام وتوهم تأخير البيان عن وقت الحاجة أيضا لا مجال له كما لا يخفى إلا ترى أن غيره أيضا في كلام السائل يشمل النجس وغيره سواء جعل عطفا على الطير أو الخرء مع أن الإمام عليه السلام لم يفصل فيه أيضا ولو قيل لعله كان الحكم فيه معلوما ولذا لم يفصله ففي خرء الطير أيضا نقول كذلك من دون تفاوت أصلا ثم الاستثناء الذي نقلنا من الشيخ (ره) للخفاش فقد احتج عليه بما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب والاستبصار في باب بول الخفاش عن داود البرقي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه ولا أجده قال اغسل ثوبك وفيه مع ضعف السند جدا احتمال كون الامر للاستحباب على أنه معارض أيضا بما روياه متصلا بما ذكر عن غياث عن جعفر
(٢٩٧)