مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٠٠
وجدنا من الروايات المتعلقة بهذا البحث وأما حجة القول بالنجاسة فأما أولا فإنها غير مأكولة بالعادة فدخلت تحت حكم ما لا يؤكل لحمه وفيه ضعف لان ما لا يؤكل لحمه ظاهره أنه لا يؤكل لحمه لا ما لا يعتاد أكله تنزلنا عن الظهور فلا أقل من عدم الظهور في خلافه فكيف يمكن الاستدلال إلا أن يقال الاطلاقات الواردة في البول تدل ظاهرا على العموم وما يصلح مخصصا لها حسنتا زرارة وابن سنان المنقولتان في البحث المذكور الدالة أحديهما منطوقا والأخرى مفهوما على التخصيص وموثقه عمار المتقدمة أيضا لان باقي الروايات من الضعف بحال وفي هذه الثلاثة علق الحكم بأكل اللحم نفيا وإثباتا وعلى تقدير تساوي الحملين المذكورين لا يثبت التخصيص في الثلاثة فبقي حكم النجاسة فيها على عمومها لكن للمناقشة في العموم مجال كما مر غير مرة وعلى تسليمه أيضا نقول إذا وردت مخصصات لم يتيقن المراد منها فلا نسلم إن في الافراد المشكوكة يجب الحكم بالعام لم لا يحكم بأصل البراءة وغيرها ووجوب تحصيل اليقين ببراءة الذمة من التكليف اليقيني قد مر القول فيه غير مرة وأما ثانيا فالروايات فمنها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله المنقولة في البحث المذكور ومنها ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب في الصحيح عن الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أبوال الخيل والبغال فقال اغسل ما أصابك منه وحكم الحمار أيضا يعلم منه بعدم القول بالفصل وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب أبوال الدواب ومنها ما رواه التهذيب في البابين المذكورين في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بروث الحمير واغسل أبوالها وفيه إنه دليل على النجاسة لا لها لأنه نفى البأس عن روث الحمير صريحا الدال على طهارته فيكون بوله أيضا كذلك لعدم القول بالفصل ويكون الامر الوارد بالغسل محمولا على الاستحباب والتنزه مع أن ورود الامر بالاستحبابي في أحاديث أئمتنا (عليهم السلام) شايع ذايع من دون حاجة له إلى قرينة ومنها حسنة محمد بن مسلم المنقولة في الحكم الأول ومنها ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب من الزيادات والاستبصار في باب أبوال الدواب في الموثق عن سماعة قال سئلته عن بول السنور والكلب والحمار والفرس فقال كأبوال الانسان وأجاب الشيخ في الاستبصار بجواز حمله على أن بول السنور والكلب كأبوال الانسان ولا يخفى بعده وبجواز حمله على التقية وهو قريب لان كثيرا من عظماء العامة قالوا بنجاسة بول ما يؤكل لحمه مطلقا ومنها ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب والاستبصار والكافي في باب أبوال الدواب عن أبي مريم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول في أبوال الدواب وأرواثها قال أما أبوالها فاغسل ما أصابك وأما أرواثها فهي أكثر من ذلك قال في المعتبر يعنى أن كثرتها يمنع التكليف بإزالتها وعلى هذا يرد عليه أيضا إنه دليل للقول المخالف بتقريب ما تقدم من أن طهارة الروث يستلزم طهارة البول لعدم القول بالفصل فيكون الامر محمولا على الاستحباب إلا أن يقال يحتمل أن يكون معناه إن الروث أكثر من البول في اقتضاء الغسل وفي بعض النسخ بالباء الموحدة وحينئذ حمله على هذا المعنى أظهر لكن مجرد الاحتمال لا يكفي في الاستدلال لجواز أن يكون المراد المعنى الأول فينقلب الحال إلا أن يقال الأصل في الامر الوجوب فينبغي أن يبقى على أصله حتى يظهر مخرج والمخرج غير معلوم حينئذ لجواز الحمل على المعنى الثاني وإذا بقي الامر على أصله فيثبت الحكم في البول ويتعدى إلى الروث أيضا باعتبار عدم القول بالفصل بل يقال لما وجب إبقاء الامر على الوجوب فيلزم حمل الخبر على المعنى الثاني وإلا يلزم خروجه عنه وبعبارة أخرى يجب الحمل على المعنى الثاني وإلا يلزم حمل لفظ الامر على خلاف حقيقته وهو خلاف الأصل لكن أنت خبير بما في أصالة وجوب الامر وأصالة كون الاطلاق حقيقة وعلى تسليمهما أيضا لا نسلم إن مع قيام مثل ذلك الاحتمال القريب في الخبر تبقى حجيته بحالها بل لا يبعد الرجوع إلى أصل البراءة والطهارة ومنها ما رواه التهذيب والاستبصار في البابين المذكورين عن عبد الأعلى بن أعين قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أبوال الحمير والبغال فقال اغسل ثوبك قال قلت فأرواثها قال هو أكثر من ذلك والكلام فيه أيضا كالكلام في سابقه ومنها رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله (عليه السلام) المنقولة في بحث عروض التحريم عن زيادات التهذيب ومنها ما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث والاستبصار في باب مقدار الماء الذي لا ينجسه شئ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن الماء النقيع تبول فيه الدواب فقال إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وإن لم تغيره أبوالها فتوضأ منه وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه هذا جملة ما وجدنا من الروايات في هذا الباب وقد تكلمنا على بعضها وبعضها ضعيف السند مما لم نصفه بالصحة والحسن والتوثيق فلا يصلح للاحتجاج إلا أن يجعل مؤيدا وإذ قد أطلعت على الاخبار من الطرفين وبعض ما فيها فلا بأس أن نتصدى لتتميم الكلام وترجيح ما هو الراجح من القولين على حسب ممشى القوم وطريقتهم فنقول قد حمل الشيخ (ره) في التهذيب و الاستبصار هذه الأخبار المتضمنة للامر بالغسل من بول هذه الثلاثة وروثها على ضرب من الاستحباب والتنزه وكراهة الأبوال والأرواث قال في الاستبصار والذي يدل على ذلك ما أوردناه من أن ما يؤكل لحمه لا بأس ببوله وروثه وإذا كانت هذه الأشياء غير محرمة اللحوم لم يكن أبوالها وأرواثها محرمة واستدل أيضا على ذلك الحمل برواية زرارة المنقولة آنفا المتضمنة لحديث الكراهة ثم قال فجاء هذا الخبر مفسرا لهذه الأخبار كلها ومصرحا بكراهة ما تضمنه ويجوز أن يكون الوجه في هذه الأحاديث أيضا ضربا من التقية لأنها موافقة لمذهب بعض العامة انتهى وقد عرفت المناقشة في ظهور الكراهة في المعنى المصطلح وقد أيد صاحب المعالم أيضا الحمل على الاستحباب بما في حسنة محمد بن مسلم المنقولة من الامر بالنضح مع الشك وهو للاستحباب باعتراف الخصم مع أنه وقع في الحديث مجردا عن القرينة الدالة على ذلك فلا بعد في كون الأوامر الواقعة في ضمنه مثله بل المستبعد من الحكم سوق الكلام على نمط يعطي الاتفاق في الحكم والحال على الاختلاف
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336