لا توضأ منه وإن أصابك منه شئ أو ثوبا لك فلا تغسله إلا أن تنظف قال وسألته عن أبوال الدواب والبغال والحمير فقال اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله فإن شككت فانضحه وهذه الرواية في الاستبصار أيضا في باب أبوال الدواب ويمكن التمسك بالأصل العقلي والنقلي أيضا إن لم يسلم إن الاطلاقات التي وقعت في البول ظاهرها العموم وكذا في العذرة مع أن في العذرة شيئا آخر وهو منع شمولها لأرواث ما يؤكل لحمه أما لغة أو عرفا وبالجملة الحكم واضح بحمد الله تعالى وأما الثاني فقد اختلف فيه قال العلامة (ره) في المختلف مسألة وفي أبوال البغال والحمير والخيول وأرواثها قولان أحدهما وهو المشهور الطهارة على كراهية وهو اختيار الشيخ (ره) في كتابي الاخبار ومذهب ابن إدريس وقال في المبسوط ما يكره لحمه يكره بوله وروثه مثل البغال والحمير والدواب وإن كان بعضه أشد كراهة من بعض وفي أصحابنا من قال بول البغال والحمير والدواب وأرواثها نجس يجب إزالة قليله وكثيره وهذا كما اختاره في كتابي الاخبار وقال في النهاية يجب إزالتها وهو اختيار ابن الجنيد والمعتمد الأول انتهى كلامه واستدل على الطهارة بوجوه أحدها الأصل على ما ذكره العلامة في المختلف وصاحب المعالم وفيه نظر لما عرفت إن الظاهر من المطلقات الواردة في البول العموم وكذا في العذرة إلا أن يمنع إطلاق العذرة على أرواثها وليس ببعيد بل هو الظاهر لكن بعد ظهور العموم في البول يمكن التمسك في الروث أيضا بعدم القول بالفصل ظاهر أولا يمكن القلب بأن يقال لما كان الروث طاهرا بالأصل كان البول أيضا كذلك لعدم القايل بالفصل لان الأصل لا يعارض الخبر الصالح للاحتجاج وقد مر نظيره سابقا وثانيها على ما ذكره صاحب المعالم اتفاق من عدا ابن الجنيد من أصحاب الذين نعرف فتاويهم فإنهم ما نسبوا الخلاف إلا إلى الشيخ في النهاية وابن الجنيد والشيخ في الاستبصار قال بالطهارة وظاهر كلامه في الاستبصار إن تصنيفه متأخر عن النهاية فالشيخ أيضا رجع عن القول بالنجاسة فلم يبق إلا ابن الجنيد وهذا لا يصلح للاحتجاج نعم يصير مؤيدا بعد تحقق دليل آخر على المطلب وثالثها ما ذكره العلامة في المختلف وهو إن طهارة أبوال الإبل مع نجاسة هذه الأبوال مما لا يجتمعان والأول ثابت فينتفي الثاني وجه المنافاة إن كون الحيوان مأكول اللحم أما أن يقتضي طهارة رجيعة أولا وعلى كلا التقديرين يلزم التنافي أما على الأول فلوجود المشترك في صورة النزاع وأما على الثاني فلانه يلزم نجاسة أبوال الإبل عملا بالعموم الدال على نجاسة البول مطلقا السالم عن معارضته كون الحيوان مأكولا وأما ثوبت الأول فبالاجماع وضعفه ظاهر لان مراده بالاقتضاء أما الاقتضاء التام أو في الجملة فإن كان المراد الاقتضاء التام أما بحسب الاثبات أو بحسب الثوب فنختار الشق الثاني ولا نسلم إنه يلزم حينئذ نجاسة أبوال الإبل أما إذا كان الكلام في الاثبات فلانه يجوز أن يثبت الحكم لا باعتبار معارضة كون الحيوان مأكولا بل بمعارضة أمر آخر كالاجماع الذي ادعاه في ثبوت الأول أو الروايات الدالة على خصوص الإبل على ما نقلنا أو باعتبار تلك المعارضة أيضا لكن لا من حيث الاقتضاء التام بل من حيث الخصوص ويكون الخصوصية مفهومة من استثناء الثلاثة مما يؤكل لحمه على ما سيجئ من الروايات وأما إذا كان في الثبوت فلانه يجوز أن يكون علة الحكم أمرا آخر غير أكل اللحم مما لا نعلمه إذ علل الأحكام الشرعية لا يهتدي العقل إليها سبيلا أو يكون أكل اللحم أيضا لكن باعتبار خصوصيته يوجد في الإبل دون الثلاثة ككونه مما يعد للاكل وغيره مما لا نتصوره وإن كان المراد الاقتضاء في الجملة إثباتا أو ثبوتا أيضا فنختار الأول ونمنع لزوم الطهارة في الثلاثة وهو ظاهر ويمكن اختيار الشق الثاني أيضا ومنع لزوم نجاسة أبوال الإبل لجواز أن يكون المقتضي للطهارة إثباتا أو ثبوتا غير أكل اللحم مطلقا أما الاجماع أو الخبر في الاثبات أو أمر آخر لا نعلمه في الثبوت ورابعها الروايات فمنها حسنة زرارة المنقولة في بحث ما عرض له التحريم ومنها حسنة ابن سنان المنقولة فيه أيضا الدالة بمفهومها على الحكم ومنها موثقة عمار المنقولة فيه أيضا ومنها ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب والاستبصار والكافي في باب أبوال الدواب عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام في أبوال الدواب يصيب الثوب فكرهه فقلت أليس لحومها حلالا قال بلى ولكن ليس مما جعله الله للاكل وكرر هذه الرواية في التهذيب في باب تطهير الثياب من الزيادات بتغيير في السند ويمكن المناقشة بجواز حمل الكراهة على الحرمة أو المطلق ويكون تحققها في ضمن الحرمة وليس مثل هذا الحمل مما يعد مخالفا للظاهر ومنها ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب من الزيادات عن المعلى بن خنيس و عبد الله بن أبي يعفور قالا كنا في جنازة وقربنا حمار فبال فجائت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرناه فقال ليس عليكم شئ وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب أبوال الدواب ومنها ما رواه الفقيه في باب ما ينجس الثوب والجسد قال وسئل أبو الأغر النخاس أبا عبد الله (عليه السلام) فقال أني أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فنضرب أحديهما بيدها أو برجلها فينتضح على ثوبي فقال لا بأس به وهذا الخبر في الكافي أيضا في باب أبوال الدواب عن الأغر النخاس لكن لا بطريق الفقيه وبتغيير ما في المتن حيث فيه فيضرب أحدهما برجله أو بيده فينتضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه فقال ليس عليك شئ وأكثر هذه الروايات مختص بالبول لكن يمكن أجراؤه في الروث بعدم القول بالفصل وفي خصوص الروث أيضا روايات سنذكرها إنشاء الله تعالى في طي ذكر الاحتجاج للقول بالنجاسة ووجدت أيضا رواية مختصة بالروث في كتاب قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحميري روى عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رتاب قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الروث يصيب ثوبي وهو رطب قال إن لم تقذره فصل فيه وهذه الرواية مع صحة سندها واضحة الدلالة على المطلوب ويمكن إجرائها في البول بعدم القول بالفصل إلا أن يناقش فيها بعدم ثبوت انتساب الكتاب إلى مؤلفه ولا يخلو عن بعد هذا ما
(٢٩٩)