مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٩٦
النهاية معارض لما وقع في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله المنقولة في البحث السابق عن الاستبصار من إطلاق العذرة على عذرة السنور والكلب والأصل في الاطلاق الحقيقة لكن هذا الأصل ما لا عبرة به عندنا نعم إن المحقق كما سننقل عنه شهد بأن العذرة شاملة الخرء الطير وإنها مرادفة للخرء وشهادته (ره) إن لم يكن أزيد من شهادة أهل اللغة فليس بأنقص منها وهو ظاهر تفسير الخرء في الصحاح والقاموس بالعذرة ولا يبعد أن يقال إن العذرة وإن كانت بحسب اللغة عامة لكن لا بعد في ادعاء كونها في الروايات أما مخصوصة بعذرة الانسان أو يعمها وغيرها أيضا لكن لا بحيث يشمل خرء الطاير أيضا لأن الظاهر حمل الروايات على الافراد المتعارفة الشايعة وخرء الطير ليس منها ولو لم يدع الظهور في التخصيص فلا أقل من عدم الظهور في عدمه فيبقى الحكم على الطهارة فتأمل ودفع الثاني بأنه لا يخلو أما أن يكون للطير بول أولا فإن كان فحينئذ لا يصلح هذه الرواية لتقييد الروايات الكثيرة الدالة على نجاسة البول وتخصيصها لأنها من الكثرة بمكان وأيضا يوجد فيها الصحاح وهذه الرواية الواحدة مع عدم صحتها لا يصلح لمعارضتها مع أن عمل أكثر الأصحاب على خلافها على ما نقلنا من المختلف وإن لم يكن فحينئذ يضعف الرواية لأنها مشتملة على خلاف واقع فلا يجوز نسبتها إلى المعصوم إلا لتقية فاندفعت المعارضة ومع ذلك للكلام مجال بأن نقول نختار الثاني كما هو الظاهر من عدم وجود البول للطير ونقول بمجرد ذلك لا يلزم طرح الرواية لجواز حمل البول على التجوز بإطلاقه على رطوبات الطير ونحوها وسندها وإن لم يكن صحيحة على الاصطلاح لكنها صالحة للاعتماد لان إبراهيم بن هاشم كأنه لا يقصر عن الموثقين وأبا بصير أيضا من الوثوق بحال وحينئذ إن لم يسلم إطلاق العذرة على خرء الطير فالامر واضح حيث أنه لا يبقى في الطرف الآخر من الروايات إلا مفهوم موثقة عمار والمفهوم على تقدير عمومه لا يصلح هذه الحسنة بمنطوقها مخصصة له كما لا يخفى مع تأييدها بالأصل خصوصا مع عدم صراحة البأس في النجاسة وإن سلم فنقول لا عموم ظاهرا في شئ من الروايات الدالة على نجاسة العذرة والاطلاق لا نسلم قوة التمسك به في عموم الاحكام سيما مع وجود مقيد صالح للاعتماد مع أن تخصيص العمومات أيضا شايع واقع في الروايات فالعمومات وإن كانت كثيرة لا يبعد ارتكاب تخصيصها بخبر واحد سيما مع عدم ظهور الامر في الوجوب في أحاديثنا وبما ذكرنا ظهر أنه لو سلم إن للطير بولا أيضا يمكن المناقشة في الحكم لكن ليست في قوة المناقشة على تقدير عدم تسليمه مع أنها وإن ضعفت من وجه لكن قويت من وجه آخر بيانه إنه حينئذ يوجد في طرف النجاسة الاطلاقات الواردة في البول والعذرة وحسنة ابن سنان وفي طرف الطهارة حسنة أبي بصير وقد عرفت إن الاطلاقات وإن سلم عمومها كأنه يصلح هذه الحسنة لتخصيصها وإن وجد فيها الصحيح لان الدليل على حجية خبر الواحد الصحيح على تقدير تمامه لا نسلم شموله مثل هذه الصورة أيضا أي صورة معارضتها بمثل هذه الحسنة مع أن في إطلاقات العذرة منع عدم الشمول لخرء الطاير أيضا وأما حسنة ابن سنان فعلى تقدير صحة العمل بها يصح تخصيصها أيضا بالحسنة الأخرى ولو قيل إنها أقوى من هذه الحسنة باعتبار إن إبراهيم مشترك بينهما وباقي رجالها إماميون موثقون وفي هذه الحسنة يوجد أبو بصير وحاله غير معلوم فعلى تقدير التسليم مثل هذه القوة لا يوجب العمل بها وطرح الأخرى لما عرفت إن الصحيح مع معارضته لمثل هذه الحسنة يشكل العمل به فكيف بالحسن وأيضا هذه القوة معارضة بقوة دلالة هذه الحسنة إذ لا شك أن شمول هذه الحسنة للأفراد الغير المأكولة من الطير أظهر من شمول حسنة ابن سنان لها ففي التعارض لا رجحان لتخصيص حسنة أبي بصير بها من دون العكس لان لكل منهما قوة من جهة المتن والسند مع أن حسنة أبي بصير معتضدة بالأصل وأما وجه ضعف المناقشة من وجه وقوتها من وجه الذي ذكرنا حينئذ فهو أنه يعارض حسنة أبي بصير حسنة ابن سنان أيضا في هذه الصورة دون الصورة الأولى لكن الوهن الذي كان فيها باعتبار تضمن البول الذي هو خلاف الواقع يندفع حينئذ هذا فإن قلت إذا فرض إن العذرة لا يشمل الخرء وفرض إن للطير بولا فهل يمكن أن يستدل على طهارة بول الطير بأن يقال قد ثبت طهارة خرءها من دون معارض ولا قايل بالفصل فطهر بولها أيضا قلت الظاهر لا لان طهارة الخرء إن تمسك فيها بحسنة أبي بصير فهي ليست من القوة بحيث يمكن إثبات الحكم بها نعم في صورة معارضتها لشئ يضعف الاعتماد على ذلك الشئ بحيث لا يصلح التعويل وذلك لا يوجب صحة إثبات الحكم بها وأيضا وإن لم يكن معارض بالذات في الخرء وبالفرض لكن المعارضات التي في البول يصير معارضته في الخرء أيضا بواسطة عدم القول بالفصل فيرجع الامر أيضا إلى المعارضة بين هذه الحسنة وبين الروايات التي في البول من حسنة ابن سنان وغيرها وإن تمسك فيها بالأصل فلا عبرة به في مقابل تلك المعارضات لما عرفت إنها معارضات حينئذ أيضا بالواسطة ولو قيل إن الحسنة ليست حجة والاطلاقات لا عموم لها فهو كلام آخر ولا حاجة حينئذ إلى التمسك بالأصل في الخرء وانضمام عدم القول بالفصل إليه حتى يثبت الحكم في البول فليتمسك أولا في البول بالأصل وإنه لا مخرج عنه وهو ظاهر ثم إن العلامة (ره) في المنتهى بعد ما ذكر تعارض الحسنتين قال إلا أن لقايل أن يقول أنها غير مصرحة بالتنجيس أفضى ما في الباب إنه أمر بالغسل منه وهذا غير دال على النجاسة إلا من حيث المفهوم ودلالة المنطوق أقوى انتهى وضمير إنها راجع إلى حسنة ابن سنان وفيه نظر إذ مع الاغماض عن المسامحة التي وقعت منه في الاصطلاح حيث سمى هذا مفهوما نقول إن النجاسة يثبت في أكثر الأشياء النجسة بمثل هذا أي وجوب الغسل ونحوه بل لا معنى لها بالنظر إلينا سوى ذلك إذ لا نريد من النجاسة في الاحكام سوى إنها يجب غسلها في الصلاة ونحوها فإذا ثبت وجوب الغسل فلذلك يكفينا نعم لو نوقش فيه بأن الامر لا يدل على الوجوب في عرف الأحاديث فلا يثبت النجاسة لكانت متجهة على ما أشرنا إليه لكن لا يمكن حمل كلام العلامة (ره) عليها هذا ثم لا يخفى إن مع هذا كله الاحتياط في اتباع المشهور في أكثر الأحوال وإن كان في بعض الفروض النادرة في خلافه فاحتط وتثبت والشيخ وموافقوه احتجوا بما نقلنا
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336