المتعارفة الظاهرة مع أن في شمول العذرة لعذرة غير الانسان أيضا كلاما سيجئ وكأنه أيضا لا يتحقق البول فيما لا نفس له سائلة وأما الدليل الثاني فجيد لكن في مثل البق والبراغيث ونحوهما والمحقق أيضا تمسك بمثل ما في التذكرة قال أما رجيع ما لا نفس له كالذباب والخنافس ففيه تردد أشبهه أنه طاهر لان ميتة ودمه ولعابه طاهر فصارت فضلاته كعصارة النبات انتهى وقد عرفت إنه قياس وكلامه كأنه يشعر بأن لا يثبت عنده الاتفاق وإلا لتمسك به وبالجملة الحكم فيما يكون التحرز عنه متعذرا أو متعسرا كأنه لا خفاء فيه وأما فيما عداه فالاحتياط في التحرز والمصنف كأنه ذاهب إلى نجاسة إذ لم يقيد الحكم هنا مما له نفس سائلة كما قيد في المني والدم والميتة لكن يبعد القول به مع عدم وجدان موافق في الأصحاب مع أنه في الذكرى والبيان صرح بالاختصاص ولعله لم يذكر هنا اعتمادا على ما يذكره في المني والدم وفيه بعدا ووقع الغفلة عنه في الكتاب وهو أقرب ثم وجه تخصيص الحكم بغير المأكول فسنذكره إنشاء الله تعالى في بحث بول الدابة والبغل والحمار (وإن عرض تحريمه) كالموطوء للانسان والجلال وشارب لبن الخنزيرة حتى يشتد لحمه الظاهر من كلام العلامة في التذكرة إنه أيضا إجماعي قال فيها رجيع الجلال من كل الحيوان وموطوء الانسان نجس لأنه حينئذ غير مأكول ولا خلاف فيه وفي المختلف ادعى الاجماع على نجاسة ذرق الدجاج الجلال ويدل أيضا على الحكم إطلاق البول والعذرة في الروايات الدالة على نجاستهما وعموم ما رواه التهذيب في الحسن في باب تطهير الثياب عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ومفهوم ما رواه التهذيب أيضا في الباب المذكور في الحسن عن زرارة أنهما قالا لا تغسل ثوبك من بول شئ يؤكل لحمه وهذان الخبران في الكافي أيضا في باب أبوال الدواب وأرواثها والخبر الأخير كرر في التهذيب في باب تطهير المياه بتبديل لفظة شئ بما ومفهوم ما رواه التهذيب أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أيغسله أم لا قال يغسل بول الحمار والفرس والبغل فأما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب أبوال الدواب وكرر في التهذيب في باب تطهير المياه ومفهوم ما رواه أيضا في الباب المذكور في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه ومفهوم ما رواه أيضا في باب تطهير الثياب والبدن في الزيادات عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصيبه أبوال البهائم أيغسله أم لا قال يغسل بول الفرس والبغل والحمار وينضح بول البعير والشاة وكل شئ يؤكل لحمه فلا بأس ببوله ولا يذهب عليك أنه يمكن معارضة هذه الروايات بما ورد في خصوص بعض الحيوانات بطهارة بوله وروثه مثل الشاة والبعير الواردين في طي الروايات التي ذكرنا وغيرهما من الدواب والبغال والحمير كما سنذكر إنشاء الله تعالى في بحث أبوالها والدجاج والحمام وسنذكر أيضا إنشاء الله تعالى في ذرقه طريق المعارضة أن يقال ورد النص بطهارة بول البعير مثلا وهو شامل لحال جلله وغيرها وورد النص أما منطوقا أو مفهوما بنجاسة بول ما لا يؤكل لحمه وهو شامل للبعير حالة الجلل وغيره مما لا يؤكل لحمه بالأصالة فيكون بينهما عموم من وجه فلم يخصص الأول بالثاني دون العكس مع أن الأول منطوق وكثير من الثاني مفهوم على أن حمل ما لا يؤكل لحمه على ما لا يؤكل لحمه بالأصالة حمل ظاهر وكذا ما يؤكل لحمه وعلى فرض التساوي والتساقط الأصل مع الأول فيرجح هذا بالنسبة إلى معارضة هذه النصوص بالروايات التي فيها المنع عما لا يؤكل لحمه منطوقا أو مفهوما وأما بالنسبة إلى الروايات المطلقة في البول والعذرة فالامر أظهر إذ بينها وبينها عموم وخصوص مطلق فينبغي تخصيصها بها لكن لما عرفت إن الحكم كأنه إجماعي ومع ذلك الاحتياط فيه في أكثر الأوقات فالمصير إليه أولى ولو فرض نادر احتمال احتياط في خلافه كما إذا فرض وجود ماء وقع فيه مثل ذلك ولم يوجد ماء غيره وفرض أنه لو توضأ به تيسر تطهير الأعضاء بماء آخر قبل الصلاة بدون تيسر الوضوء به فحينئذ يتوضأ ويتيمم احتياطا وأمر خوف التشريع كأنه سهل إذ لم يظهر أمر الاجماع في المسألة بحيث يحصل به ظن قوي (أو كان طيرا على الأقوى) اختلف الأصحاب فيه قال العلامة في المختلف قال الشيخ في المبسوط بول الطير وذرقها كلها طاهر إلا الخشاف فإنه نجس وقال ابن أبي عقيل كلما استقل بالطيران فلا بأس بذرقه وبالصلاة فيه وقال ابن بابويه لا بأس بخرء ما طار وبوله ولا بأس ببول كل شئ أكل لحمه والمشهور نجاسة جميع ما لا يؤكل لحمه من الطيور وغيرها وهو المعتمد انتهى ويمكن الاحتجاج على المشهور إن كان للطير بول أما على نجاسة بولها فبالمطلقات الواردة في البول وبعموم حسنة ابن سنان المتقدمة آنفا وبالعمومات المتقدمة أيضا وأما على نجاسة خرؤها فأولا بعدم القول بالفصل بين البول والخرء ثبت نجاسة البول فكذا الخرء وثانيا بما ذكرنا آنفا من الروايات الدالة على نجاسة العذرة وبمفهوم موثقة عمار الساباطي المنقولة آنفا وإن لم يكن لها بول فيستدل على نجاسة خرءها بالدليل الثاني فقط وقد يقال أما أولا فيمنع شمول العذرة لخرء الطير بل الظاهر من كلام النهاية أنها غايط الانسان وكذا نقل عن الهروي ولا يعلم من القاموس والصحاح في باب العذرة لا عمومها ولا خصوصها وأما مفهوم الموثقة فقد مر إن المفهوم على تقدير حجيته لا عموم له فيكفي فيما لا يؤكل وجود البأس بما يخرج عن بعض أفراده وأما ثانيا فبتقييد الروايات وتخصيصها منطوقا أو مفهوما بما رواه التهذيب في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب أبوال الدواب والبول فيه مقدم على الخرء ويمكن دفع الأول بأن ما في
(٢٩٥)