أنه استثناها مما حكم بطهارة سؤره وقرنها في الاستثناء بالكلب والخنزير وهذا أيضا يعطي أما نجاسة العين أو نجاسة اللعاب وقد حكى الفاضلان عن بعض الأصحاب القول بنجاسة لعابها والباقون مما نقلنا على طهارتها عينا ولعابا سوى الخنزير على ما ذكره صاحب المعالم وهو الأقرب بالنظر إلى طريقتهم للأصل على ما مر غير مرة ولخبر فضل المتقدم في بحث كراهة سؤر ما لا يؤكل لحمه ولبعض الاخبار الأخرى المذكورة في هذا البحث أيضا ولا حاجة إلى التصريح بخصوصه قال صاحب المعالم بعد الاحتجاج على هذا المطلب بحديث الفضل ولا يخفى أن الحديث كما يدل على طهارة العين لكون نجاستها منافية لطهارة السؤر كذلك يدل على طهارة اللعاب لعدم انفكاك السؤر عن ملاقاته انتهى وهو حسن إذا كان الحديث ظاهرا في طهارة سؤرها مطلقا أي سواء كان مطلقا أو مضافا أو جامدا لكن في ذلك الظهور خفاء بيانه أنه وإن وقع السؤال عن فضل الأشياء المذكورة في الحديث وأجيب بنفي البأس عنه والفضل لا يبعد أن يقال أنه شامل للثلاثة المذكورة لكن أخر الحديث حيث قال عليه السلام لا تتوضأ بفضله وأصيب ذلك الماء ربما يشعر بأن المراد من الفضل هو الماء كما لا يخفى وأما إذا كان مختصا بالماء المطلق ففيه ما ذكرنا من أنه يجوز أن يكون طهارة السؤر لأجل أن القليل لا ينفعل عن ملاقاة النجاسة لا لطهارة ذي السؤر نعم مثل هذا الاحتجاج من القائلين بنجاسة القليل بالملاقاة صحيح وصاحب المعالم منهم واستدل أيضا على الطهارة بأن الفيل منها ولو كان نجسا لكان عظمه نجسا كعظم الكلب والتالي باطل لما رواه التهذيب في أواخر كتاب المكاسب عن عبد الحميد بن سعيد قال سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن عظام الفيل يحل بيعه وشرائه للذي يجعل منه الأمشاط فقال لا بأس قد كان لأبي مشط أو أمشاط وهذا الخبر في الكافي أيضا في كتاب المعيشة فباب جامع فيما يحل الشراء والبيع منه وسند الرواية غير نقي ولا يدل أيضا على عدم نجاسة اللعاب كما ذهب إليه بعض وأيضا إنما يتم الاستدلال بها على مذهب من يجعل ما لا يحله الحياة من نجس العين نجسا ثم لا يخفى أن النجاسة لا ينافي البيع إلا أن يكون المراد النجاسة العينية واحتج للقول بالنجاسة بأن بيعها حرام ولا مانع إلا النجاسة وأما حرمة البيع فلما رواه التهذيب في الموضع المذكور والكافي أيضا في الباب المذكور عن مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن القرد أن يشترى أو يباع وفيه أنه ضعيف السند غير صالح للاحتجاج وأيضا مخصوص بالقرد فتعميم الحكم مما لا وجه له إلا أن يتمسك بعدم القول بالفصل وانحصار المانع في النجاسة أيضا ممنوع مع أنه يمكن أن يكون النهي نهي تنزيه هذا وأما القول بنجاسة اللعاب فقط فلم نقف له على دليل هذا وبما ذكرنا مرارا في كراهة سؤر ما حكم المصنف بكراهته ظهر الحكم بالكراهة ها هنا أيضا ولا حاجة إلى أن نعيده والأحوط الاجتناب للخروج عن عهدة الخلاف (وولد الزنا) اختلف العلماء فيه أيضا قال العلامة في المختلف قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه لا يجوز الوضوء بسؤر اليهودي والنصراني أو ولد الزنا والمشرك وجعل ولد الزنا كالكافر وهو منقول عن السيد المرتضى وابن إدريس وباقي علمائنا حكموا بإسلامه وهو الحق عندي انتهى والحق ما حققه من إسلامه وكذا طهارة سؤره لنا أصل الطهارة سواء أريد طهارة نفسه أو سؤره والخبر المستفيض عن النبي (صلى الله عليه وآله) كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ولزوم التكليف بما لا يطاق إذ الظاهر القول بأن ولد الزنا غير مكلف خلاف الاجماع بل الضرورة من الدين وعلى تقدير كونه مكلفا يكون تكليفه تكليفا بما لا يطاق سواء كان التكليف بالأصول أو بالفروع لان الاسلام شرط في الفروع أيضا وهو لا يقدر عليه وليس أيضا مما يكون عدم القدرة ناشيا من اختيار المكلف ليس بمحال كما يقولون في تكليف أبي لهب مما أخبر الله تعالى بأنه لا يؤمن ويمكن أن يقال أنه يجوز أن يكون ولد الزنا أيضا مثل أبي لهب وأضرابه من الذين أخبر الله تعالى بعدم إيمانهم بأن يقال إن هذه الصفة ليست موجبة للكفر حتى لا يكون موصوفها مختارا في الايمان وما يشترط به فيكون تكليفه تكليفا بما لا يطاق من دون استناد عدم الطاقة إلى قدرته واختياره بل إن الله تعالى علم إن من له هذه الصفة يختار الكفر على الايمان دائما من غير إكراه وإجبار فأخبر بأنه ليس بمؤمن أبدا كما أخبر عن أبي لهب وأضرابه ولا فرق بينهما سوى أخبر عنهم بخصوصهم وعن هؤلاء بعنوان كلي هو كونهم أولاد زنا ومجرد هذا الفرق لا دخل له في المقام فما أجيب به عن لزوم التكليف بما لا يطاق هناك يجاب به ها هنا أيضا ثم لا يخفى أنه ينبغي على هذا أنه لو حكم بنجاسته لحكم بها بعد بلوغه إلا أن يثبتوا نجاسته قبل البلوغ من طريق آخر غير كفره ولا يتوهم أنه بهذا أيضا يمكن الجواب عن الخبر المستفيض بأن يقال نحن نقول بموجبه إذ هو يولد على الفطرة لكن يخرج عنها باختياره لأنه إذا ثبت أنه عند الولادة مولود على الفطرة فيكون ظاهرا والأصل بقاؤه حتى يثبت المزيل فمجرد تجويز الخروج ليس بنافع نعم لو كان لهم دليل فننظر حينئذ في صلاحيته لرفع الأصل وعدمها وقد احتج للقول بكفره بما رواه التهذيب في باب المياه عن الوشاء عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كره سؤر ولد الزنا واليهودي والنصراني والمشرك وكلما خالف الاسلام وكان أشد ذلك عند سؤر الناصب وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب استعمال أسئار الكفار وفي الكافي أيضا في باب الوضوء من سؤر الحايض والجنب ووجهه العلامة (ره) وفي المنتهى بأنه لا يريد بلفظ كره المعنى الظاهر له وهو النهي عن الشئ نهي تنزيه لقوله واليهودي فإن الكراهة فيه يدل على التحريم فلم يبق المراد إلا كراهة التحريم ولا يجوز أن يراد معا وإلا لزم استعمال المشترك في كلا معنييه أو استعمال اللفظ في معنى الحقيقة والمجاز وذلك باطل ثم أجاب عن الاحتجاج بالمنع من الحديث فإنه مرسل سلمنا لكن قول الراوي كره ليس إشارة إلى النهي مقابل بل الكراهة التي في مقابل الإرادة وقد يطلق على ما هو أعم من المحرم والمكروه سلمنا لكن الكراهة قد يطلق على النهي المطلق فليحمل عليه
(٢٧٨)