مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٧٤
معلوم إذ ما زاد في توجيه المثال على ما ذكره في الحكم الذي نحن بصدده أصلا كما لا يخفى هذا ويمكن أن يحتج أيضا للشيخ (ره) بمضمرة سماعة المتقدمة في بحث تبعية السؤر لدى السؤر في الكراهة وجه الدلالة أنه نفى البأس عن الإبل والبقر أو الغنم أيضا على رواية فقط فثبت لما سواها خرج ما خرج من مأكول اللحم بالدليل فبقي الباقي وفيه مع الاضمار وعدم صحة السند وجهالته ومعارضته بالروايات الكثيرة معارضة المنطوق بالمفهوم أن البأس يمكن حمله على الكراهة وليس ظاهرا في الحرمة وأما استدلال الشيخ (ره) على استثنائه ما استثنى فأما استثناؤه الحيوان البري كما في المبسوط فقط عرفت أنه لا وجه له وأما استثنائه الاخر في المبسوط وهو ما يشق التحرز عنه كالهرة والفارة و نحوهما وكذا استثنائه الطير مطلقا فدليله في الطير روايتا أبي بصير وعمار بن موسى المتقدمتان في حجج ما ذهب إليه المصنف في المسألة وأما دليله فيما يشق الاجتناب عنه فلعله المشقة والجرح والرويات الواردة في أمثال تلك الأشياء كما مرت في الهرة وسيجئ في الفارة وغيرها أيضا وأنا بعد ما بينا ظهور جواز الاستعمال في سؤر كل ما يؤكل لحمه لفي فراغ من تحقيق حال هذا الاستثناء ثم الظاهر أن استثناء الشيخ في الاستبصار مراده ما هو في المبسوط بعينه وإن ذكر خصوص بعض الطيور وخصوص الفارة بقرينة ما ذكره من الدليل خصوصا في الطير إذ لا يبعد أن يقال إن ظاهر عبارته أيضا لا يوهم التخصيص كما يظهر لمن ينظر فيها نعم لا يظهر أن مذهبه في التهذيب ماذا في الأمور التي يشق الاحتراز عنها لأنه استدل على نفي البأس عن سؤر الهرة فقط ولم يتعرض لغيرها من الأمور المذكورة بنفي ولا إثبات (ومنه الفارة) الحكم بكراهة سؤرها هو المشهور ويفهم من المعتبر أنه لا يكره وكلام الشيخ (ره) في بعض المواضع من النهاية يدل على عدم جواز استعماله وإن كان صرح في موضع آخر بخلافه قال في باب المياه منها وإذا وقعت الفارة والحية في الآنية وشربتا منها ثم خرجتا لم يكن به بأس والأفضل ترك استعماله على كل حال وقال في باب تطهير الثياب من النجاسات منها وإذا أصاب ثوب الانسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فارة أو وزغة وكان رطبا وجب غسل الموضع الذي أصابه فإن لم يتعين الموضع وجب غسل الثوب كله وإن كان يابسا وجب أن يرش الموضع بعينه فإن لم يتعين رش الثوب كله وكذلك إن مس الانسان بيده أحد ما ذكرناه انتهى ولا يخفى ما في بين الكلامين من البين وحمل الوجوب على الاستحباب المؤكد في الفارة ونحوها بعيد سيما مع اقترانها بالكلب والخنزير وكذا يبعد أيضا الفرق بين الصورتين أي الماء الذي وقعت فيه الفارة أو شربت منه وما إذا أصابت رطبا ثوب إنسان أو بدنه وكذا كلامه في المبسوط لأنه في بحث الأسئار استثنى الفارة ونحوها مما يشق التحرز عنه عن الحكم بعدم جواز استعمال السؤر فميا لا يؤكل لحمه من الحيوان إلا نسي على ما نقلنا عنه سابقا ثم قال في باب تطهير الثياب ما مس الكلب والخنزير والثعلب والأرنب والفارة والوزغة بساير أبدانها إذا كانت رطبة أو أدخلت أيديها وأرجلها في الماء وجب غسل الموضع وإراقة ذلك الماء ولا يراعي في غسل ذلك العدد لان العدد يختص الولوغ وإن كان يابسا رش الموضع بالماء فإن لم يتعين الموضع غسل الثوب كله أو رش و كذلك إن من بيده شيئا من ذلك وكان واحد منهما رطبا وجب غسل يده وإن كان يابسا مسحه بالتراب وقد رويت رخصة في استعمال ما يشرب منه ساير الحيوانات في البراري سوى الكلب والخنزير وما شربت منه الفارة في البيوت والوزغ أو وقعا فيه وخرجا حيين لأنه لا يمكن التحرز من ذلك انتهى ولعله كما يفهم من سوق كلامه أنه قايل بالفرق بين الصورتين اللتين ذكرنا وإن كان بعيدا أو إن حكمه بالجواز في النهاية والمبسوط إنما هو بالجواز في الصورة الأولى بناء على ورود الرواية في خصوصها بزعمه والمفيد (ره) في المقنعة لم يحكم في بحث الأسئار في باب الفارة بشئ وقال في باب تطهير الثياب بعد ذكر الكلب والخنزير وكذلك الحكم في الفارة والوزغة برش الموضع الذي مساه بالماء من الثوب إذا لم يؤثرا فيه وإن رطباه وأثرا فيه غسل بالماء وكذلك إن مس واحد مما ذكرناه جسد الانسان أو وقعت يده عليه وكان رطبا غسل ما أصابه منه وإن كان يابسا مسحه بالتراب انتهى وكان كلامه أيضا مخصوص بالصورة الثانية وقال الصدوق في الفقيه في باب ما ينجس الثوب والجسد وإن وقعت فارة في الماء ثم خرجت فمشت على الثياب فاغسل ما رأيت من أثرها وما لم تره أنضحه بالماء وعزى العلامة في المختلف إلى سلار الحكم بنجاسة الفارة وإلى ابن البراج كراهتها وإلى ابن إدريس طهارتها وهو أيضا (ره) اختار الطهارة وقال أنها مختار والده وشيخه أبي القاسم بن سعيد أيضا وذكر المحقق أنها الظاهر من كلام المرتضى في بعض كتبه وعليه جمهور المتأخرين أيضا وإذ قد تقرر حكاية الأقوال فنقول الظاهر هو ما اختاره المصنف من كراهة سؤرها وكذا الظاهر أنه لا فرق بين سؤرها وملاقاتها لشئ بالرطوبة بالنظر إلى الدلايل المتعارفة وفي الحقيقة هنا أحكام طهارة سؤرها وإباحتها واستحباب التنزه عنه أما الأولان فالحجة فيهما أولا الأصل إذ النجاسة حقيقة حكم مخالف لحكم أصالة البراءة كما أشرنا إليه سابقا فالطهارة ما وفقه لها وكذا الأصل كل شئ نظيف حتى يعلم أنه قذر وكل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر وأصالة الإباحة ظاهرة وفيه أن الأصل إنما يدل على الحكم إذا لم يوجد مخرج عنه وها هنا المخرج موجود كما سيجئ في أدلة المخالف غاية الأمر وجود المعارض لها فيرجع الامر إلى المعارضة ولا بد من النظر في الترجيح نعم إذا فرض تساوي الأدلة المتعارضة من الجانبين وحكم بتساقطها كان حينئذ الحكم الأصل وثانيا الروايات العامة و الخاصة أما العامة فصحيحة أبي العباس المتقدمة في البحث السابق ورواية ابن مسكان المتقدمة فيه أيضا ويرد عليهما أنهما عامتان وما سيجئ من أدلة الخلاف خاص فينبغي حمل العام على الخاص ولا يبعد المناقشة فيه بعدم حمل العام على الخاص إذ يمكن ارتكاب المجاز في الخاص بحمله على استحباب الاجتناب ولا نسلم ترجيح التخصيص عليه وإن كان شايعا متعارفا لان مثل هذا المجاز
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336