مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٦٧
والتمكن منه فلا يجب إيجاده لان شرط الواجب المشروط غير واجب وهذا الايراد مندفع بما قررنا آنفا من أن شرط الطهارة المائية وهو وجدان الماء موجود فيما نحن فيه عرفا إذ في العرف يقولون أنه يوجد الماء وهذا نظير ما إذا فرض إن شرط الحج هو الزاد والراحلة وكان لاحد مال غير الزاد والراحلة ولكن أمكنه أن يشتريهما به فحينئذ في العرف يقولون أنه واجد للزاد والراحلة وإن شرط وجوب حجة متحقق بخلاف ما إذا لم يكن له مال أصلا ولكن يقدر على الاكتساب إذ حينئذ لا يقولون إن شرط وجوب الحج متحقق ودفع هذا الايراد بهذا النحو الذي ذكرنا أولى مما ذكره المحقق الثاني في شرحه للقواعد في دفعه حيث قال وجوابه إن أراد بإيجاد الماء ما لا يدخل تحت قدرة المكلف فاشتراط أمر الطهارة به حق ولا يضرنا وإن أراد به الأعم فليس بجيد إذ لا دليل يدل على ذلك والايجاد المتنازع فيه معلوم كونه مقدور للمكلف والامر بالطهارة خال عن الاشتراط فلا يجوز تقييده إلا بدليل انتهى وذلك لأنه لا خلاف في أن الطهارة المائية مشروطة بوجدان الماء كما يدل عليه قوله تعالى فإن لم تجدوا ماء فتيمموا لأنه يدل على أن عند عدم وجدان الماء الفرض التيمم فيكون وجوب الطهارة بالماء مشروطا بوجدانه وهو ظاهر وحينئذ لا وجه لابطال كون الطهارة بالماء مشروطا بوجود الماء بل الجواب بإثبات إن الشرط متحقق فيما نحن فيه إن أمكن كما بينا فإن قلت على هذا كلام العلامة (ره) أيضا ليس بجيد حيث تعرض لأنه مقدمة الواجب المطلق ولا بد من الاتيان بها قلت ليس كذلك إذ العلامة لعله لم يجعل وجود الماء مقدمة للواجب المطلق إذ يمكن أن يكون مراده إن الطهارة بالمطلق واجبة مع المكنة ووجدان الماء وهذه الحال حالة الوجدان والمكنة كما قررنا فيكون واجبة ولا يمكن الاتيان بها حينئذ إلا بالمزج وهو كذلك فيكون المزج مقدمة للواجب المطلق فيكون واجبا وعلى هذا لا خدشة فيه أصلا ولا يبعد حمل كلام المحقق الثاني أيضا على ما ذكرنا بغاية وبما قررنا ظهر أنه ليس كلام الشيخ (ره) بذلك البعيد بأن يكون بناءه على الخلط بين الواجب المشروط والمطلق بل بناءه على منع إطلاق وجدان الماء في الصورة المفروضة وهو ليس ببعيد جدا ولا مما فيه حكمان متنافيان ظاهرا نعم بعد أن يثبت إن المكنة والوجدان الذي هو شرط الطهارة متحقق ها هنا وهو المقدمة التي لم يسلمها الشيخ (ره) يمكن الالزام عليه بتنافي الحكمين ومثل هذا الالزام أمره سهل كما لا يخفى أنه إذا ثبت إن الوجدان للماء متحقق في الصورة المفروضة عرفا فلا إشكال وكذا إن ثبت عدمه وأما إذا كان الامر مشكوكا فما الحال فيه فنقول يمكن أن يقال إن الأوامر الواردة بالوضوء والغسل من الكتاب والسنة فيجب العمل بإطلاقها حتى يثبت تقييد والقدر الثابت من التقييد هو ما عدا الصورة المفروضة من صور عدم الوجدان فيلزم أن يبقى الامر في الصورة المفروضة على الاطلاق وفيه كلام من وجهين أحدهما أن لا يسلم أنه يجب العمل بالاطلاق في مثل هذه الصورة بل إذا ظهر إن أمرا مطلقا بحسب اللفظ مقيد في الواقع بشئ ولم نعلم إفراد مقيداتها يقينا ففي الافراد المشكوكة لا يجب العمل بإطلاق ذلك الامر بل إنما يعمل بأصل البراءة حتى يثبت أن لا تقييد في صوره وثانيهما أنه بعد تسليم ما منع إنما يكون العمل بالاطلاق في صورة لا يتحقق أمر آخر مقابل له وها هنا كذلك إذا مر بالتيمم أيضا على تقدير عدم الوجدان ولا بد من حصول الجزم أو الظن بأنه على تقدير عدم الوجدان قد أتى بالتيمم ففي صورة الشك لا بد من التيمم حتى يحصل الجزم أو الظن المذكور والفرق بين الصورتين بأن التقييد في الثاني حاصل في اللفظ فأثبت أنه فرد شرط الامر يجب أن يؤتى بالمشروط عند حصوله وما لم يثبت فلا وأما في الأول فلا تقييد في اللفظ بل قد ثبت بالاجماع أو باعتبار آية التيمم إن ها هنا تقييدا ففي مثل هذه الصورة ينبغي أن يكون الامر بالعكس أي إذا ثبت فرد أنه من إفراد شرط عدم الطهارة المائية لا يجب الطهارة المائية عنده وما لم يثبت فيجب الطهارة المائية عنده كأنه غير تمام جدا بحيث لا تقبل المنع فالدست للوضوء والغسل وإن قبل المنع فيبقى الامر على التردد فأما أن يقال في مثل هذه الصورة أنه لما لم يظهر ترجيح من أحد الجانبين ومعلوم أيضا بالضرورة والاجماع أنه إذا ترك الطهارتين جميعا يستحق بسببه العقاب فيلزم الاتيان بأحدهما فقط على سبيل التخيير إذ الأصل براءة الذمة من الزايد ولا شئ سوى ذلك أو يقال لما ثبت التكليف بأحديهما لا على التعيين يقينا ولا بد في التلكيف اليقيني من اليقين ببراءة الذمة واليقين بها فيما نحن فيه يمكن تحصيله بأن يمزج بين المائين ويتطهر فيجب المزج وبالجملة المسألة لا يخلو من إشكال والاحتياط في المزج والسؤر تتبع الحيوان طهارة ونجاسة وكراهة السؤر في اللغة البقية كما في القاموس والنهاية وما نسب إلى الجوهري في المعالم من أنه بقية الشرب لم نجده في الصحاح والمراد ها هنا أما الماء القليل الذي باشر فم الحيوان أو غيره من أعضائه أيضا أو أعم من الماء القليل والمضاف أو يشمل الجوامد أيضا مع ملاقاة الفم لها أو ملاقاة أي عضو كان بشرط الرطوبة وبالجملة حكم الجميع يعلم إنشاء الله تعالى ثم ها هنا ثلاثة أحكام التبعة في النجاسة ومعناهما ظاهران والتبعة في الكراهة ومعناها أنه إذا كان الحيوان يكره لحمه فسؤره مكروه أي يكره استعماله في الطهارة والأكل والشرب أما الحكم الأول ففيه خلاف فذهب الفاضلان وجمهور المتأخرين إلى طهارة سؤر كل حيوان طاهر كما في الكتاب وهو مختار الخلاف والنهاية أيضا لكن استثنى في النهاية سؤر ما أكل الجيف من الطير ونسبه المحقق في المعتبر إلى المرتضى في المصباح أيضا لكن ذكر أنه استثنى فيه سؤر الجلال ونقل في المعالم عن ابن الجنيد أنه قال لا ينجس الماء بشرب ما لم يؤكل لحمه من الدواب والطيور وكذلك السباع وإن ماسه بأبدانها ما لم يعلم بما ماسه بنجاسة ولم يكن جلالا وهو الاكل للعذرة ولم يكن أيضا كلبا ولا خنزيرا ولا مسخا وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز استعمال سؤر ما لا يؤكل لحمه
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336