مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
ووجوب التيمم وأما كونهما بمنزلة الماء النجس في جميع الأحكام فلا والتعليلات قد عرف حالها فما بقي إلا الاجماع لو كان وإثباته مشكل وقد قيل في الاحتجاج المختار العلامة هنا إن المفروض كون الاشتباه موجبا للالحاق بالنجس في الاحكام فملاقيه أما نجس أو مشتبه بالنجس وكلاهما موجب للاجتناب واعترض عليه صاحب المعالم بقوله وفساده ظاهر فإن إيجاب الاشتباه للالحاق بالنجس إن كان في جميع الأحكام فهو عين المتنازع وإن كان في الجملة فغير مجد وكون مطلق الاشتباه موجبا للاجتناب في حيز المنع وإنما الموجب لذلك على ما هو المفروض اشتباه خاص كما لا يخفى انتهى وأنت خبير بأن منعه الأول لا مدخل له في المقام إذ المستدل لا يدعي إلا لحاق بالنجس في جميع الأحكام البتة كيف ولو ادعى ذلك لما احتاج إلى ضم المقدمة الأخرى التي ذكرها إليه وهو ظاهر بل في الجملة أي في الاجتناب فقط وهو مجد له بضم المقدمة الأخرى نعم يرد المنع على تلك المقدمة وقد أورده بقوله وكون مطلق الاشتباه إلى فالأولى الاكتفاء به وإسقاط ما قبله هذا ثم أمر الاحتياط ها هنا أيضا ظاهر خامسها أنه هل الاشتباه المراد ها هنا يشمل ما إذا شك أحد في وقوع النجاسة في الماء أو وقع الاشتباه في أن الواقع نجاسة أولا الظاهر لا للأصل ولما أورد في الروايات من أن الماء طاهر ما لم يعلم أنه قذر والظاهر أن أحدا من الأصحاب أيضا لم يقل به نعم قد وقع الخلاف بينهم فيما إذا حصل الظن بالنجاسة فحكى عن أبي الصلاح أنه يحكم بالتنجيس مطلقا وعن ابن البراج إنه يحكم بالطهارة مطلقا وقال العلامة في التذكرة إن استند الظن إلى سبب كقول العدل فهو كالمتيقن وإلا فلا وقال في المنتهى لو أخبره عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول أما لو شهد عدلان فالأولى القبول وقال في موضع آخر لو أخبر العدل بنجاسة إنائه فالوجه القبول ولو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه فالأقرب القبول أيضا وحكم في المختلف بقبول شهادة عدلين ونسبه إلى ابن إدريس أيضا وجزم المحقق في المعتبر بعدم القبول في العدل الواحد وجعل القبول في العدلين أظهر ونص بعض الأصحاب على ما ذكره صاحب المعالم على اشتراط القبول في العدلين بتبيين السبب المقتضي للنجاسة لوقوع الخلاف فيه إلا أن يعلم الوفاق فيكتفي بالاطلاق وقيد جماعة الحكم بقبول أخبار الواحد بنجاسة مائه بما إذا وقع الاخبار قبل الاستعمال فلو كان الاخبار بعده لم يقبل بالنظر إلى نجاسة المستعمل له فإن ذلك في الحقيقة إخبار بنجاسة الغير فلا يكفي فيه الواحد وإن كان عدلا ولأن الماء يخرج بالاستعمال عن ملكه إذ هو في معنى الاتلاف أو نفسه وبهذا التقييد وقد صرح في التذكرة هذا ملخص الأقوال في المسألة والأقرب بالنظر إلى طريقتهم قول ابن البراج للأصل وعدم وجود دليل مخرج عنه بحيث يصلح للاعتماد كما يظهر عند تزييف أدلة الأقوال الأخرى وحكى عنه الاحتجاج على مذهبه بأن الطهارة معلومة بالأصل وشهادة الشاهدين لا تقيد إلا الظن فلا يترك لأجله المعلوم وظاهره ضعيف إلا أن يرجع إلى ما ذكرنا أما أبو الصلاح فقد حكى عنه الاحتجاج بأن الشرعيات كلها ظنية وإن العمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل وضعفه ظاهر إذ لا نسلم إن الشرعيات كلها ظنية وإن العمل يجب بالظن مطلقا بل إنما يجب العمل به لو وجب في مواضع مخصوصة بدلايل خاصة ولا دليل فيما نحن فيه فالتعدي منها إليه مجرد قياس وما ذكره من بطلان العمل بالمرجوح مع قيام الراجح فإنما يسلم لو سلم فيما إذا كان دليلان على شئ راجح ومرجوح وها هنا ليس كذلك إذ الراجح ها هنا وصول النجاسة إلى الماء مثلا والمرجوح عدم وصولها إليه وهما ليسا بدليلين ولا دليل راجح على أن ما رجح وصول النجاسة إليه يجب الاجتناب عنه حتى يقال أنه يجب العمل بالدليل الراجح فإن قلت الدليل الراجح هو إن هذا الماء وصل إليه النجاسة وكل ماء وصل إليه النجاسة يجب الاجتناب عنه أما الصغرى (فبالظن وأما الكبرى فمعلومة من الشرع والدليل المرجوح هو إن هذا الماء لم يصل إليه النجاسة وكل ماء لم تصل إليه النجاسة لا يجب الاجتناب عنه أما الصغرى) فبالوهم وأما الكبرى فكما ذكروا رجحان الأول على الثاني ظاهر لرجحان صغراه على صغراه قلت كبرى القياس الأول ممنوعة إذ المسلم إن ما وصل إليه النجاسة وعلم الوصول يجب الاجتناب عنه وأما بدون العلم فلا لا بد له من دليل ويمكن الاحتجاج لأبي الصلاح من وجه آخر ولعله أمكن إرجاع وجهه الثاني إليه بعناية بل الأول وهو أن يقال انا مكلفون بالطهارة بالماء الطاهر وكذا بالصلاة في الثوب الطاهر مثلا مطلقا ولا شك إن امتثال الامر المطلق إنما يحصل اليقين بالاتيان بما يحصل اليقين إن لم نكتف بالظن أو الظن أيضا إن اكتفينا به بأن المأمور به قد أتى به ولا شك أيضا إن عند الطهارة بالماء المفروض أي الذي ظن وقوع النجاسة فيه أو الصلاة في الثوب الذي لاقاه أو ظن أنه لاقى غيره من النجاسات لان كلام أبي الصلاح ليس في خصوص الماء بل كل ما ظن وقوع النجاسة فيه يحكم بوجوب الاجتناب عنه ماء أو غيره لا يحصل الظن بالطهارة بالماء الطاهر وكذا الصلاة في الثوب الطاهر إذ الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الامرية ولا يدخل العلم أو الظن فيها فالظاهر هو الطاهر في الواقع وظاهر أنا لا نظن به حينئذ بالطهارة في الواقع بل لو سلم دخول العلم أو الظن فيها فلا يضر أيضا بل ينفع إذ انتفاء العلم أو الظن بالطهارة بالماء المظنون الطهارة أو معلومها أو الصلاة في ثوب كذلك أظهر فيما نحن فيه فلا بد من الاجتناب عما يظن ملاقاة النجاسة له ليحصل الظن المذكور لان مقدمة الواجب المطلق مما لا بد منها ولا يخفى أن الاحتجاج على هذا من القوة بمكان وحينئذ فالجواب أن يقال أنا لم نجد في الآيات و الروايات على ما يحضرنا الان ما يكون قابلا بأن تطهروا بالماء الطاهر أو صلوا في الثوب الطاهر مثلا بالمعنى المراد ها هنا وقوله تعالى وثيابك فطهر بظاهره مخصوص بالرسول صلى الله عليه وآله وإثبات تعميمه مشكل مع إمكان المناقشة في ظهور كون الطهارة بالمعنى المراد بناء على عدم ثبوت الحقيقة الشرعية بل الأوامر فيها إنما هو بالطهارة بالماء مطلقا وكذا الأوامر بالصلاة أيضا مطلقة من دون تخصيص بالثياب الطاهرة وغاية ما يدل فيها على التقييد هو مثل ما وقع إن الماء إذا تغير مثلا فلا تتوضأ منه أو أنه إذا وقع قذر في الاناء فلا يتوضأ منه وأنه إذا وصل البول مثلا أو خصوص شئ آخر من النجاسات إلى الثوب أو البدن
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336