في الموثق في آخر باب تطهير الثياب عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل متصلا بما نقلنا آنفا عنه وعن العضاية تقع في اللبن قال يحرم اللبن وقال أن فيها السم وفيه مع القدح في السند أنه لا يدل على النجاسة لأنه صريح في أن حرمته لأجل التسمية ومنها حسنة هارون بن حمزة الغنوي المتقدمة في بحث الفارة وفيه أيضا مع القدح في السند جواز الحمل على استحباب التنزه أو يكون عدم الانتفاع به باعتبار التسمية ويمكن أن يستدل عليه أيضا بما مر في مبحث البئر ما يدل على النزح وجوابه يظهر مما ذكرنا فيه فراجعه (والحية) أما ما يدل على طهارة سؤرها وحليته فالأصل من غير ظهور مخرج عنه والعمومات التي أوردنا في الوزغة منضمة إلى حسنة هارون بن حمزة الغنوي المتقدمة وصحيحة علي بن جعفر المنقولة آنفا الدالة على الحكم بخصوصها وما رواه التهذيب في زيادات كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن حية دخلت حبا فيه ماء وخرجت منه قال إن وجد ماء غيره فليهرقه وهذه الرواية في الاستبصار أيضا في باب حكم الفارة والوزغة وفي الكافي أيضا في باب النوادر آخر أبواب التيمم وجه الاستدلال انه لو كانت نجسة لما قيد الاهراق بوجود ماء غيره ولعل الحكم بالاهراق مع وجود ماء غيره للتسمية أو للعلة العامة المخفية التي في ساير ما لا يؤكل لحمه وأما استحباب التنزه فلمرسلة الوشاء ورواية ابن مسكان ومضمرة سماعة المتقدمة ولهذه الرواية عن أبي بصير قال صاحب المعالم بعدما نقل عن الشيخ أنه قال إذا وقعت الفارة والحية في الآنية أو شربتا منها ثم خرجتا لم يكن به بأس والأفضل ترك استعماله على كل حال على ما نقلنا عن النهاية يتوجه عليه المطالبة بدليل ما ذكره من أفضلية ترك الاستعمال ولعله نظر في الفارة إلى ما سيأتي في باب النجاسات إنشاء الله تعالى من دلالة بعض الأخبار على رجحان الغسل مما لاقته برطوبة وفي الحية إلى ما يخشى من تأثير سمها في الماء فإن ذلك ونحوه كاف في أفضلية العدول عن الماء إلى غيره انتهى كلامه وقد عرفت بما قررنا وجوها متعددة للأفضلية في كل منهما هذا ثم أنى لم أجد نقل خلاف في الحية وحينئذ كأنه ينضم الاجماع أيضا إلى ما ذكرنا ثم لا يخفى أن الأحوط اجتناب ما وقعت فيه لمظنة السم ولو فرض استعمال الماء الذي وقعت فيه وخرجت حية فالأحوط أن يصب عنه ثلاث أكف لحسنة الغنوي المتقدمة في بحث الفارة (والثعلب والأرنب) قد اختلف الأصحاب فيهما أيضا أما الشيخ فقد ظهر حال أقاويله فيما نقلنا عنه في مبحث تبعية السؤر لذي السؤر في الطهارة والكراهة في بحث الفارة وأما المفيد فلم يقل شيئا في خصوصهما في المقنعة والظاهر أنه قائل بطهارتهما ونسب إلى ابن زهرة القول بنجاستهما وحكى في المختلف عن أبي الصلاح أنه أفتى بنجاستهما وعزى إلى ابن إدريس القول بالطهارة وذكر المحقق أنه الظاهر من كلام المرتضى في بعض كتبه واختاره الفاضلان ووالد العلامة وجمهور المتأخرين وهو الأقرب إلى طريقتهم ثم ها هنا أحكام أيضا طهارة سؤرهما وحلية واستحباب التنزه عنه ولا يخفى أنه بعد ثبوت طهارة السؤر وحليته يثبت طهارتهما أيضا إذا كان ثبوت طهارة السؤر مطلقا أي في المطلق والمضاف والجامد وأما إذا ثبت في المطلق ففيه إشكال إذ يجوز أن يكونان نجسين ولم يكن سؤرهما من الماء المطلق نجسا بناء على عدم تنجس القليل بالملاقاة ونحن نأتي بالكلام على نحو يظهر حال نفسهما أيضا فنقول أما طهارة سؤرهما وحلية وكذا طهارة نفسهما فمما يدل عليه أصل براءة الذمة والإباحة والطهارة في كل شئ لما علمت إن النجاسة في الأشياء يرجع حقيقته إلى ثبوت تكليف بالنسبة إلينا والأصل عدمه وسنبين إن ما يتمسك به في الاخراج عن الأصل ضعيف لا يصلح للاخراج ويدل عليها أيضا جميع الروايات التي احتججنا بها على ما دعانا في بحث طهارة سؤر غير مأكول اللحم سوى رواية الاجترار إن لم يتحقق الاجترار فيهما وأنت خبير بأن أكثر هذه الروايات إنما تدل على طهارة السؤر في خصوص الماء المطلق فإثبات طهارة السؤر من الباقيين وطهارة نفسهما به مشكل كما علمت وقد يستدل على المطلوب أيضا بما ورد في جواز لبس جلدهما كما سيجئ إنشاء الله تعالى في بحث لباس المصلي موجها بأنهما لو كانا نجسين لما قبلا التذكية وكانا ميتة واستعمال الميتة لا يجوز وهذا الاستدلال على تقدير تمامه يدل على طهارة نفسهما وغاية الامر على طهارة سؤرهما أيضا وأما حليته فلا إلا أن يتمسك آخرا بأصالة الحل حجة القول بالنجاسة ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته هل يجوز أن يمس الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا قال لا يضره ولكن يغسل يده وهذا الخبر رواه التهذيب في موضعين من هذا الباب بلا تفاوت في المتن والسند وفي الكافي أيضا في باب الكلب يصيب الثوب والجسد عن يونس مرفوعا لكن بغير سند التهذيب وفيه بدل يجوز يحل ويرد على هذه الحجة إن الخبر مرفوع لا يصلح للاحتجاج مع أن فيه محمد بن عيسى عن يونس وفيه كلام وأيضا لا يبعد حمل الغسل على الاستحباب ويؤيده أنه أطلق الامر بالاغتسال ولم يقيد بحال الرطوبة في أحد المتماسين وتنجيس اليابس وإن قيل به في الميت لكن في غيره كأنه لا قايل به ونقل عن ابن زهرة الاحتجاج على نجاستهما بالاجماع ولا تعويل عليه وأما استحباب التنزه عن سؤرهما وعن نفسهما فلمرسلة الوشاء ورواية ابن مسكان ومضمرة سماعة المتقدمة وهذه المرفوعة والاحتياط في الاجتناب مطلقا للرواية ولوقوع الخلاف (والمسوخ ونجسها الشيخ) الظاهر أن الضمير راجع إلى المسوخ وإرجاعه إلى جميع ما تقدمه مشكل من حيث دخول الحية ولم نجد قولا للشيخ (ره) بنجاستها اختلف الأصحاب في المسوخ أيضا فالظاهر من كلام الشيخ القول بنجاستها قال في الخلاف في كتاب البيوع يحرم بيع القرد لأنه مسخ نجس ونسب العلامة في المختلف القول بالنجاسة إلى سلار وابن حمزة أيضا وقال صاحب المعالم أن سلار صرح في رسالته بنجاسة لعاب المسوخ لكن ربما يظهر من سوق كلامه كونها في معنى الكلب فيوافق قول الشيخ أي نجاستها عينا وقد نقلنا سابقا عن ابن جنيد
(٢٧٧)