ظاهرا فلا معارضة فينبغي بقائهما جميعا على حالهما لكن نقول لا يخلو الحال أما أن يفرق القائلون بالنجاسة بين الحالين كما ذكرنا أنه يفهم ظاهرا من سوق كلام المبسوط والاستبصار ولا يفرقوا وعلى الثاني فالامر ظاهر إذ بعد ثبوت الحكم في السؤر يثبت فيما لاقته برطوبة أيضا بضميمة عدم القول بالفصل وأما على الأول فنقول بعد شيوع الامر في الاستحباب وعدم معاضدة الوجوب بعمل جل الأصحاب القول به في هذه المادة سيما مع الحكم بالطهارة في السؤر واستحباب التنزه عنه من دون وجوب ولزوم على أنه لا يعقل فرق ظاهر بينهما بعيد جدا فالأولى الرجوع إلى أصل الطهارة قال المحقق في المعتبر بعد ما ذكر أن خبر علي هذا معارض بخبر سعيد الذي ذكرنا آنفا ومن البين استحالة أن ينجس الجامد ولا ينجس المايع ولو ارتكب هذا مرتكب لم يكن له في الفهم نصيب انتهى لكن يمكن المناقشة في دعوى عدم الفرق بأن الأحكام الشرعية مما لا مجال للعقل إلى إدراكها فالاستناد فيها إلى مثل هذه الوجوه مشكل مع أنه يجوز أن يقال لعل الفرق باعتبار أن الصورة الثانية أقل وقوعا من الصورة الأولى فلعله رخص في الأولى للحرج والمشقة دون الثانية وبالجملة سواء تم القول بعدم معقولية الفرق أو لم يتم يتم المراد بمجرد التمسك بالأصل وعدم ظهور الامر في الوجوب من دون معاضدة عمل كل الأصحاب أو جله ومنها ما رواه التهذيب في باب المياه وأحكامها في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن الفارة والكلب إذا أكلا من الخبز أو شماه أيؤكل قال يطرح ما شماه ويؤكل ما بقي وفيه أيضا مثل ما في سابقه من المعارضة وعدم الظهور في الوجوب سيما وليس بلفظة الامر أيضا بل بلفظة الخبر ويؤيد الاستحباب أيضا إطلاق الحكم بالطرح من دون تفصيل مع أن الشم قد ينفك من ملاقاة الرطوبة وأيضا يمكن أن يكون الطرح باعتبار الاحتراز عن السمية والضرر لجواز أن يكون في لعاب الكلب والفارة ورطوبة أنفهما سميته وضرر ومنها ما رواه أيضا في باب تطهير المياه في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفارة والوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلاث دلاء وهذه الرواية في الاستبصار أيضا في باب البئر يقع فيها الفارة في الصحيح وفيه أنه محمول على موتها حملا غير بعيد كما حمله الشيخ (ره) أيضا عليه واعلم أنه يوجد في غير هذه الرواية أيضا من الروايات الامر بنزح البئر عند وقوع الفارة من غير تقييد بالموت والجواب الجواب ولا حاجة إلى ذكره بعد وضوح المراد ومنها ما رواه التهذيب أيضا وآخر باب تطهير الثياب في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في أثناء حديث طويل وسئل عن الكلب والفارة إذا أكلا من الخبز وشبهه قال يطرح منه ويؤكل الباقي وفيه مثل ما في مثله مع القدح في السند (والوزغة) قد اختلف في سؤرها أيضا فظاهر النهاية والمبسوط الحكم بنجاسته على ما نقلنا في البحث السابق وكذا المقنعة على ما نقلناه أيضا وكلام الصدوق أيضا يشعر به ونسب إلى ابن إدريس القول بالطهارة وذكر المحقق إنه الظاهر من كلام المرتضى في بعض كتبه وإليه ذهب الفاضلان ووالد العلامة وجمهور المتأخرين وهو الأقوى بالنظر إلى ظاهر الأدلة المتعارفة وها هنا أيضا ثلاثة أحكام على قياس البحث السابق أما الأولان أي الطهارة والحلية فبالأصل على ما قررنا وبالروايات العامة والخاصة أما العامة فصحيحة أبي العباس و رواية ابن مسكان المتقدمتان وما رواه التهذيب في باب المياه في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنمل وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه قال كل ما ليس له دم فلا بأس به وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب ما ليس له نفس سائلة يقع في الماء في الموثق وأورد في التهذيب تمام الحديث في أواخر باب تطهير الثياب وما روياه أيضا في البابين المذكورين عن حفص بن غياث عن جعفر بن حمد (عليه السلام) قال لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة وما رواه التهذيب أيضا في الباب المذكور عن محمد بن يحيى رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة وهذا الخبر في الكافي أيضا في باب البئر وما يقع فيها وهذه الروايات وإن اختصت بالماء المطلق لكن حكم المضاف والجامد أيضا يظهر من عدم القول بالفصل ومن أنه لو كانت نجسة لنجست الماء أيضا لكن فيه اشكال حيث أنه يجوز أن يكون بناءها على عدم نجاسة القليل بالملاقاة وفيه أنه على ذلك لا فرق بين ما له نفس سائلة وما ليس له إذ مع التغيير يفسد كل منهما وبدونه لا يفسد ثم لا يخفى أن الكلام في هذه العمومات أيضا كالكلام في العامين المذكورين في البحث السابق فتذكر وأما الخاصة فما رواه التهذيب في زيادات كتاب الطهارة باب المياه وأحكامها في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) في أثناء حديث قال وسألته عن العضاية والحية والوزغ تقع في الماء فلا تموت أيتوضأ منه للصلاة قال لا بأس وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب حكم الفارة والوزغة وأما الأخير أي استحباب التنزه فلمرسلة الوشاء ورواية ابن مسكان ومضمرة سماعة المتقدمة ولوقوع الخلاف أن صلح وجها ولما استدل به المخالفون باعتبار حمله على الكراهة حجة المخالف أيضا روايات منها صحيحة معاوية بن عمار المنقولة آنفا في بحث الفارة وجه الاستدلال أنه لولا نجاسة الوزغة لما وجب لها النزح بالموت فإن الموت إنما يقتضي التنجيس في محل له نفس سائله لا مطلقا هكذا وجهه العلامة في المختلف ولا يخفى أنه ليس في الخبر حديث الموت فلا حاجة إلى هذا التوجيه إلا أن يقال لعل أحدا يقول بحمله على الموت كما في الفارة التي هي قرينتها إذ حمل الوقوع في البئر على الموت لا بعد فيه وحينئذ لا بد من هذا التوجيه ليتم وفيه بعد قطع النظر عن جواز مخالفة البئر وغيرها في الحكم وإمكان أن يجب النزح لأجل الوزغة في البئر مع طهارتها إذ كثير من أحكام البئر على خلاف المعهود المتعارف كما صرحوا به لكن كأنه بعيد فيما نحن فيه نقول بمنع ظهوره في وجوب النزح سيما وليس بلفظة الامر أيضا ومع ذلك معارض بما ذكرنا وأيضا يجوز أن يكون الامر بالنزح للتسمية كما يفهم من الرواية الآتية ومنها ما رواه التهذيب
(٢٧٦)