عن الماء يبول فيه الدواب أو تلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ والأخرى في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ليس بفضل السنور بأس أن يتوضأ منه ويشرب ولا يشرب سؤر الكلب إلا أن يكن حوضا كبيرا يسقي منه وفيه أنه خلاف ظاهر اللفظ والروايتان يمكن حملهما على الكراهة فوافقان تلك الرواية نعم لو ثبت إن الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة فلا بد من ذلك الحمل لكن قد مر في مبحثه الكلام مفصلا وأنه يمكن النزاع فيه ومنها ما رواه التهذيب في باب المياه في الزيادات عن إسماعيل بن مسلم عن جعفر عن أبيه إن النبي (صلى الله عليه وآله) أتى الماء فأتاه أهل الماء فقالوا يا رسول الله إن حياضنا هذه تردها السباع والكلاب والبهائم قال لها ما أخذت بأفواهها ولكم ساير ذلك وهذا الخبر في الفقيه أيضا في باب المياه قال وأتى أهل البادية رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا يا رسول الله إن حياضنا هذه تردها السباع والكلاب والبهائم فقال لهم (عليه السلام) لها ما أخذت أفواهها ولكم ساير ذلك وفيه أنه لعل الحياض كانت كرا كما هو الظاهر هذا ما يمكن أن يستدل به على عدم النجاسة والحرمة في سؤر ما لا يؤكل لحمه وأما كراهته فيمكن أن يستدل عليه بما رواه الكافي في الباب المذكور عن الوشاء عن من ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يكره سؤر كل شئ لا يؤكل لحمه ولا يبعد تأييده أيضا برواية ابن مسكان المنقولة آنفا ومضمرة سماعة المتقدمة في بحث تبعية السؤر لذي السؤر في الكراهة وقد يعلل أيضا بوقوع الخلاف فيه وفيه شئ ولا يخفى إن الحكم بكراهة سؤر السنور من بين ما لا يؤكل لحمه مشكل مع ما ذكرنا في حقه آنفا وقد روى التهذيب أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الهرة أنها من أهل البيت ويتضامن سؤرها وروى أيضا في الباب المذكور في الموثق عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) إن عليا (عليه السلام) قال إنما هي من أهل البيت روى أيضا في باب الذبايح والأطعمة عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في كتاب علي (عليه السلام) لا امتنع من طعام طعم منه السنور ولا من شراب شرب منه السنور وقال الفقيه في باب المياه وقال الصادق (عليه السلام) أني لا أمتنع من طعام طعم منه السنور ولا من شراب شرب منه فعلى هذا الأولى استثناؤه من الحكم بالكراهة وتخصيص رواية الوشاء وابن مسكان وسماعة إذ الظاهر أنه لا إجماع على عدم إباحته بل لا يبعد الحكم باستحباب استعماله كما يفهم من بعض الروايات المنقولة ثم لا يخفى إن أكثر الروايات المذكورة تدل على نفي الحرمة والنجاسة عن سؤر ما لا يؤكل لحمه إذا كان ماء مطلقا ولا يدل على المضاف والجامد سوى صحيحة أبى العباس فإنه لا يبعد حملها على العموم وكذا رواية الاجترار أيضا وصحيحة زرارة ورواية أبي مريم ومرسلة الفقيه أيضا تدل على الحكم في الجامد من سؤر السنور وبالجملة فيما لا ظهور له في العموم يتم التقريب بانضمام عدم القول بالفصل وفيه شئ هذا وحجة الشيخ على مختاره أما على عدم جواز استعمال سؤر ما لا يؤكل لحمه فما في رواية عمار المتقدمة من طريق الكافي وغيره من قوله (عليه السلام) كل ما أكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب وجه الاستدلال أنه يفهم منه إن ما لا يؤكل لحمه لا يتوضأ من سؤره ولا يشرب قال لأنه إذا شرط في استباحة سؤره أن يؤكل لحمه دل على أن ما عداه بخلافه ويجري هذا مجرى قول النبي (صلى الله عليه وآله) في سايمة الغنم الزكاة في أنه يدل على أن المعلوفة ليس فيها الزكاة وهذا الدليل لو كان دليلا على ما اختاره في المبسوط فلم يكف في إثبات مطلوبة لأنه يدل على المنع في غير المأكول مطلقا الظاهر أنه ليس للشيخ (ره) ما يدل على تخصيص الحيوان البري منه إذ لم نجد دليلا عليه أصلا ولعل مستنده في التخصيص الخبر الذي فيه إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتى الماء وفيه ما فيه نعم يدل على تقدير تمامه على مختاره في التهذيب والاستبصار إذ يوجد شئ يمكن الاستدلال به على تخصيص ما استثناه فيهما وأجاب العلامة في المختلف من هذه الحجة بقوله والجواب أنه استدلال بالمفهوم فلا يعارض المنطوق ثم يدل على غير مطلوبه لان السؤال وقع عن الحمام فقال (عليه السلام) كل ما يؤكل لحمه وهو يفهم منه إن المراد من كل ما يؤكل لحمه من الحمام وأيضا فالطريق ضعيف سلمنا دلالة المفهوم لكن يكفي في دلالة المفهوم مخالفة المسكوت عنه للمنطوق في الحكم الثابت للمنطوق وهذا الحكم الثابت للمنطوق الوضوء بسؤر ما يؤكل لحمه والشرب منه وهو لا يدل على أن كل ما لا يؤكل لحمه لا يتوضأ ولا يشرب بل جاز اقتسامه إلى قسمين أحدهما يجوز الوضوء والشرب منه والاخر لا يجوز فإن الاقتسام حكم مخالف لاحد القسمين ونحن نقول بموجبه فإن ما لا يؤكل لحمه من الكلب والخنزير ولا يجوز الوضوء بسؤرهما ولا شربه والباقي يجز لا يقال لو ساوى أحد قسمي المسكوت عنه المنطوق في الحكم لانتفت دلالة المفهوم ونحن إنما استدللنا بالحديث على تقديرها لأنا نقول لا نسلم انتفاء الدلالة لحصول الشافي بين المنطق والكلي المسكوت عنه فهذا خلاصته ما أفدناه في كتاب استقصاء الاعتبار في تحقيق معاني الأخبار انتهى كلامه أقول ويمكن الجواب أيضا بأن مفهومه ليس ظاهرا في حرمة التوضي والشرب من سؤر ما لا يؤكل لحمه إذ منطوقه بلفظ الخبر أي يتوضأ ويشرب فالظاهر أن مفهومه لا يتوضأ ولا يشرب أيضا بعنوان الخبر والخبر لا دلالة له ظاهرا على الحرمة مع أن النهي الصريح أيضا لا ظهور له في الحرمة في أحاديث أئمتنا عليهم السلام كما مر غير مرة فليحمل على الكراهة كما هو مختارنا مع أنه يؤيد هذا الحمل ظاهر لفظ الكراهة في رواية الوشاء المتقدمة آنفا ثم لا يخفى إن الجواب الأول للعلامة لا يخلو عن قوة لان المفهم على تقدير حجيته لا يقوى على معارضة المنطوق سيما مع كثرة المنطوق معاضدته بالأصل وأما جوابه الثاني فليس بجيد لان تخصيص السؤال لا يوجب تخصيص الجواب وهو ظاهر أما الثالث فقوى أيضا لان العمل بالخبر الموثق لو جاز فإنما يجوز عند اشتهاره واعتضاده بعمل كل الأصحاب أو جلهم وعند عدم معارض قوي له وأما عند انتفاء هذه الامر كلا أو بعضا فلا الظاهر فيما نحن فيه انتفاؤها رأسا لكن لا يخفى أن ها هنا حديثا آخر صحيحا قد غفل القوم عنه في ذكر الاحتجاج للشيخ وهو
(٢٧٢)