ونحو ذلك وأما أنه لا يجوز استعمال كل واحد منهما منفردا فلا إلا أن يتمسك بالاجماع المركب لكن إثباته مشكل ثم إن صاحب المعالم قال بعد ما نقلنا والعلامة (ره) تنبه ورود المناقشة على ما ذكره في الصورة الثانية بما أشرنا إليه وحاول الجواب عنها فقال لا يقال يحكم بنجاسة أحد الإنائين وصحة إحدى الشهادتين فيكون بمنزلة الإنائين المشتبهين لأنا لا نقول بمنع حصول العلم بنجاسة أحد الإنائين وصحة إحدى الشهادتين لان صحة إحدى الشهادتين إنما يثبت مع انتفاء الكذب أما مع وجوده فلا وهذا الكلام ظاهر الضعف فإن التكذيب إنما وقع في التعيين لا مطلقا كما عرفت ولما كان مجال المناقشة باقيا بحاله استدرك العلامة في آخر كلامه فقال على أنه لو قيل بذلك يعني جعله كالمشتبه كان وجها ولهذا يردهما المشتري سواء تعدد أو اتحد وأراد بقوله ولهذا يردهما (اه) أنه لو اشترى هذين الإنائين مشتر أو اثنان ثم شهد الشهود كما ذكر ثبت له أو لهما الخيار ولولا قبول الشهادة بالنجاسة لما ثبت الخيار وقد اعترض بأنا لا نعلم ثبوت الخيار إلا على تقدير قبول شهادة النجاسة فلو جعل دليلا على قبولها لزم الدور وأجيب بأن الخيار يثبت جزما لان شهادة الشهود بالعيب لا سبيل إلى ردها إلا سيما مع اتفاقهم على وجود العيب في أحد الإنائين في الجملة مضافا إلى أن حقوق الأميين مبنية على الاحتياط التام فكيف يقال يبقى الخيار استنادا إلى الأصل نعم يمكن أن يقال إن ثبوت الخيار لا يصلح دليلا على الاشتباه وإنما يدل على عدم التمسك بالأصل هذا انتهى كلامه وحال ظهور الضعف الذي ادعاه قد عرفتها وما ذكره من أن شهادة الشهود بالعيب لا سبيل إلى ردها لا سبيل إلى قبوله وأي استبعاد في أن لا يقبل شهادة الشهود بالعيب مع وجود المعارض ولو قيل إن الشهادة في أحدهما لا على اليقين لا معارض لها بل التعارض في التعيين فهو ما ذكره في لا سيما وهو كلام وقد عرفت الحال فيه أيضا وكذا ما أضاف إليه من بناء حقوق الأميين على الاحتياط التام أوليس البايع أيضا آدميا وما قال من أن ثبوت الخيار لا يصلح دليلا على الاشتباه فكان فيه اشتباها إذ لا وجه لثبوت الخيار في الفرض سوى ثبوت العيب وهو ليس إلا النجاسة فثبوت الخيار دال على ثبوت النجاسة أما في المعنيين أو في أحدهما لا على التعيين هذا وبما ذكرنا ظهر حال حجة الذاهبين إلى إلحاقة بالمشتبه وأما الخلاف فإن بنى كلامه على الاختصاص بصورة عدم إمكان الجمع فنعم الوفاق وإن بنى على التعميم وعدم الفرق فإن كان بناء على ما ذهب إليه ابن البراج فخارج عن محل النزاع لان النزاع على تقدير القول بقبول شهادة البينة في النجاسة وإن لم يبن على ذلك بل بنى على عدم القبول على تحقق التعارض فكلامه في صورة عدم إمكان الجمع صحيح موافق لما قلنا وفي الصورة الأخرى فساده ظاهر من غير حاجة إلى بيان وأما ما ذكره ابن إدريس (ره) فأكثره موافق لما ذكرنا وإنما المخالفة في أمرين قال صاحب المعالم أحدهما إيجاب القرعة وهو مستبعد كما اعترف به لعدم ظهور تناول دليل اعتبارها لمثله خصوصا بعد ملاحظة عدم التعرض لاحتماله في مسألة اشتباه الاناء الطاهر بالنجس فضلا عن القول به والثاني الحكم بنجاسة الإنائين معللا بأن ظاهر الشرع يقتضي صحة شهادتهم لان كل شاهدين قد شهدا بإثبات ما نفاه الآخران وتوضيح هذا الكلام إن كل واحدة من البينتين تضمنت إثباتا ونفيا والاثبات هو الشهادة بالنجاسة والنفي الشهادة بالطهارة ومن القواعد المقررة تقديم شهادة الاثبات على شهادة النفي فيقبل هنا الشهادة بالنجاسة فيهما ويرد عليه أن اللازم من قبول البينتين الحكم بطهارة الإنائين لاتفاقهما عليه والاختلاف في التعيين لا ينافيه وحديث تقديم شهادة الاثبات ليس على إطلاقه لو سلمنا كون الشهادة بالطهارة في صوره عدم إمكان الجمع التي هي محل البحث شهادة النفي انتهى كلامه وقال في الحاشية قال بعض الأصحاب إنما تقدم شهادة الاثبات على شهادة النفي حيث لا يمكن العمل بهما وليس الامر كذلك ها هنا لامكان العمل بهما في شئ لان البينتين قد اتفقتا على نجاسة أحد الإنائين وطهارة أحدهما واختلفتا في التعيين فثبت نجاسة أحدهما لا بعينه وبقي التعارض في التعيين من غير احتياج إلى الترجيح لان طلب الترجيح إنما هو لتحصيل حكم شرعي وزوال اللبس شرعا وقد حصلا فإن الإنائين حينئذ يكونان كاللذين في أحدهما نجاسة واشتبه وحكمها وجوب اجتنابهما معا لا على معنى النجاسة فيهما بل لاشتباه الطاهر بالنجس فتأمل انتهى أقول الوجه في الرد على ابن إدريس (ره) إن بعد تسليم كون الشهادة على الطهارة شهادة على النفي لا نسلم تقديم شهادة الاثبات على شهادة النفي فيما نحن فيه إذ لا مستند له أصلا وأما ما أورده ففيه أولا أنه بعد ما أبطل قبول شهادة الطهارة بأنها شهادة على النفي لا وجه للالزام بالحكم بطهارة أحد الإنائين لاتفاقهما عليه إذ شهادة كل منهما بطهارة أحد الإنائين إنما هو باعتبار شهادته بها في ضمن شهادته بطهارة الخصوص وتحقق الأحد في ضمنه وإذا بطل طهارة الخصوص ولم يسمع الشهادة عليه بطل طهارة إلا بشرط في ضمنه أيضا فلم يبق شئ وقع عليه اتفاق الشهادتين وهذا كما يقولون أن انتفاء النوع مستلزم لانتفاء الجنس في ضمنه وإن نسخ الوجوب لا يستلزم ثبوت الجواز وثانيا بعد تسليم إن شهادة الاثبات تقدم على شهادة النفي حيث لا يمكن الجمع يحصل مراد ابن إدريس ضرورة لأنه إذا بطل طهارة الخصوص كل من الإنائين باعتبار شهادة إحدى البينتين على نجاسته وعدم سماع شهادة البينة الأخرى على طهارته على ما هو المفروض فطهارة أحدهما في ضمن أي فرد يتحقق وهو ظاهر وبالجملة لا يفهم محصل لما ذيل به الكلام في الحاشية ولا يرجع إلى طايل تتمة قال صاحب المدارك (ره) في بحث اشتباه الإنائين بعد ما ذكر إن الاجتناب عنهما مذهب الأصحاب ومستنده رواية عمار وهي ضعيفة السند بجماعة من الفطحية واحتج عليه في المختلف أيضا بأن اجتناب النجس واجب قطعا وهو لا يتم إلا باجتنابهما وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وفيه نظر فإن اجتناب النجس لا نقطع بوجوبه الا مع تحققه بعينه لا مع الشك فيه واستبعاد سقوط حكم هذه النجاسة شرعا إذا لم تحصل المباشرة بجميع ما وقع فيه الاشتباه غير ملتفت إليه وقد ثبت نظيره في حكم
(٢٨٧)