مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
لا هذا ولا ذاك وحينئذ نقول لما احتمل عند العقل وجود الماء بالواقعي الذي هو شرط الطهارة المائية فيحتمل وجوبها أيضا ولما احتمل عدمه الذي هو شرط الطهارة الترابية احتمل وجوبها أيضا فلا بد من الجمع بينهما ليحصل العمل بمقتضى الاحتمالين تحصيلا للبراءة اليقينية فلا إيراد نعم لمنع وجوب تحصيل اليقين بالبراءة في مثل هذه الصورة مجال لكنه كلام آخر لا تعلق له بكلام صاحب المدارك وأما ما أورده على وجوب التقديم فهو كما أورده إلا أن يقال لعل حكمهم بوجوب التقديم بناء على رعاية ضيق الوقت في التيمم نعم لو وجد هذا الحكم في كلام من لا يقول بوجوب التضيق لما أمكن هذا التوجيه وكان وجوده فيه غير معلوم هذا ولما كان تحقيق الكلام في أصل المسألة محتاجا إلى زيادة بسط فلا بأس أن نتعرض له فنقول لا يخفى أن الامر في الكتاب العزيز بالطهارة المائية مطلق بحسب اللفظ و بالترابية مقيد بعدم وجدان الماء فلا يخلو أما أن يترك المطلق بحاله أو يقال إن تقييد الترابية قرينة على أن المراد إن وجدتم الماء فتطهروا والأول كأنه هو الأظهر ثم الامر المقيد بقيد مثل إن وجدتم الماء فتطهروا هل الظاهر فيه أنه يجب تحصيل اليقين أو الظن على تقدير الاكتفاء به بأنه تطهر على تقدير وجود الماء في الواقع أو لا بل يكفي أن يحصل على تقدير وجود العلم أو الظن بوجود الماء اليقين أو الظن بالتطهر به ولعل الأظهر هو الثاني بناء على أصالة البراءة حتى يثبت وكان إثبات الاحتمال الأول مشكل فيصار إلى الثاني محصل ها هنا أربعة احتمالات الأول أخذ الامر بالطهارة المائية مطلقا والامر المقيد مبتنيا على الاحتمال الأول والثاني أخذه مطلقا وابتناء الامر المقيد على الاحتمال الثاني والثالث أخذه مقيدا وأخذ المقيد على الاحتمال الأول والرابع ظاهر فعلى الأول نقول الامر المطلق أيضا مثل تطهر بالماء هل يجب تحصيل اليقين فيه بحصول الطهارة على أي وجه كان سواء كان وجود الماء الذي هو شرطه العقلي مثلا متيقنا أو مظنونا أو مشكوكا أو موهوما أو لا بل يجب عند اليقين أو الظن بوجوده أو عند الشك أيضا ولا يبعد ادعاء الظهور في الأول ولا أقل من الاكتفاء بإخراج الموهوم فقط وأدون منه إخراج المشكوك أيضا وأدون منهما الاقتصار على اليقين فقط هذا بالنظر إلى مجرد اقتضاء الامر بحسب العرف من دون أمر خارج وعند وجوده يجرى الامر على حسب مقتضاه كيفما كان وعلى الوجه الأول بل على الثاني أيضا عند فرض تساوي الاحتمالين في الماء المفروض من دون ترجيح يجب الحكم بوجوب التطهر به وكذا بالتيمم لأنه ما لم يتيمم حينئذ لم يحصل العلم بأنه تيمم على تقدير عدم وجدان الماء لجواز أن لا يكون الماء موجود إلا أن يقال الاتفاق حاصل على أن بعد وجوب الطهارة المائية لا يجب التيمم لان هذا الاتفاق ممنوع كيف وهو أول المسألة والوجه الثالث والرابع بعيد مع أخذ المشروط على النحو الأول ضرورة أن المطلق لا يكون أدون من المشروط وعلى الثاني الامر في الطهارة المائية ظاهر على الوجه الأول وعلى الثاني على قياس ما ذكرنا وأما الطهارة الترابية فينبغي أن لا يجب لعدم العلم أو الظن بتحقق شرطها لكن الاحتياط في الاتيان بها سيما مع قطع الأصحاب بوجوبهما مطلقا وعلى الوجهين الآخرين لا يثبت وجوب الطهارة المائية إلا على الوجه الثالث إلا إذا فرض الظن بأن الباقي هو الماء وقد عرفت أيضا عدم ثبوت وجوب التيمم فحينئذ يمكن أن يقال تارة إذا لم يجب الوضوء فيجب التيمم قطعا إذ لا مخرج عنهما اتفاقا و تارة أن لا نسلم ذلك ونقول لم يثبت وجوب شئ من الطهارتين بمقتضى الأوامر الواردة بهما لكن نعلم بالضرورة والاجماع إن ها هنا تكليفا ولا يكون التكليف بالطهارة مطلقا ساقطا فلا بد من الاتيان بهما جميعا تحصيلا اليقين البراءة وتارة أن يقال لا يلزم الاتيان بهما جميعا بل في مثل هذه الصورة يكفي عدم تركهما جميعا الذي يوجب استحقاق العقاب ضرورة كما مر غير مرة في تضاعيف المباحث السابقة فتخيير بين الماء والتراب والاحتياط في الثاني وإن كان في الأخير قوة كما أن في الأول ضعفا وعلى الثالث يجب الحكم بالطهارتين لان وجود شرطهما مشكوك وتوهم أنه على تقدير وجوب المائية لا يجب الترابية قد عرفت بطلانه وعلى الرابع لا يثبت وجوب شئ منهما بمقتضى الأوامر ويجري فيه أيضا الاحتمالات الثلاثة المذكورة وقد عرفت حالها ثمة فها هنا أيضا كذلك وبالجملة الاحتياط على جميع التقادير والاحتمالات في الجمع كما قطع عليه الأصحاب والله الهادي إلى طريق الصواب وأما الحكم الثاني ففيه تفصيل إذ لو فرض أنه يمكن أن يتطهر بأحد المائين ويصلي ثم يغسل أعضاء الطهارة بالماء الاخر ثم يتطهر به ويصلي فحينئذ يحصل له الطهارة والصلاة الصحيحة البتة أما أولا أو ثانيا نعم يفتقر في الصلاة الأخرى إلى غسل الأعضاء مرة أخرى وإذا لم يمكن ذلك فالطهارة بهما لغو عبث وهو ظاهر هذا إذا لم نقل بأن الماء المشتبه بالنجس حكمه حكم النجس ويحرم استعماله وسيجئ الكلام فيه وأما الحكم الثالث فنقول لا يخلو أم أن يتطهر بأحدهما أو بكل منهما فعلى الأول لا شك أنه لا يحصل الطهارة إذ لم يحصل اليقين أو الظن بأنه تطهر بماء مباح كما هو المأمور به (وكون المأمور به هو الطهارة بالماء المباح كأنهم يدعون الاجماع فيه ولولا ذلك لأمكن النزاع فيه وعلى هذا لا يثبت بطلان هذه الطهارة بل ولا بطلان الطهارة بالماء المغصوب بشئ أيضا إلا مع انحصار الماء فيه كما سنشير إليه آخر المبحث) وقد عرفت أنه لا بد منه في الامتثال ومع هذا كأنه فعل حراما أيضا بناء على أنه لا بد من الاحتراز عن التصرف في مال الغير بغير إذنه وهذا الاحتراز إنما يحصل بالاحتراز عن كل من المائين فتصرفه في كل منهما منهي عنه وعلى الثاني فلا شك أنه حرام غير مأمور به لأنه مستلزم للتصرف في الغصب البتة لكن لو فرض أنه فعل ذلك فحينئذ الظاهر أنه يحصل له الطهارة صحيحة وإن فعل حراما لان أحدهما ماء مباح ولا شك أنه قد وقعت الطهارة فيلزم أن يكون صحيحة وأمر النية قد عرفت حاله فإن قلت استعمال كل منهما حرام منهي عنه والنهي في العبادة موجب للفساد قلت لو لم نقل بأن استعمال كل منهما حرام بل إن استعمالهما معا حرام فالامر ظاهر وإن قلنا بحرمته أيضا فالظاهر الحكم بصحة الطهارة إذ كون النهي في العبادة موجبا
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336