يوجد فالامر فيه مشكل وأما قبول شهادة العدل الواحد فقد وجهه العلامة في النهاية بأن الشهادة في الأمور المتعلقة بالعبادة كالرواية والواحد فيها مقبول فيقبل فيما يشبهها من الشهادة وضعفه من الظهور بحال لا يحتاج إلى شاهد وأما قبول قول المالك عدلا كان أو فاسقا فلم أظفر له على حجة وقد يؤيد بما رواه التهذيب في زيادات الجزء الأول من كتاب الصلاة باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان عن إسماعيل بن عيسى قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفرا يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل أيسئل عن زكاته إذا كان البايع مسلما غير عارف قال عليكم أنتم أن تسئلوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسئلوا عنه وجه التأييد إن ظاهره إن قول المشركين يقبل في أموالهم إنها زكية أولا وإلا فلا فائدة للسؤال عنهم وإذا قبل قول المشركين فقول المسلمين بطريق الأولى لكن سند الرواية غير نقي مع أن في الظهور المذكور تأملا أيضا ولا يبعد أن يؤيد أيضا بما رواه متصلا بهذا الخبر في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا (عليه السلام) قال سئلته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لا يدري أزكى هو أم لا ما تقول في الصلاة فيه وهو لا يدري أيصلي فيه قال نعم أنا أشتري الخف من السوق ويصنع لي وأصلي فيه وليس عليكم المسألة إذ فيه إشعار ما بأن المسألة إذ فيه إشعار ما بأن المسألة لها نفع وفيه أيضا تأمل وبالجملة إثبات الحكم بهذين الخبرين مشكل ولا يخفى إن في الحكم أربع صور الاخبار بالطهارة من غير سبق علم بالنجاسة ولا حاجة حينئذ إلى إخباره لان أصل الطهارة كاف في الحكم بها والاخبار بها مع سبق العلم بالنجاسة و حكمه مشكل لما عرفت من عدم دليل تام على القبول مع ما ورد من أن اليقين لا ينقضه إلا يقين مثله والاخبار عن النجاسة بدون سبق العلم بالطهارة والحكم فيه أيضا مشكل لما عرفت من عدم الدليل على القبول مع معارضته لأصل الطهارة والاخبار بها معه والحكم فيه أشكل لانضمام أصل الاستصحاب المذكور أيضا مع أصل الطهارة ثم على تقدير القبول التقييد الذي نقلنا عن بعض من وقوع الاخبار قبل الاستعمال فلا يخلو من قوة وقد يؤيد بما ورد في الاخبار من أن رجلا إذا صلى في ثوب رجل أيا ما ثم صاحب الثوب أخبره بأن ثوبه لا يصلي فيه فلا يعيد شيئا من صلاته لكن فيه إنه يجوز أن يكون عدم الإعادة للجهل والخروج الوقت لا لعدم قبول قول صاحب الثوب هذا والمصنف في الذكرى بعد نقل الخلاف في اعتبار ظن إصابة النجس للماء رجح في غير المستند إلى إخبار عدلين الطهارة ثم حكم باستحباب الاجتناب عند عروض هذا الاشتباه بشرط أن يكون الظن ناشيا عن سبب ظاهر كشهادة العدل وإدمان الخمر واستحسنه صاحب المعالم وقال له وجه وأقله الخروج من خلاف من حكم بالنجاسة في مثله وبما قررنا ظهر عليك حاله وإن الحكم بالاستحباب لا وجه له والخروج عن الخلاف على فرض كونه صالحا لتعليل الاستحباب به لا يعارض الأمور التي ذكرنا وبالجملة ما لم يكن نص في موضع بخصوصه أو مطلقا في مثل تلك الأمور يشكل الحكم بالاستحباب جدا ولا يذهب عليك إنه على تقدير قبول قول العدل في الشهادة بالنجاسة والطهارة واحدا أو اثنين إذا حصل التعارض بين البينتين فقد جعله جمع من الأصحاب من صور الاشتباه الذي نحن فيه وقد ذكروا له صورتين ولا بأس إن نذكرهما ونبين حقيقة الحال فيهما الأولى أن يقع التعارض في إناء واحد بأن يشهد إحدى البينتين بعروض النجاسة له في وقت معين ويشهد الأخرى بعدمه لادعائها ملاحظته في ذلك الوقت والقطع بعدم حصول النجاسة له فيه وللأصحاب فيه أقوال أحدها إلحاقه حينئذ بالمشتبه بالنجس وهو قول العلامة في التذكرة والقواعد وجعله فخر المحققين في الشرح أولى وقواه الشهيد الثاني (ره) في بعض فوايده على ما نقله عنه ابنه (ره) وثانيها العمل ببينة الطهارة لاعتضادها بالأصل حكاه فخر المحققين عن بعض الأصحاب وثالثها الحكم بتساقط البينتين والرجوع إلى أصالة الطهارة ذكره المصنف في البيان وقال إنه قوى بعد أن استقرب الالحاق بالمشتبه بالنجس ونسبه فخر المحققين إلى الشيخ مع القول الذي قبله ورابعها العمل ببينة النجاسة لأنها ناقلة عن حكم الأصل وبينة الطهارة مقررة والناقل أولى من المقرر ولموافقتها الاحتياط ولأنها في معنى الاثبات والطهارة في معنى النفي وهذا القول ينسب إلى ابن إدريس ومال إليه بعض المتأخرين على ما ذكره صاحب المعالم (ره) والظاهر من الأقوال على طريقتهم المعهودة القول الثالث لظهور التعارض بين البينتين من دون مرجح فيحكم بالتساقط والرجوع إلى الأصل وأما القول الأول فلا شاهد له لان الاشتباه الذي يحكم بنجاسة الماء بسبب غايته أنه يحكم به على تقدير اشتباه خاص هو أن يعلم بوقوع النجاسة في أحد الإنائين أما بناء على الاجماع أو على الروايتين لما عرفت من ضعف الوجوه الأخرى وفيما عداه الحكم غير مسلم لعدم تسليم شمول الاجتماع والروايتين له غاية الأمر إن سلمنا قبول قول الشاهد عند عدم التعارض وأما إذا تعارضا وتساقطا فأي وجه حينئذ للحكم باشتباه الماء ثم الحكم بنجاسته بناء عليه فإنا من وراء القدح في المقامين وأما القول الثاني فهو أيضا ضعيف وإن وافقنا في الحكم لكن باعتبار آخر ووجه ضعفه إن القول برجحان قبول إحدى البينتين بمثل هذا الوجه مشكل جدا بل لا بد في المرجح أن يكون أمرا اعتبره الشارع مرجحا أو حكم العقل به قطعا ولاحد أن يرجع هذا القول إلى القول الثالث وحينئذ فلا نزاع وضعف القول الرابع أيضا ظاهر لان الترجيح بالناقلية والمقررية والاثبات والنفي كأنه لا شاهد له يصلح للتعويل والاحتياط ليس مما يقتضي الايجاب والالزام بل غايته الأولوية والرجحان مع أن الاحتياط في بعض الصور في خلافه كما لا يخفى الثانية أن يتعارضا في إنائين بأن يشهد أحديهما بأن النجس هو هذا بعينه والأخرى بأنه الاخر فقد ذهب جمع من الأصحاب إلى أنه يدخل
(٢٨٥)