إن لم يكن مراده بالفضل ما يبقى مما يغتسل به من الحيض ويفهم من ظاهر التهذيب والاستبصار عدم جواز التوضؤ بسؤرها إذا لم يكن مأمونة واحتمل أيضا فيهما استحباب التنزه عنه إذا كانت مأمونة أيضا حجة المبسوط ما رواه الكافي في باب الوضوء من سؤر الحايض في الصحيح ظاهرا عن عيص بن القثم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام هل يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد فقال نعم يفرغان على أيديهما قبل أن يضعا أيديهما في الاناء قال وسئلته عن سؤر الحايض فقال لا يتوضأ منه وتوض من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ثم يغتسل يديهما قبل أن تدخلهما الاناء وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغتسل هو وعايشة في إناء واحد ويغتسلان جميعا وفيه أولا أنه لا يدل على تمام المدعى من كراهة سؤرها مطلقا لأنه مختص بعدم التوضؤ عنه نعم هو حجة لما نقلنا من التهذيب والاستبصار لو لم يكن إطلاقه وثانيا إن هذا الخبر قد روى في التهذيب والاستبصار عن عيص بنحو آخر كما سنذكره وهو يدل على جواز التوضؤ من سؤرها إذا كانت مأمونة والاعتماد وإن كان على ما في الكافي أكثر لكن مثل ذلك الاختلاف مما يورث وهنا في الاحتجاج ولو تمسك بهذا الخبر لما في التهذيب والاستبصار بتقريب أنه يدل على عدم جواز التوضؤ بسؤرها مطلقا خرج ما إذا كانت مأمونة بالروايات التي سنذكرها بل الاجماع ظاهرا فبقي الباقي ففيه ما ذكرنا أخيران النهي في أحاديث أئمتنا (عليهم السلام) شايع في الكراهة مع اعتضاد عدم الحرمة بالأصل والشهرة بين الأصحاب وأيضا في بعض الأخبار التي سنذكرها إشارة إلى استحباب التنزه كما سنشير إليه وما رواه التهذيب في باب المياه وأحكامها في الموثق عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الحايض يشرب من سؤرها ولا يتوضأ منه وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب استعمال فضل وضوء الحايض والجنب وسؤرها وفي الكافي أيضا في الباب المذكور عن الحسين بن أبي العلاء بطريق آخر وأدنى تغيير في المتن إذ فيه قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحايض يشرب من سؤرها قال نعم ولا يتوضأ منه وفيه أيضا عدم الدلالة على تمام المدعى وعند جعله حجة للتهذيب والاستبصار فيه عدم صحة السند واحتمال الحمل على الكراهة لما ذكرنا آنفا وما رواه التهذيب أيضا في هذا الباب عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سؤر الحايض يشرب منه ولا يتوضأ وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في الباب المذكور بعينه من غير تغيير لا في السند ولا في المتن وفي الكافي أيضا في الباب المذكور سابقا بسند آخر عن عنبسة وأدنى تغيير في المتن إذ فيه أشرب من سؤر الحايض ولا تتوضأ منه والكلام فيه أيضا كالكلام في سابقه وأما ما رواه التهذيب أيضا في الباب المذكور عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته هل يتوضأ من فضل الحايض قال لا وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في الباب المذكور بعينه والكلام فيه أيضا كالكلام في سابقه وما رواه الكافي أيضا في الباب المذكور عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أيتوضأ الرجل من فضل المرأة قال إذا كانت تعرف الوضوء ولا يتوضأ من سؤر الحايض وقسه على سابقه أيضا وحجة ما في الكتاب ما رواه التهذيب في الباب المذكور والاستبصار أيضا في الباب المذكور عن عيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سؤر الحايض قال توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل أن تدخلها الاناء وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغتسل هو وعايشة في إناء واحد ويغتسلان جميعا وقد عرفت حال هذا الخبر من الاختلاف في نقله ومع ذلك أيضا لا يدل على تمام المدعى لأنه مخصوص بالوضوء نعم يصلح حجة لما في التهذيب والاستبصار وفيه حينئذ احتمال الحمل على الكراهة مع أنه بهذه الطريق غير صحيح وما رواه التهذيب والاستبصار أيضا في البابين المذكورين عن علي بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يتوضأ بفضل الحايض قال إذا كانت مأمونة فلا بأس وفيه أيضا القدح في السند مع عدم الدلالة على تمام المدعى وعند جعله حجة للتهذيب والاستبصار فيه القدح في السند والحمل على الكراهة وقد يتمسك أيضا لما في الكتاب بأن المراد بالمأمونة المتحفظ من الدم وبالمتهمة ضدها أي التي لا تحفظ ولا تبالي بها ولا ريب أن تطرق ظن النجاسة الذي هو المقتضي للكراهة هنا استظهار للعبادة واحتياطا لها إنما يتأتى مع عدم التحفظ وفيه إن التمسك في طريقتنا بمثل هذه التعليلات مما لا وقع له وحجة احتمال الاستحباب الذي ذكرنا عند التهذيب والاستبصار ما روياه أيضا في البابين المذكورين عن أبي هلال قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) المرأة الطامث اشرب من فضل شرابها ولا أحب أن تتوضأ منه والخبر ضعيف هذا ما يوجد من الروايات في هذا الباب وقد عرفت حال الاحتجاج بها على المذاهب والذي يقتضيه النظر أن يحكم بعدم الكراهة في غير الوضوء من الشرب ونحوه من سؤر الحايض مطلقا سواء كانت مأمونة أولا إذ لم نجد نهيا أصلا في الروايات في غير الوضوء وقد صرح في بعضها بجواز الشرب فالقول بتعميم الكراهة في الاستعمالات مما لا وجه له والتعليل العقلي الذي ذكرنا وإن كان يجري في جميع الاستعمالات لكن ليس بكاف في الحكم الشرعي ثم بعد ذلك هل التوضؤ ليس بجائز إذا لم تكن مأمونة كما هو ظاهر التهذيب والاستبصار أو مطلقا أو مكروه بالقيد المذكور أو مطلقا أما عدم الجواز مطلقا ففيه مع أن الظاهر أنه خلاف الاجماع إن النهي غير ظاهر في الحرمة مع أن الروايات المطلقة التي نقلنا مقيده بالروايتين المقيدتين أعني رواية علي بن يقطين ورواية عيص بن القاسم على ما في التهذيب والاستبصار وهاتان الروايتان ولن لم يصح سندهما لكن الروايات المطلقة كذلك سوى رواية عيص على ما في الكافي وقد عرفت ما فيه من الوهن مع أن في خبر أبي هلال إشارة إلى أن المراد الاستحباب وهو وإن كان ضعيفا لكن لا ريب في تأييده للحمل على الكراهة وأما عدم الجواز مقيدا كما هو الظاهر التهذيب والاستبصار ففيه أيضا مظنة أن يكون مخالفا للاجماع إذ لم ينقل هذا القول أحد في نقل المذاهب
(٢٦٩)