ضعف هذا حاصل ما ذكره العلامة في المختلف ولا يخفى أن طريق الثانية على النحو الذي في التهذيب أيضا غير صحيح لان فيه الحسين بن المبارك وإذ قد عرفت هذا فنقول الظاهر القول بالطهارة لان طريق الكافي إلى سعيد صحيح وطريق الفقيه إليه أيضا قريب من الصحة لان طريقه إليه وإن كان موثقا بعبد الكريم بن عمرو لكن روى النجاشي في كتب سعيد في الصحيح عن صفوان عنه والشيخ (ره) في الفهرست روى جميع كتب صفوان ورواياته عن جماعة عن محمد بن علي بن الحسين في الصحيح عن صفوان والظاهر أن خبر سعيد من كتابه وما ذكره العلامة من أن سعيد إلا أعرف حاله ليس شئ إذ النجاشي وثقه ونقله عن ابن نوح وابن عقده مع أن العلامة نفسه أيضا وثقه في الخلاصة كالنجاشي سواء بسواء والقول بأنه لعله كان شاكا في أن سعيدا الذي ها هنا هو سعيد بن عبد الله الأعرج أيضا بعيد لان الصدوق يقول في مشيخته وما كان فيه عن سعيد الأعرج فقد رويته عن جماعة سماهم عن سعيد بن عبد الله الأعرج فظهر إن سعيد الأعرج هو سعيد بن عبد الله والشك بعد ذلك أيضا غير معقول وكذا ا لقول بأنه لعله لم يعتمد على توثيق ابن نوح وابن عقده وهو ظاهر وبالجملة الاخفاء في قوة طريق هذا الخبر بحيث يصلح للاعتماد ومع ذلك قد تأيد بالخبرين الآخرين وبالشهرة بين الأصحاب رواية وعملا به على ما ذكره المصنف في الذكرى كما نقلنا وعند هذا لا وجه للتوقف في العمل به على تقدير العمل بالاخبار وما أورد على دلالته من احتمال الحمل على الدم الطاهر كما نقلنا عن العلامة كدم السمك وشبهه أو دم لا يعلم أنه أي دم على ما ذكره بعض من أن مثل هذا الدم أيضا حكمه الطهارة فبعيد لفظا وهو ظاهر وأيضا حيث فرق بين المسكر والدم وعلل بأن الدم يأكله النار ولو كان طاهرا لعلل بطهارته ولو قيل بأن الدم الطاهر يحرم أكله فتعليله بأكل النار ليذهب التحريم وإن لم يكن نجسا ففيه إن استهلاكه في الرق أن كفى في حله لم يتوقف على النار وإلا لم يؤثر النار في حله كذا قال الشهيد الثاني (ره) في شرحه للشرايع ولا يبعد أن يقال لعل التعليل بأكل النار لإزالة النفرة التي يحصل للطبع بل يمكن أن يحمل على دم ليس بنجس ولا حرام أيضا كالدم المتخلف ويقال إن التعليل بأكل النار لأجل زوال الاستنكار ثم إن الشهيد الثاني (ره) في شرحه المذكور قال الأولى أن يقال إن هذه الرواية مخالفة للأصل شاذة في حكمها فيطرح لذلك وإن كانت صحيحة انتهى وفيه نظر إذ لم يعلم إن مراده بالأصل ماذا فإن كان مراده به إن الأصل بقاء نجاسة القدر بعد حصولها بملاقاة الدم حتى يثبت المزيل ففيه بعد تسليم حجية هذا الأصل إن المزيل قد ثبت بتلك الرواية الصحيحة المعتمدة المؤيد بالروايتين الأخيرتين والشهرة ولو كان مخالفة مثل هذا الأصل موجبة لطرح الرواية لينبغي أن يطرح أكثر الروايات لمخالفتها لمثل هذا الأصل أو نظيره ولا أقل من أصل البراءة وإن أراد به مقدمة كلية قايلة بأن ما ليس من المطهرات المعهودة المتعارفة ليس مطهرا فأين تلك المقدمة الكلية وعلى تقدير وجودها أي مانع من أن يخصص تلك الروايات على ما يخصص ساير العمومات النقلية بمخصصاتها الصالح للتخصيص وإن أراد به إن أكثر أفراد المضاف النجس لا يطهر بمثل ذلك فيغلب على الظن عدم طهر هذا أيضا بذلك فيكون الأصل بمعنى الراجح المظنون ففساده أظهر من أن يخفى وكذا مراده بالشذوذ وإن كان الشذوذ في نقلها فليس كذلك إذ هي موجودة في الفقيه والكافي و يوجد الخبر بمضمونها أيضا في الكافي والتهذيب والاستبصار والظاهر وجوده في الأصول إذ كتاب سعيد من الأصول ظاهرا وإن كان الشذوذ في حكم الأصحاب فالمتحقق خلافه على ما نقلنا من المصنف في الذكرى من أن المشهور الحكم بالطهارة وكذا ما ذكره في هذا الكتاب وإن أراد أنه حكم شاذ حيث لم يوجد في الاحكام تطهير المضاف بمثل هذا فإن أراد أنه لم يوجد مطلقا فهو أول النزاع وإن أراد أن الغالب ليس كذلك فلا حكم للغالب مع وجود الرواية الغالبة عليه وبالجملة طرح هذه الروايات بمثل هذه الوجوه مما لا وجه له نعم لو كان عمل الأصحاب سيما القدماء منهم أما جميعا أو أكثريا على خلاف رواية معتمدة فلا يبعد حينئذ ترك العمل بها إذ في ترك الأصحاب العمل فيها مظنة وقوع أمر فيها إذ هم سيما القدماء أعرف بحقيقة الاحكام والأحوال الصادرة عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم ومع تطرق مثل هذا الوهن إليها الحكم ببقاء قوتها وحجيتها مشكل كما لا يخفى والحاصل إن الظاهر على ما ذكرنا القول بطهارة المرق المذكورة بالغليان كما تبين وجهه وأما الوجه الذي نقلنا عن ابن براج من قوله ولأن اللحم لا يكاد يعرى عنه الخ وعن الذكرى أيضا من قوله وبجريانه مجرى دم اللحم إلى آخر إذ الظاهر أنه معطوف على قوله لتخبر عن الصادق وتعليل الحكم بالطهارة فليس بوجه بل هو قريب من القياس المعمول عند العامة هذا ثم ينبغي التنبيه لأمور الأول أنه هل يعتبر القلة على ما اختاره الشيخ (ره) أولا كما يظهر من المقنعة الظاهر لا إذ الخبر الصحيح فيه الأوقية وهي ليست بقليلة ولا خبر الاخر وإن كان فيه في كلام السايل وإن قطر فيه دم المشعر بالقلة لكن العبرة بكلام الإمام (عليه السلام) وفيه الدم يأكله النار الظاهر في الاطلاق والعموم وعلى تقدير تسليم حمل اللام على العهد أي الدم الذي في كلام السائل فليس بضار إذ التخصيص في الجواب بالدم الذي في السؤال ليكون على طبقة لا يدل على نفي الحكم عما عده ليكون معارضا للخبر الأول مع أنه لا يصلح لان يكون معارضا له لعدم صحته على أنه من قبيل معارضة المفهوم بالمنطوق نعم لو خص الحكم بمثل الأوقية لم يكن بعيدا إذ الزايد عليها إلا دليل عليه إلا أن يقال إن الأوقية في كلام السايل وكلام الإمام (عليه السلام) إن النار يأكل الدم الظاهر في الاطلاق أو العموم إلا أن يحكم برجحان العهد وبالجملة الحكم في الأوقية وما دونها مما لاخفاء فيه ولو كان مراد الشيخ (ره) بالقلة مقدار الأوقية فما دونها فنعم الوفاق الثاني إن الاحتياط في الاجتناب الذي ذكره المصنف كيف حاله فنقول على ما قررنا من ظهور طهارته الاجتناب عنه
(٢٦٣)