اغتسل مرتمسا طهر بدنه من الحدث ونجس بالخبث وإن اغتسل مرتبا أجزئه غسل ما غسله قبل وصول الماء إلى البئر إن كان خارجا عن الماء وإلا فما قارن به النية خاصه ولا دليل له على هذا التفصيل واعترض عليه الشهيد الثاني (ره) في صورة الترتيب بأن الحكم معلق على الاغتسال ولا يتحقق إلا بالاكمال وهو أيضا مشارك له في عدم الدليل كما ظهر مما سبق وخلاصة الكلام في هذا المقام أنه على القول بعدم نجاسة البئر بالملاقاة واستحباب النزح لا خفاء في أن بمجرد دخول الجنب في البئر وكذا باغتساله سواء كان على بدنه نجاسة أم لا لا ينجس البئر نعم يستحب النزح وأما غسله فالظاهر أيضا صحته لعدم دليل تام على خلافه كما مر وأما خروج البئر عن المطهرية فسيعلم حاله إنشاء الله تعالى في بحث الماء المستعمل وأما على القول بنجاستها بالملاقاة ووجوب النزح فإن كان على بدنه مني فلا يبعد القول حينئذ بالاكتفاء بنزح سبع وإن كان الأولى نزح الأربعين والاحتياط في نزح الجميع ولو اغتسل في هذه الحالة فيكون ما غسله قبل وصول المني إلى الماء مجزيا وما بعده فاسدا وإن لم يكن على بدنه مني فإن لم يغتسل فلا يبعد القول بعدم وجوب النزح والأولى النزح سيما مع الارتماس ولو اغتسل فحينئذ أيضا لو لم نقل بوجوب النزح لم يكن بعيدا سواء ارتمس أو لا لان وجوب النزح في مواضع أخرى عند ملاقاة النجاسة لا يستلزم وجوبه ها هنا أيضا والأوامر لا ظهور لها في الوجوب فيمكن حملها على الاستحباب خصوصا مع منافاتها في الجملة للقواعد المقررة لكن الأولى أن ينزح وأما نجاسة ماء البئر أو زوال طهوريته فالظاهر عدمهما سيما الأول سواء ارتمس أولا وسواء تم الغسل أو لا والظاهر أيضا صحة غسله والاحتياط في عدم استعماله حتى ينزح وفي إعادة الغسل والله تعالى أعلم (وللفارة مع التفسخ والانتفاخ) المراد بالتفسخ تفرق الاجزاء والقول بوجوب السبع مع التفسخ أو الانتفاخ والثلاث بدونهما قول المفيد في المقنعة ونسب الجزء الأول في المعتبر إلى أبي الصلاح وسلار أيضا والشيخ أيضا في المبسوط والنهاية حكم بهذا التفصيل ولكن لم يذكر الانتفاخ وقال المرتضى (ره) في المصباح في الفارة سبع وقد روى ثلاث وقال الصدوق في الفقيه وإن وقع فيها فارة فدلو واحدة وإن تفسخت فسبع دلاء حجة المفيد الجمع بين الروايات المتضمنة لنزح السبع للفارة مطلقا وهي صحيحة أبي أسامة وأبي يوسف المتقدمة في بحث نجاسة البئر وموثقة سماعة ورواية علي المتقدمتان في بحث الكلب وشبهه ورواية عمرو بن سعيد بن هلال المتقدمة في بحث الحمار والفرس ورواية أبي بصير المتقدمة المنقولة عن الكافي في بحث الكلب وصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة بحث وقوع الخمر وما رواه التهذيب في باب تطهير المياه في الصحيح عن منصور قال حدثني عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ينزح سبع دلاء إذا بال فيها الصبي أو وقعت فيه فأره أو نحوها وبين ما رواه التهذيب فالباب المذكور والاستبصار في باب البئر تقع فيه الفارة في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفارة والوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلاث دلاء وروياه أيضا في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله واستشهد لهذا الجمع بما روياه في البابين المذكورين عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن الفارة تقع في البئر فقال إذا خرجت فلا بأس وإن تفسخت فسبع دلاء وكذا استشهد بصحيحة أبي أسامة المتقدمة في بحث الكلب المتضمنة لنزح خمس دلاء ما لم يتفسخ فإنها تدل على أنه مع التفسخ لا يكفي ثلاث دلاء ولا خمس فثبت وجوب السبع إذ لم يقل أحد بالزيادة عليه وبقي التعارض بينها وبين روايتي الثلاث في صورة عدم التفسخ فيحمل الخمس على الاستحباب جمعا وأما صحيحة الفضلاء ورواية الفضل المتقدمتان في بحث الفرس وصحيحة علي بن يقطين المتقدمة في بحث نجاسة البئر المتضمنة جمعا لنزح الدلاء للفارة مطلقا فأمرها سهل لحمل الدلاء أما على الثلاثة ويقيد بعدم التفسخ أو السبعة ويقيد به أو يكون مطلقة شاملة لهما وأما ما روياه في البابين المذكورين عن خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن الفارة تقع في البئر قال إذا ماتت ولم تنتن فأربعين دلوا وإذا تفسخت فيه ونتنت نزح الماء كله فمحمول على الاستحباب لعدم القول به ظاهرا مع عدم سنده ومعارضته بالاخبار الكثيرة السابقة وكذا موثقة عمار المتقدمة في بحث خبث الكلب المتضمنة لنزح الجميع للفارة محمولة على الاستحباب أو على التغير لما ذكر بعينه ولا يخفى أن في الروايات المتقدمة لم يذكر الانتفاخ بل التفسخ والتسلخ فإلحاق الانتفاخ بالتفسخ مشكل والأولى الاقتصار على التفسخ كما فعله الشيخ وتبعه المعتبر قال في المعتبر وقال بعض المتأخرين حد تفسخها انتفاخها وهو غلط انتهى والمراد بالبعض ابن إدريس (ره) ولا يبعد إلحاق التسلخ بالتفسخ لوروده في رواية أبي سعيد لكن نسخ التهذيب فيه مختلفة كما ذكرنا والمحقق أيضا نقلها بلفظ التفسخ فتخصيص روايتي الثلاث بما عدا التسلخ أيضا مشكل بمجرد هذه الرواية سيما مع اعتضادهما بالأصل وعدم قول أحد من الأصحاب به ظاهرا وبما ذكرنا ظهر وجه احتجاج الشيخ وكذا ما ذكره الصدوق في التفسخ وأما اكتفاؤه بالواحدة بدونه فلم نقف له على مستند وأما المرتضى (ره) فكأنه اقتصر على السبع مطلقا لورود الروايات الكثيرة به فكأنها تواترت عنده ومعارضها لم يصل إلى هذا الحد وللاجماع على عدم الزيادة عليه ولم يتحقق على ما دونه فوقف عليه ودفعه ظاهر والاحتياط في نزح سبع دلاء مع التفسخ وخمس مع عدمه وتمام الاحتياط في السبع فيه أيضا ولو نزح الجميع لكان أتم (ولخروج الكلب حيا) ذهب إليه أكثر الأصحاب وأوجب ابن إدريس أربعين وأطلق القول في الفقيه بوجوب ثلاثين إلى أربعين في الكلب ولم
(٢٣٤)