مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٣١
إن الخبر دل بعمومه على وجوب أربعين دلوا للبول مطلقا وهو شامل للكافر فظهر أنه لا يجب نزح الجميع بسبب وقوع ما لاقى بدنه في البئر وإلا لا معنى لوجوب نزح الأربعين بعده فبقي أما أن يكون يجب أربعون أو ثلاثون إذ لا خارج عنهما لو لم ندع ظهور الخبر في عدم وجوب نزح شئ آخر كما ادعاه المحقق في المسألة السابقة وسنبين بعد ذلك إنشاء الله إن النجاسات يتداخل فظهر وجوب الأربعين فقط نعم يشكل على القائلين بعدم التداخل كالمحقق (ره) إلا أن يتمسك بالدعوى المذكورة واحتمل بعض آخر من المتأخرين الفرق في العذرة نظرا إلى زيادة نجاسة عذرة الكافر بمجاورته وجزم في البول بعدم الفرق لعموم لفظ الرجل وفيه من التعجب ما لا يخفى وثلاثين لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلاب هذا هو المشهور بين الأصحاب ومستنده ما رواه التهذيب في زيادات باب المياه والاستبصار في باب البئر يقع فيها العذرة والفقيه في باب المياه عن كردويه قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول والعذرة وأبوال الدواب وأرواثها وخرء الكلاب قال ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت منجزة وفي الفقيه بدل المطر الطريق وقد استشكل في هذا الخبر بأن ترك الاستفصال عن النجاسات المذكورة يقتضي تساوي جميع محتملاتها في الحكم فيستوي حال العذرة رطبة ويابسة وحال البول إذا كان بول رجل أو غيره وقد حكموا بنزح خمسين للعذرة الرطبة وأربعين لبول الرجل مع انفراد كل منهما فكيف يجزي بالثلاثين مع انضمام أحدهما إلى الاخر وانضمام غيرهما إليهما وهو مقتض لزيادة النجاسة وأجيب عنه بالحمل على استهلاك ماء المطر لأعيان النجاسات ولا بعد في أن يكون ماء النجاسة أخف منها ورد بأنه على تقدير الاستهلاك لا يبقى فرق بين ماء المطر وغيره وقد فرقوا مع أن لفظ الرواية ظاهر في كون الأعيان باقية موجودة فالأولى إبقاء الرواية على إطلاقها وعدم الالتفات إلى مثل هذا الاشكال فإنه استبعاد غير مسموع بعد قيام الدليل خصوصا في أحكام البئر فإن الفرق بين المتماثل والجمع بين المتباين فيها كثير مع أنه يمكن تخفيف نجاستها بماء المطر قال صاحب المعالم (ره) وهذا الكلام إنما يتوجه إذا كان دليل الحكم ناهضا بإثباته وليس لأمر كذلك ها هنا فإن راوي هذا الحديث أعني كردويه مجهول الحال إذ لم يتعرض له الأصحاب في كتب الرجال انتهى ولا يخفى أنه وإن كان مجهول الحال لكن قبول الأصحاب لروايته والعمل بها من غير راد لها ظاهرا يجبر ضعفه سيما إن المعتمد في وجوب الخمسين والأربعين للعذرة والبول إنما هو الشهرة بين الأصحاب وأما الاخبار فقد عرفت حالها وحينئذ فالشهرة كافية في إخراج خصوص هذا الفرد سيما مع معاضدة أصالة البراءة وبالجملة الحكم كأنه ظاهر والله أعلم ولا يذهب عليك إن الخبر على ما في الفقيه غير مختص ظاهرا بماء المطر لكن لما كان في الكتابين لفظ المطر والأصحاب أيضا خصوا به فالظاهر عدم التعدي منه ثم الظاهر أن ماء المطر إذا خالطه بعض من المذكورات يكون حكمه أيضا كذلك بالطريق الأولى أما إذا زاد عليها شئ أو بدل بعضها بشئ فالتعدي مشكل واعلم إن المصنف (ره) ذكر في شرح الارشاد أنه وجد بخط الشيخ في الاستبصار مبخرة بضم الميم وسكون الباء وكسر الخاء معناها المنتنة ويروى بفتح الميم والخاء موضع النتن ولا يخفى أن في الخبر إشكالا آخر من حيث إن ظاهره الاكتفاء بالثلاثين وإن كان النتن باقيا وفيه إشكال لمنافاته للروايات الكثيرة الدالة على وجوب النزح حتى يذهب النتن بل للاجماع ظاهرا فينبغي أن يقيد بما إذا ذهب النتن بالثلاثين ويكون فايدة الوصل أن لا يتوهم وجوب نزح الجميع عند حصول النتن وإن زال النتن بما دونه والله أعلم (وقطرة نبيذ مسكر في رواية كردويه) قد تقدم الرواية (وعشرين لقطرة الخمر عند الصدوق وللدم ولحم الخنزير في رواية زرارة لغاية الدم عند المرتضى والمبدء دلو وعشر ليابس العذرة وقليل الدم وتسع أو عشر للشاة عند الصدوق) قد تقدم القول في جميع ذلك مشروحا (وسبع لموت الطير) هذا هو المعروف بين الأصحاب ويفهم من ظاهر الاستبصار جواز الاكتفاء بالثلاث ويدل على المشهور موثقة أبي أسامة وأبي يوسف يعقوب بن عيثم المتقدمة في بحث نجاسة البئر وموثقة سماعة ورواية علي المتقدمتان في بحث وقوع الكلب وشبهه ويعارضها أخبار أخرى مثل صحيحة أبي أسامة المذكورة في بحث الكلب المتضمنة لخمس دلاء ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء وصحيحة الفضلاء ورواية الفضل المتقدمتان في بحث الفرس المتضمنتان النزح الدلاء وصحيحة علي بن يقطين المتقدمة في بحث نجاسة البئر المتضمنة لنزح الدلاء للدجاجة والحمامة ورواية إسحاق بن عمار المتقدمة في بحث وقوع الشاة المتضمنة للدلوين أو ثلاثة وقد جمع في الاستبصار بين رواية علي ورواية إسحاق بحمل رواية علي على الاستحباب أو على التفسخ ولا ولا يخفى أنه لو كان الدال على السبع منحصرا في رواية علي لكان لهذا الجمع وجه لعدم صحة المستند فيهما جميعا لكن قد عرفت وجود روايتين أخريين مع قوة سندهما سيما موثقة أبي أسامة فإنها في حكم الصحيح لان توثيقه بابان وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وحينئذ ارتكاب التأويل في هذه الروايات بمجرد ضعيفة إسحاق لا وجه له ولو قيل أنه ليس بتأويل إذ ظهورها في الوجوب ممنوع فينهدم بنيان القول بوجوب النزح مطلقا لكن لما كان طريقتهم رحمهم الله غير ما هو المعروف في زماننا في اصطلاح الصحيح وأخواته فلعل هذه الرواية كانت معتبرة عندهم بالقرائن ثم الظاهر على اصطلاح هذا العصر العمل بصحيحة أبي أسامة المتضمنة للخمر وحمل الروايات المتضمنة للدلاء عليها وحمل السبع على الاستحباب أو التفسخ وطرح رواية إسحاق لضعفها ويمكن أيضا الاكتفاء بالثلاثة نظرا إلى روايات الدلاء وحمل الزايد عليها على الاستحباب والأول أولى والأحوط نزح السبع (واغتسال الجنب) هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال ابن إدريس لارتماس الجنب وهو الظاهر من كلام الشيخين ولا يفهم منه
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336