الفرس والبقرة في قسم ما لم يتناوله نص على الخصوص انتهى وما ذكره جيد سوى إن إدخالهما في قسم ما لا نص فيه مشكل أما البقرة فلان صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة في بحث وقوع الخمر متناولة لها صريحا حيث فيها ثورا ونحوه إلا أن يقال وجود نحوه غير معلوم لخلو الاستبصار عنه وهو مما يضعف الاعتماد وكذا يشملهما صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة في بحث نجاسة البئر المتضمنة لنزح عشرين للميتة إذا كان له ريح حيث يدل على كفاية العشرين مع عدم الريح بطريق الأولى وكذا يشملهما رواية زرارة المتقدمة في بحث وقوع الخمر المنضمة للميت بعمومها إلا أن يقال لا عبرة بها لعدم صحة مستندها مع عدم عمل الأصحاب بمضمونها وكذا يشملهما ما رواه التهذيب في باب تطهير المياه والاستبصار في باب البئر يقع فيها الكلب في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي جعفر (عليه السلام) في البئر يقع فيها الدابة والفارة والكلب والطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم إشرب و توضأ وكذا ما رواه في البابين عن أبي العباس الفضل البقباق قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) في البئر يقع فيها الفارة أو الدابة أو الكلب أو الطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم يشرب منه ويتوضأ إلا أن يمنع شمول الدابة للبقرة ويقال إنها مختصة بالفرس كما ذكره بعض أو بكل ما يركب كما في الصحاح ويقال المراد ما يركب في العادة والبقرة ليست كذلك وأما الفرس فاندراجه في الأخيرتين ظاهرا على أي معنى من المعاني اللغوية أو العرفية حملت الدابة كانت شاملة للفرس وكذا في الثانية وبما ذكرنا ظهر أنه لا يبعد الاكتفاء في الفرس بالدلاء وإن روعي مع ذلك عدة العشرين ليتحقق العمل بمقتضى رواية محمد وزرارة أيضا لكان أحسن ومراعاة الكر أخذا بالشهرة أحوط وأما البقرة فالظاهر أن يكتفي فيها بنزح الكر إذا كان عشرين دلوا إذ حينئذ يتحقق العمل بمقتضى الروايات الثلاث الأخيرة والشهرة وصحيحة عبد الله ليست بصريحة في نقيضه أما أولا فلتطرق الشك في وجود نحوه وأما ثانيا فلامكان الحمل على الفضيلة كما نقلنا سابقا من قاعدة الجمع بين روايات النزح من بعض الأصحاب وهو المحقق (ره) والاحتياط في نزح الجميع ليتحقق العمل بهذه الصحيحة أيضا واعلم إن العلامة (ره) في المنتهى بعد أن أثبت نزح الكر للحمار برواية عمرو بن سعيد المتقدمة قال وأما البقرة والفرس فقد قال الشيخ (ره) والسيد المرتضى والمفيد بمساواتهما للحمار في الكر ولم أقف في ذلك على حديث إلا ما رواه الشيخ في الصحيح ونقل صحيحة الفضلاء المتقدمة ثم قال قال صاحب الصحاح الدابة اسم لكل ما يدب على الأرض والدابة اسم لكل ما يركب فنقول لا يمكن حمله على المعنى الأول وإلا لعم وهو باطل لما يأتي فيجب حمله على الثاني فنقول الألف واللام في الدابة ليست للعهد لعدم سبق معهود يرجع إليه فأما أن يكون للعموم كما ذهب الجبائيان أو لتعريف الماهية على المذهب الحق وعلى التقديرين يلزم العموم في كل مركوب أما الأول فظاهر وأما الثاني فلان تعليق الحكم على الماهية يستدعي ثبوته في جميع صور وجودها وإلا لم يكن علة هذا خلف وإذا ثبت العموم دخل فيه الحمار والفرس والبغال والإبل والبقر غير إن الإبل والثور خرجا بما دل بمنطوقه على نزح الجميع فيكون الحكم ثابتا في الباقي فإن قلت يلزم التسوية بين ما عدده الامامان (عليه السلام) قلت خرج ما استثنى لدليل مفضل فيبقى الباقي لعدم المعارض وأيضا التسوية حاصلة من حيث الحكم بوجوب نزح الدلاء وإن افترقت بالكثرة والقلة وذلك شئ لم يتعرضا له إلا أن لقايل أن يقول ما ذكرتموه لا يدل على بلوغ الكرية ويمكن التمحل بأن يحمل الدلاء على ما يبلغ الكر جمعا بين المطلق و المقيد خصوصا مع الاتيان بصيغة جمع الكثرة لا يقال إن حمل الجمع على الكثرة استحال إرادة القلة منه وإلا لزم الجمع بين إرادتي الحقيقة والمجاز وإن حمل على القلة فكذلك لأنا نقول لا نسلم استحالة التالي سلمناه لكن إن حمل على معناه المجازي وهو مطلق الجمع يلزم ما ذكرتم على أن لنا في كون الصيغ المذكورة حقايق أو مجازات في القلة والكثرة نظرا وبعض المتأخرين استدل بهذه الرواية على وجوب النزح للحمار دون الفرس والبقر وألحقهما بما لم يرد فيه نص وقد ظهر بطلانه وقد روى مثل هذه الرواية البقباق عن أبي عبد الله (عليه السلام) انتهى واعترض عليه صاحب المعالم (ره) بأنا إذا سلمنا إرادة المركوب من لفظ الدابة وإن التعريف فيها يفيد العموم فلا ريب إن ظاهر الحديث استواء جميع ما تضمنه السؤال في مقدار النزح لا في أصله وحينئذ فالعدول عنه في بعض ذلك إلى القول بخلاف ما دل عليه يقتضي قصر الجواب على بعض ما تضمنه السؤال من غير قرينة ولا بيان حاله ولا يخفى سلمنا ولكن من أين يعلم إن المراد بالدلاء ما يبلغ الكر ولو دل على ذلك دليل لم يكن لارتكاب هذا الشطط أوجه من البين إن الداعي إلى تجشم هذه الحجة عدم الدليل على الحكم وما ذكره حسن سوى قوله وحينئذ فالعدول عنه إلى آخره لما عرفت سابقا من أنه لو صح هذا لا نسد باب التخصيص لكن ألحق إن ارتكاب التخصيص في هذه الرواية أشد مخالفة للظاهر من حمل الروايات المعارضة لها على الفضيلة والاستحباب فالظاهر حملها على ظاهره المعارضات على الفضيلة والحكم بكافية نزح الدلاء لجميع ما تضمنه لكن الشهرة بين الأصحاب مما يزاحمه ويمانعه ثم لا يخفى أنه لا حاجة للعلامة (ره) في هذا الاستدلال إلى نفي كون الدابة بالمعنى الأول إذ لو كانت بالمعنى الأول أيضا فلا يضره غايته إنه خرج بعض الأشياء بالدليل المنفصل عن الحكم فيبقى الباقي وهو لا يتحاشى عنه كما صرح به وعلى هذا المنع الذي ذكره صاحب المعالم (ره) أولا مما لا يضر بالمقصود واعلم إن مراد العلامة (ره) بهذه الرواية في أواخر كلامه رواية عمرو بن سعيد فتدبر (وسبعين دلوا للانسان) هذا مما اتفق عليه القايلون بالنجاسة كما في المعتبر والمنتهى ومستنده ما رواه التهذيب في باب تطهير المياه
(٢٢٣)