وهو قول بعض الأصحاب ونسب إلى المحقق أيضا ولا وجه له الثامن نزح الامرين مما يزول معه التغير ويستوفي به المقدر إن كان هناك مقدر وإلا اكتفى بزوال التغير ذهب إليه بعض المتأخرين واختاره صاحب المعالم وهو الظاهر على القول بالانفعال واعلم إن مختار الذكرى أما أن يكون راجعا في الحقيقة إلى هذا القول أو القول الخامس كما لا يخفى فليس قولا على حدة وإن لم يقل بالانفعال لكن قيل بوجوب النزح فلم أظفر على تصريح من الأصحاب فيه وما تقتضيه ظاهرا النظر إجراء هذه الاحتمالات فيه أيضا وإذ قد تقرر هذا فلنشرع في ذكر الأدلة على المذاهب أما حجة القائلين بعدم الانفعال في الاكتفاء بزوال التغير فروايات منها صحيحة ابن بزيع المتقدمة في بحث نجاسة البئر ومنها صحيحة أبي أسامة المتقدمة في بحث وقوع الكلب وشبهه ومنها موثقة سماعة المتقدمة في ذلك البحث أيضا ومنها رواية زرارة المتقدمة في بحث وقوع الخمر وأما ما يعارضها من صحيحة معاوية المتقدمة في بحث نجاسة البئر حيث قال (عليه السلام) فلن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر وهو ظاهر في نزح الجميع وصحيحة أبي مريم المتقدمة في بحث الكلب وموثقة عمار المتقدمة في ذلك البحث أيضا ورواية أبي خديجة المتقدمة في بحث الفارة فالجواب عن الجميع بحملها على الاستحباب لا ظهور لها في الوجوب ولو سلم الظهور فليحمل عليه أيضا للجمع أو يحمل على ما لم يزل التغير ما لم ينزح الجميع مع إمكان المناقشة في ظهور صحيحة معاوية في نزح الجميع بل صحيحة أبي مريم أيضا على أنه ليس في صحيحة أبي مريم وموثقة عمار حكاية التغير بل حكم بنزح الجميع مطلقا وإنما حملها القوم على التغير جمعا بينهما وبين الروايات الأخر التي تدل على وجوب قدر خاص كما سبق وحينئذ فتخصيصهما بصوره التغير ليس بأولى من حملهما على المجاز مع أن رواية أبي خديجة لم يحمل الجزء الأول منها على الوجوب اتفاقا فالظاهر أن الجزء الثاني أيضا كذلك وأما صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة في بحث وقوع الجنب في الماء حيث يدل ظاهرا على الاكتفاء بنزح عشرين إن كان للبئر ريح فمحمولة على زوال التغير بنزح عشرين جمعا بين الروايات مع أنه انعقد الاجماع على خلاف ظاهره وكذا الحال في رواية كردويه المتقدمة في بحث وقوع ماء المطر المخالط للنجاسات وقس عليه الحال في صحيحة علي بن جعفر المتضمنة لوقوع الشاة المذبوحة في البئر وأما حجة القول الأول من القائلين بالانفعال أما في نزح الجميع مع عدم التعذر فالمعارضات المذكورة ها هنا وأما في التراوح مع التعذر فلانه قايم مقام نزح الجميع فيما يكون واجبا مع تعذره وعليه رواية سيجئ إنشاء الله تعالى في البحث الآتي وقد ظهر بما ذكر جواب المعارضات وسيجئ ما في الرواية واحتج أيضا بأنه ماء محكوم بنجاسته فيجب إخراجه أجمع وفيه أن بعد ورود النص بتطهيره بالنزح حتى يزول التغير لا مجال لهذا القول وأما حجة القول الثاني فإن كان مراد القائلين به الاحتمال الأول فحجته إطلاق الروايات المتقدمة في احتجاج القايلين بعدم الانفعال ويرد عليها أنها مخصصة بالروايات الدالة على نزح أقدار مخصوصة مما تقدم توضيحه إن بين هذه الروايات والروايات المذكورة عموما من وجه ولا معنى لحمل روايات التقدير على هذه الروايات إذ لا يجوز أن ينقص قدر النزح مع التغير فتعين حمل هذه الروايات عليها فلم يبق عمومها وإن كان مرادهم الاحتمال الثاني فحجته في صورة ما لم يكن له مقدر العمومات المذكورة ودلالتها ظاهرة وأما في ما يكون له مقدر فسيجئ حجته في القول السابع وإن كان مرادهم الاحتمال الأخير فيرجع إلى القول الثامن وسنذكر دليله إنشاء الله تعالى وأما القول الثالث فإن كان المراد منه الاحتمال الأول فحجته الجمع بين الروايات المذكورة الدالة على نزح الجميع والروايات الدالة على نزح ما يزيل التغير بحمل الأولى على صورة الامكان والثاني على التعذر وفيه أن طريق الجمع غير منحصر فيما ذكر بل يحتمل وجهين آخرين مما ذكرنا مع أنهما أولى منه أما الاستحباب فلما عرفت إن ليس فيه خلاف ظاهر وأما الثاني فلانه يلزم حينئذ تخصيص واحد في روايات الاكتفاء بما يزيل التغير وعلى ما ذكر تخصيصان بيانه أنه ظهر مما ذكرنا أنه لا بد من تخصيص هذه الروايات بما إذا استوفى المقدر مع زوال التغير فلو جمع بين الروايات بحمل روايات نزح الجميع على ما إذا لم يحصل الزوال بدونه فلم يحصل تخصيص آخر في الروايات المذكورة وأما إذا جمع بينهما بما ذكر فيلزم تخصيص آخر بصورة التعذر ولا شك إن تقليل التخصيص أولى وإن كان المراد الاحتمال الثاني فسيجئ وجهه وإن كان الاحتمال الثالث فهو القول السادس وسنذكر حجته إنشاء الله تعالى وأما القول الرابع فقد عرفت أنه ليس قولا على حدة وأما القول الخامس فحجته في وجوب أكثر الامرين فيما له مقدر قد ظهر مما سبق وأما حجته في وجوب نزح الجميع أو التراوح فيما ليس له مقدر وكأنها أنها مما لا نص فيه ومذهبهم أن فيما لا نص فيه يجب نزح الجميع مع عدم التغير ففي التغير بالطريق الأولى وبدلية التراوح له في صورة التعذر قد مر وجهه ويرد عليها أنه لا نسلم وجوب نزح الجميع فيما لا نص فيه مع عدم التغير وقد مر تفصيل القول فيه وأما القول السادس فحجته مركبة من الحجة المذكورة للقول الثالث وما ذكر من وجه وجوب استيفاء المقدر و قد ظهر دفعها مما سبق وأما احتمال كلام المعتبر فوجهه الجمع بين الروايات وبعض ما سيجئ في القول السابع وأما الجمع فقد ظهر دفعه وأما ما سيجئ فسيجئ أيضا دفعه وأما القول السابع فحجته فيما له مقدران وقوع النجاسة ذات المقدر موجب لنزحه بمجرده فإذا انضم إليه التغير الموجب لنزح ما يزول به صارا سببين ولا منافاة بينهما فيعمل كل منهما عمله وتقديم مزيل التغير لكون الجمع بين الامرين لا يتم إلا به وفيما لا مقدر له ما ذكر في الخامس والجواب عن الأول أنا سنبين إنشاء الله تعالى إن النجاسات تتداخل وعن الثاني قد مر وأجاب عنه صاحب المعالم إن صحيحة ابن بزيع ظاهر في الاكتفاء في حصول الطهارة بزوال التغير ونفي الزايد عنه وكذا
(٢٣٩)