والله أعلم وأما وجوب أربعين لبول الرجل فهو مذهب الخمسة واتباعهم واستدل عليه بما رواه التهذيب في الباب المذكور والاستبصار في باب بول الصبي تقع في البئر عن علي أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن بول الصبي العظيم يقع في البئر فقال دلو واحد قلت بول الرجل قال ينزح منها أربعون دلوا و قد عارضه أخبار منها صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة في بحث وقوع الخمر المتضمنة لنزح الجميع عند صب البول ويجاب بحملها على الاستحباب ويشكل مع الحمل في قرينة من الخمر على الوجوب وعلى التغير ومنها مكاتبة ابن بزيع المتقدمة في بحث نجاسة البئر المتضمنة لنزح دلاء لقطرات البول ومنها رواية كردويه المتقدمة في بحث صب الخمر المتضمنة ثلاثين لقطرة البول ومنها رواية كردويه أيضا الآتية في بحث وقوع ماء المطر والجواب عن الأخيرة ظاهر لأنها مختصة بالبول المختلط بماء المطر والرواية الأخرى منه أيضا يمكن القدح فيها باعتبار السند وأما المكاتبة فقوية واستقرب العلامة في المنتهى العمل بها لكنه حمل الدلاء فيها على ثلاثين لرواية كردويه وفيه ما لا يخفى والمحقق في المعتبر بعد إن استدل برواية علي بن أبي حمزة وأورد معارضاتها من صحيحة معاوية وروايتي كردويه قال والترجيح لجانب الأولى لاشتهارها في العمل وشذوذ غيرها بين المفتين لا يقال علي بن أبي حمزة واقفي لأنا نقول تغيره إنما هو في زمن موت موسى (عليه السلام) فلا يقدح فيما قبله على أن هذا الوهن لو كان حاصلا وقت الاخذ عنه لانجبرت بعمل الأصحاب وفتواهم بها انتهى واعترض عليه صاحب المعالم بقوله وفيما قاله نظر واضح لان حال الشهرة معلوم وظاهره في كثير من المواضع عدم اعتبارها كما سبق التنبيه عليها وقوله ابن أبي حمزة إنما تغير في زمن موسى (عليه السلام) إلى آخره عجيب إذ ليس الاعتبار في عدالة الراوي بحال التحمل بل بزمان الرواية وكيف يعلم بمجرد إسنادها إلى الصادق (عليه السلام) إن روايته بها وقعت قبل تغيره وما هذا إلا محض التوهم مع أن الجزم بإرادة ابن أبي حمزة البطائني الذي هو واقفي لا وجه له الاشتراك الاسم بينه وبين أبي حمزة الثمالي وأي قرينة واضحة على التميز والثمالي حكى الكشي عن حمدويه بن نصير يوثقه انتهى وفي إيراده الأول ما مر من أنه لا ظهور في عدم اعتباره (ره) مثل هذه الشهرة والثاني موجه وأما الثالث فليس بشئ إذ لم يعلم أن المحقق (ره) جزم بأنه البطائني بل لما كان مشتركا بينه وبين الثمالي والضعف إنما ينشأ باعتباره فقد تعرض لدفعه على هذا الحال وأما الاحتمال الاخر فلا حاجة إلى التعرض لأنه ثقة هذا ثم على القول بالاستحباب لا إشكال وعلى القول بالوجوب قيل المتجه العمل بصحيحة معاوية بن عمار في الكثير لدلالة الانصباب عليه وبصحيحة محمد بن إسماعيل في القليل لظهورها فيه كما سبق إلا أن يتحقق إجماع على خلافه لا مجرد عدم ظهور القايل به وفيه إشكال حيث إن الرواية الصحيحة بمجردها لا ظهور جدا في وجوب العمل بها بل لا بد من انضمامها بعمل الأصحاب أما جميعا بحيث لم يظهر مخالف أو مع ظهور المخالف أيضا لكن شاذا نادرا ولا أقل من أن لا يشتهر خلافه بحيث لم يظهر عامل به أو يكون العمل به نادرا شاذا والجميع مفقود فيما نحن فيه فالعمل بهما لا يخلو من إشكال خصوصا رواية معاوية لمخالفتها للأصل واحتمالها الاستحباب احتمالا ظاهرا نعم العمل بصحيحة محمد لا يخلو من وجه لتأييدها بالأصل وعدم ظهور وجوب العمل بالمشهور سيما مع عدم صحة متمسكه على أنه مطلق بالنسبة إلى صحيحة محمد وهي مقيدة فيجب حمله عليها مع أن احتمال الاستحباب ظاهر أيضا والله أعلم إن الأصحاب رحمهم الله اختلفوا في بول المرأة فحكم ابن إدريس بمساواته لبول الرجل في وجوب الأربعين وبه قال العلامة في التحرير والأكثر فرقوا بينهما واحتج ابن إدريس بتناول لفظ الانسان لهما قال المحقق (ره) في المعتبر ونحن نسلم إنها إنسان ونطالبه أين وجد الأربعين معلقة على بول الانسان ولا ريب أنه وهم منه انتهى وهو حسن إذ لم نقف في الروايات على ما يدل عليه ثم القائلون بالفرق الحقة جماعة منهم بما لا نص فيه والمحقق في المعتبر أوجب له ثلاثين دلوا سواء كان من صغيرة أو كبيرة لرواية كردويه وحكم بالاستحباب نزح الجميع لرواية معاوية بن عمار وفي القولين نظر أما الأول فلورود النص فيه متعددا من صحيحتي معاوية وابن بزيع وروايتي كردويه إلا أن يقال صحيحة معاوية لم يعمل به الأصحاب في حكم البول فلا عبرة بها وقد يقال إن عدم عمل الأصحاب بها إنما هو في بول الرجل لوجود مخصص في الخارج فذلك لا يستلزم عدم العمل بها في بول المرأة إلا أن يقال إذا ثبت عدم العمل في بول الرجل فالتخصيص ليس بأولى من المجاز فليحمل على الاستحباب وكذا الحال في صحيحة ابن بزيع وأما روايتا كردويه فأحديهما خارجة عن البحث لاختصاصها بالمخالط بماء المطر وأما الأخرى فغير نقي السند فالعمل بها مشكل مع أن الأصحاب لم يعملوا بمضمونها وأيضا أنها مختصة ظاهرا بقطرة البول فلا نص فميا عداها وأما الثاني فلان رواية كردويه لا يصلح للاعتماد مع أنها ظاهرة في القطرة والذي يقتضيه النظر أن يكتفي في القليل منه بدلاء لصحيحة ابن بزيع مع تأييدها بالأصل وعدم معارض لها سليم وأما في الكثير فلا يبعد الاكتفاء بالثلاثين لأنه القدر المتيقن ولا دليل على الزايد والأولى الأربعون والأحوط الجميع ثم إن المتقدمين حتى ابن إدريس القايل بالفرق بين موت المسلم والكافر لم يفرقوا بينهما في البول لتناول العموم لهما واحتمل بعض المتأخرين الفرق لان لنجاسة الكفر تأثيرا ولهذا لو وقع في البئر ماء متنجس بملاقاة بدن الكافر لوجب له النزح فكيف يكتفي للبول مع ملاقاته لبدنه بأربعين والحكم إنما هو منوط بنجاسة البول لا بنجاسة الكفر وقال وهذا وارد في ساير فضلاته كعذرته وبوله ومثل دم نجس العين وفيه أولا إن نجاسة البول بمجاورة بدن الكافر ممنوع إذ لا عموم بحيث يظهر شموله وله لو سلم فنقول مثل ما سبق في مسألة بول الانسان
(٢٣٠)