وفيه إن بعد تسليم إن الافساد إنما هو بسبب الغسل وزوال الطهورية عن الماء للاستعمال لا معنى لتأخره عن الغسل وعدم كون النهي حينئذ متعلقا بالغسل لان الافساد حينئذ عين الغسل نعم الفساد إنما يترتب عليه ويحصل عقيبه سلمنا أنه غير الغسل لكنه ليس فعلا وراء الغسل بل إنما هو أمر اعتباري وسببه الغسل وقد انعقد الاجماع على أن الامر بالمسبب أمر بالسبب وكذا النهي ورد أيضا بأنه (ره) إنما حقق أن المراد بالوقوع الغسل حملا للمطلق على المقيد فيكون النهي متوجها إليه خاصة وفيه أنه (ره) إنما حمل روايات النزح على الاغتسال لتقييد رواية أبي بصير وذلك لا يستلزم تقييد تلك الرواية أيضا إذ ليس في الروايات ما يدل على النهي عن الاغتسال حتى نقيدها به وهو ظاهر نعم كان عليه أن يبين المراد من الوقوع وإن سبب حرمته ماذا فإن فيه خفاء لان الوقوع إن كان هو الغسل فيبطل ما ذكره وإن كان الدخول فماذا سبب حرمته مع أن الغسل قد يكون من أفراد الدخول فيلزم أن يكون حينئذ منهيا عنه فيبطل فلا يحصل الاستعمال فلم يجب النزح مع أنه عام في جميع الصور إلا أن يقال المراد بالوقوع النزول إليه ويكون سبب حرمته خوف الضرر على النفس وإيثار التراب ونحوه أو يكون المراد الدخول وكون الغسل في بعض الصور فردا له لا يضره لان القايل بفساد الغسل بورود النهي إنما تمسك به في الفساد مطلقا فيكفيه حينئذ تحقق صوره لا يلزم الفساد وفيه إن القايل بفساد الغسل إنما هو المحقق الشيخ علي (ره) وهو لم يستدل بالنهي على الفساد بل إنما اعترض به على القول بأن سبب النزح زوال الطهورية فيجوز أن يكون مراده إثبات بطلان الغسل في بعض الصور حتى لا يتم تعليلهم كلية الثاني إنه إنما نهي في الحديث عن الوقوع في البئر ولعل وجهه الخوف على النفس معه أو كونه مقتضيا لإثارة الطين والحماة فتغير الماء مع الحاجة إليه في الشرب وربما لا يحصل ذلك مع النزول الثالث إن الحكم في الحديث مفروض في بئر غير مملوكة للمغتسل كما يدل عليه قوله فيه ولا يفسد على القوم ماؤهم فلا دلالة على النهي حيث يكون البئر ملكا له فيمكن وقوع الغسل فيه على الوجه المعتبر حينئذ ويرد عليهما إن إمكان صحة الغسل في بعض الصور لا ينفع في هذا المقام لان القايلين بوجوب النزح للاغتسال لم يخصوا الحكم ببعض الصور به إنما يقولون بالوجوب مطلقا وكيف يمكنهم التخصيص مع إطلاق الروايات من دون معارض بمجرد عدم جريان هذا الوجه الذي استنبطوه برأيهم لسبب النزح في بعض الصور مع ظهور عدم لزوم انحصار الوجه فيه فحينئذ مراد المعترض على التعليل إن ما ذكرتم لا يصلح وجها مطلقا لورود النهي عن الاغتسال في بعض الصور فيكون فاسدا فلا يكون سبب النزح حينئذ زوال الطهورية فلا ينفع وجدان صوره يصح فيها الغسل نعم لو أستدل أحد بهذا الوجه على بطلان الاغتسال مطلقا لكان الايراد متجها وثانيا إن انتفاء الطهورية عن المستعمل موضع خلاف وقد قال بوجوب النزح ها هنا من لا يرى زوال الطهورية عن المستعمل فلا يحسم مادة الاشكال وفيه ضعف لان القائل بهذا التعليل لعل مذهبه زوال الطهورية عن المستعمل ولا يجب أن يكون تعليله موافقا لمذهب الآخرين الذي يعتقد بطلانه نعم لو ذكر هذا التعليل القائلون بعدم زوال الطهورية لكان يرد عليهم الايراد لكنهم لم يذكروا وثالثا إن قصارى ما يدل عليه الاخبار وجوب النزح وهو أعم من أن يكون لعدم الطهورية ولا يدل عليه إذ العام لا يدل على الخاص ولا يخفى إن القول بهذا التعليل إن كان على سبيل الاحتمال فلا يرد هذا الايراد وإن كان على سبيل الجزم فالايراد متجه ثم أنهم لو حكموا بعدم الطهورية بمجرد انحصار الوجه فيه فباطل أيضا وإن حكموا بوجه آخر فإنما يظهر الحال بعد ملاحظة الوصول وسيأتي القول فيه إنشاء الله ويمكن تعليل النزح بالتعبد عند اشتراط الاغتسال أيضا كما في عدمه واعلم إن الظاهر من كلام الشهيد الثاني أنه علة النزح النجاسة لكنه يشترط الاغتسال فيكون حاصل كلامه إن مباشرة بدن الجنب لماء البئر بهذا النحو المخصوص أي بطريق الاغتسال منجسة له لا مطلقا وحينئذ يزداد البعد المذكور سابقا كما لا يخفى وبما ذكرنا ظهر أن تعليل وجوب النزح أو استحبابه بأمر على سبيل الجزم مما لا سبيل إليه فالأولى أن يحال إلى علمه تعالى وهو أعلم بحقايق أحكامه ثم أنه اختلف في أنه هل يرتفع حدث الجنابة بالغسل في البئر أم لا الظاهر من كلام الشيخين (ره) أنه لا يرتفع واعترض عليه العلامة (ره) في المختلف إن المقتضي لسلب حكم الطهورية عن الماء تحمله للنجاسة الحكمية عنا لجنب وهو إنما يحصل بارتفاع حدث الجنابة وفيه نظر إذ لا نسلم أن المقتضي لسلب حكم الطهورية عن الماء ذلك كما عرفت والشيخ (ره) أيضا لم يعلله به ليكون إلزاما عليه بل هذا الوجه إنما ذكره العلامة من جانب الشيخين ولعلهما لم يرضيا به بل يعللان النزح بالتعبد كيف وقد مر سابقا إن الشيخ كأنه ذهب إلى أن النزح في النجاسات أيضا تعبدي لا للنجاسة نعم يرد على هذا القول أنه لا دليل عليه إذ ليس في الروايات الواردة بالنزح سوى وجوب النزح وهو لا يدل على بطلان الغسل بوجه وأما رواية ابن أبي يعفور المتقدمة فقد عرفت ما يرد على التمسك بها في بطلان الغسل مطلقا ولو سلم دلالتها ففي بعض الصور كما سبق وقد أورد عليه الشهيد الثاني إيرادا آخر أيضا وهو أنه لو لم يطهر لم يتحقق الافساد الذي هو متعلق النهي ومتى لم يتحقق فلا حرج فيجوز الاغتسال وفيه أنه إنما يتم لو كان الافساد إزالة طهوريته وهو إنما يتحقق الغسل الصحيح وكلاهما ممنوعان لجواز أن يكون فساده أمر آخر لم نعلمه ويجوز أيضا أن يزول طهوريته بمجرد الغسل وإن لم يكن صحيحا والعلامة (ره) في المنتهى والنهاية صرح بارتفاع الحدث وهو الظاهر لصدق الامتثال وعدم دليل على خلافه كما عرفت ثم إن بعض القايلين بنجاسة البئر حينئذ ذهب إلى أنه إن
(٢٣٣)