مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
وفيه إن بعد تسليم إن الافساد إنما هو بسبب الغسل وزوال الطهورية عن الماء للاستعمال لا معنى لتأخره عن الغسل وعدم كون النهي حينئذ متعلقا بالغسل لان الافساد حينئذ عين الغسل نعم الفساد إنما يترتب عليه ويحصل عقيبه سلمنا أنه غير الغسل لكنه ليس فعلا وراء الغسل بل إنما هو أمر اعتباري وسببه الغسل وقد انعقد الاجماع على أن الامر بالمسبب أمر بالسبب وكذا النهي ورد أيضا بأنه (ره) إنما حقق أن المراد بالوقوع الغسل حملا للمطلق على المقيد فيكون النهي متوجها إليه خاصة وفيه أنه (ره) إنما حمل روايات النزح على الاغتسال لتقييد رواية أبي بصير وذلك لا يستلزم تقييد تلك الرواية أيضا إذ ليس في الروايات ما يدل على النهي عن الاغتسال حتى نقيدها به وهو ظاهر نعم كان عليه أن يبين المراد من الوقوع وإن سبب حرمته ماذا فإن فيه خفاء لان الوقوع إن كان هو الغسل فيبطل ما ذكره وإن كان الدخول فماذا سبب حرمته مع أن الغسل قد يكون من أفراد الدخول فيلزم أن يكون حينئذ منهيا عنه فيبطل فلا يحصل الاستعمال فلم يجب النزح مع أنه عام في جميع الصور إلا أن يقال المراد بالوقوع النزول إليه ويكون سبب حرمته خوف الضرر على النفس وإيثار التراب ونحوه أو يكون المراد الدخول وكون الغسل في بعض الصور فردا له لا يضره لان القايل بفساد الغسل بورود النهي إنما تمسك به في الفساد مطلقا فيكفيه حينئذ تحقق صوره لا يلزم الفساد وفيه إن القايل بفساد الغسل إنما هو المحقق الشيخ علي (ره) وهو لم يستدل بالنهي على الفساد بل إنما اعترض به على القول بأن سبب النزح زوال الطهورية فيجوز أن يكون مراده إثبات بطلان الغسل في بعض الصور حتى لا يتم تعليلهم كلية الثاني إنه إنما نهي في الحديث عن الوقوع في البئر ولعل وجهه الخوف على النفس معه أو كونه مقتضيا لإثارة الطين والحماة فتغير الماء مع الحاجة إليه في الشرب وربما لا يحصل ذلك مع النزول الثالث إن الحكم في الحديث مفروض في بئر غير مملوكة للمغتسل كما يدل عليه قوله فيه ولا يفسد على القوم ماؤهم فلا دلالة على النهي حيث يكون البئر ملكا له فيمكن وقوع الغسل فيه على الوجه المعتبر حينئذ ويرد عليهما إن إمكان صحة الغسل في بعض الصور لا ينفع في هذا المقام لان القايلين بوجوب النزح للاغتسال لم يخصوا الحكم ببعض الصور به إنما يقولون بالوجوب مطلقا وكيف يمكنهم التخصيص مع إطلاق الروايات من دون معارض بمجرد عدم جريان هذا الوجه الذي استنبطوه برأيهم لسبب النزح في بعض الصور مع ظهور عدم لزوم انحصار الوجه فيه فحينئذ مراد المعترض على التعليل إن ما ذكرتم لا يصلح وجها مطلقا لورود النهي عن الاغتسال في بعض الصور فيكون فاسدا فلا يكون سبب النزح حينئذ زوال الطهورية فلا ينفع وجدان صوره يصح فيها الغسل نعم لو أستدل أحد بهذا الوجه على بطلان الاغتسال مطلقا لكان الايراد متجها وثانيا إن انتفاء الطهورية عن المستعمل موضع خلاف وقد قال بوجوب النزح ها هنا من لا يرى زوال الطهورية عن المستعمل فلا يحسم مادة الاشكال وفيه ضعف لان القائل بهذا التعليل لعل مذهبه زوال الطهورية عن المستعمل ولا يجب أن يكون تعليله موافقا لمذهب الآخرين الذي يعتقد بطلانه نعم لو ذكر هذا التعليل القائلون بعدم زوال الطهورية لكان يرد عليهم الايراد لكنهم لم يذكروا وثالثا إن قصارى ما يدل عليه الاخبار وجوب النزح وهو أعم من أن يكون لعدم الطهورية ولا يدل عليه إذ العام لا يدل على الخاص ولا يخفى إن القول بهذا التعليل إن كان على سبيل الاحتمال فلا يرد هذا الايراد وإن كان على سبيل الجزم فالايراد متجه ثم أنهم لو حكموا بعدم الطهورية بمجرد انحصار الوجه فيه فباطل أيضا وإن حكموا بوجه آخر فإنما يظهر الحال بعد ملاحظة الوصول وسيأتي القول فيه إنشاء الله ويمكن تعليل النزح بالتعبد عند اشتراط الاغتسال أيضا كما في عدمه واعلم إن الظاهر من كلام الشهيد الثاني أنه علة النزح النجاسة لكنه يشترط الاغتسال فيكون حاصل كلامه إن مباشرة بدن الجنب لماء البئر بهذا النحو المخصوص أي بطريق الاغتسال منجسة له لا مطلقا وحينئذ يزداد البعد المذكور سابقا كما لا يخفى وبما ذكرنا ظهر أن تعليل وجوب النزح أو استحبابه بأمر على سبيل الجزم مما لا سبيل إليه فالأولى أن يحال إلى علمه تعالى وهو أعلم بحقايق أحكامه ثم أنه اختلف في أنه هل يرتفع حدث الجنابة بالغسل في البئر أم لا الظاهر من كلام الشيخين (ره) أنه لا يرتفع واعترض عليه العلامة (ره) في المختلف إن المقتضي لسلب حكم الطهورية عن الماء تحمله للنجاسة الحكمية عنا لجنب وهو إنما يحصل بارتفاع حدث الجنابة وفيه نظر إذ لا نسلم أن المقتضي لسلب حكم الطهورية عن الماء ذلك كما عرفت والشيخ (ره) أيضا لم يعلله به ليكون إلزاما عليه بل هذا الوجه إنما ذكره العلامة من جانب الشيخين ولعلهما لم يرضيا به بل يعللان النزح بالتعبد كيف وقد مر سابقا إن الشيخ كأنه ذهب إلى أن النزح في النجاسات أيضا تعبدي لا للنجاسة نعم يرد على هذا القول أنه لا دليل عليه إذ ليس في الروايات الواردة بالنزح سوى وجوب النزح وهو لا يدل على بطلان الغسل بوجه وأما رواية ابن أبي يعفور المتقدمة فقد عرفت ما يرد على التمسك بها في بطلان الغسل مطلقا ولو سلم دلالتها ففي بعض الصور كما سبق وقد أورد عليه الشهيد الثاني إيرادا آخر أيضا وهو أنه لو لم يطهر لم يتحقق الافساد الذي هو متعلق النهي ومتى لم يتحقق فلا حرج فيجوز الاغتسال وفيه أنه إنما يتم لو كان الافساد إزالة طهوريته وهو إنما يتحقق الغسل الصحيح وكلاهما ممنوعان لجواز أن يكون فساده أمر آخر لم نعلمه ويجوز أيضا أن يزول طهوريته بمجرد الغسل وإن لم يكن صحيحا والعلامة (ره) في المنتهى والنهاية صرح بارتفاع الحدث وهو الظاهر لصدق الامتثال وعدم دليل على خلافه كما عرفت ثم إن بعض القايلين بنجاسة البئر حينئذ ذهب إلى أنه إن
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336