يعارضه الاخبار المتضمنة للتغير وأنه يكفي عنده ما يزيل التغير وسيجئ بسط القول فيه إنشاء الله تعالى في بحثه وأما ما ذهب إليه المرتضى (ره) فكان مستنده رواية زرارة المذكورة ولا يخفى ما فيه لعدم دلالتها على مدعاه مع أنه ضعيفة وأسند المحقق في المعتبر إلى أبي العباس رواية بمضمون رواية زرارة ولم نطلع عليها في الكتب الأربعة ثم اعلم إن جماعة من الأصحاب قدروا القليل بمثل دم الطير والرعاف والكثير بدم ذبح الشاة ونقل عن الراوندي إن الاعتبار في ذلك بماء البئر في الغزارة والنزارة فربما كان دم الطير كثيرا في بئر قليلا في أخرى وقد نقل العلامة الرازي (ره) عن العلامة (ره) ما يوافقه وأنت خبير بأن تحقيق هذين المعنيين إنما كان نافعا لو كانا في لفظ الحديث لكن في الحديث ما سمعت فلا وجه له فلنقتصر على ما فيه (وأربعون للثعلب والأرنب والكلب والخنزير والسنور والشاة وبول الرجل) وجوب أربعين دلو للستة الأول ولأشباهها في الجثة هو مختار الشيخين والمرتضى وأتباعهم وقال الصدوق في الفقيه في الكلب ثلاثون إلى أربعين وفي السنور سبع دلاء وفي الشاة وما أشبهها تسع دلاء إلى عشرة وقال في المقنع إن وقع فيها كلب أو سنور فانزح ثلاثين دلوا إلى أربعين وقد روى سبع دلاء وإن وقعت في البئر شاة فانزح منها سبع دلاء واحتج الشيخ على مختاره بما رواه التهذيب في باب البئر يقع فيها الكلب عن علي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفارة تقع في البئر قال سبع دلاء قال وسألت عن الطير والدجاجة تقع في البئر قال سبع دلاء والسنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا والكلب وشبهه وبما روياه أيضا في البابين في الموثق عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفارة تقع في البئر والطير قال إن أدركته قبل أن ينتن نزحت منها سبع دلاء وإن كان سنورا وأكبر منه نزحت منها ثلاثين دلوا أو أربعين دلوا وإن أنتن حتى توجد ريح النتن في الماء نزحت البئر حتى يذهب النتن في الماء قال في التهذيب وليس لاحد أن يقول كيف عملتم على أربعين دلوا في السنور والكلب وشبهها وفي الدجاجة والطير على سبع دلاء وفي هذين الخبرين ليس القطع على أربعين دلوا بل إنما يتضمنه على جهة التخيير وهلا عملتم بغير هذين الخبرين مما يتضمن نقصان ما ذهبتم إليه لأنا إذا عملنا على ما ذكرناه من نزح أربعين دلوا مما وقع فيه الكلب وشبهه ونزح سبع دلاء مما وقع فيه الدجاج وشبهه فلا خلاف بين أصحابنا في جواز استعمال ما بقي من الماء ويكون أيضا الاخبار التي يتضمن الأقل من ذلك داخلة في جملته وإذا عملنا على غير ذلك نكون دافعين لهذين الخبرين جملة وصايرين إلى المختلف فيه فلأجل هذا عملنا على نهاية ما وردت به الاخبار انتهى ولا يخفى ما فيه من الضعف وحجة الفقيه أما في السنور فلعلها رواية عمرو بن سعيد بن هلال المتقدمة وأما في الكلب فموثقة سماعة المذكورة آنفا وأما في الشاة وما أشبهها فما رواه التهذيب والاستبصار في البابين عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه إن عليا (عليه السلام) كان يقول الدجاجة ومثلها تموت في البئر ينزح منها دلوان وثلاثة فإذا كانت شاة وما أشبهها فتسعة أو عشرة وأما حجة المقنع ففي الكلب والسنور موثقة سماعة رواية السبع كأنها رواية عمرو بن سعيد ويحتمل أن يكون صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة في بحث صب الخمر وفي الشاة وشبهها كأنها هاتان الروايتان أيضا وأنت خبير بما في هذه الوجوه من الضعف واعلم إنه قد وردت أخبار كثيرة تدل على خلاف ما ذكر فمنها ما روياه في البابين المذكورين في الصحيح صريحا في الاستبصار وظاهرا في التهذيب عن أبي أسامة عن أبي عبد (عليه السلام) في الفارة والسنور والدجاجة والطير والكلب قال فإذا لم يتفسخ أو لم يتغير طعم الماء فيكفي نزح خمس دلاء وإن تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح ورواه الكافي أيضا في باب البئر في الحسن والتهذيب أيضا روى عن الكافي مرة أخرى وأجاب الشيخ عنه بوجهين أحدهما إن الجواب إنما هو عن الدجاجة والطير فقط ويحال الحكم في الكلب والسنور إلى ما علم شايعا من مذاهبه أو إلى خبر آخر وثانيهما بحمله على أنه خرج الكلب حيا ولا يخفى ما فيهما من الضعف الظاهر وقال المحقق في المعتبر رواية أسامة قوية السند لكنها متروكة بين المفتين ومنها صحيحة علي بن يقطين المتقدمة في بحث نجاسة البئر المتضمنة لنزح دلاء ومنها صحيحة الفضلاء ورواية الفضيل المتقدمتان في بحث وقوع الفرس المتضمنتان أيضا للدلاء وأجاب الشيخ عنها بحمل الدلاء على الأربعين وفيه ما فيه ومنها ما روياه في البابين في الصحيح عن أبي مريم قال حدثنا جعفر قال كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول إذا مات الكلب في البئر نزحت وقال جعفر (عليه السلام) إذا وقع فيها ثم أخرج منها حيا نزح منها سبع دلاء وحمله الشيخ على التغير والمعتبر على أن المراد نزحت أربعون ولا يخفى ما فيه ومنها ما روياه في البابين في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال وسئل عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف كلها والشيخ حمله أيضا على التغير وقال المحقق في المعتبر ورواية عمار وإن كان ثقة لكنه فطحي فلا يعمل بها مع وجود المعارض السليم والظاهر أن المراد بالمعارض السليم رواية علي التي استدل بها على مختاره من وجوب الأربعين ولا يخفى ما فيه ومنها ما رواه الكافي في باب البئر عن أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يقع في الابار فقال الفارة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء إلا أن يتغير الماء فينزح حتى تطيب فإن سقط فيها كلب فقدرت أن تنزح مائها فافعل كل شئ يسقط في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس وهذا الخبر ضعيف السند وأنت خبير بأن مثل هذا الاختلاف العظيم شاهد عدل على استحباب النزح وعدم نجاسة البئر ثم أنه لو قيل بالاستحباب فأمر الاختلاف سهل ولو قيل بالوجوب فالظاهر نظرا إلى مقتضى الروايات الاكتفاء في الجميع بخمسة دلاء بل بثلاثة إلا أن يكون خرقا للجماع والاحتياط في أربعين
(٢٢٩)