الشهيد (ره) لا سيما بعد اشتراط الامتزاج كما صرح به فلن اعتبار الاتحاد مع ذلك مما لا وجه له ولعل المصنف (ره) لم يكن نظره في الحكم بالطهارة بامتزاج الجاري إلى ما ذكره (ره) لعدم تماميته كما ذكرنا بل إنما كان نظره إلى أنه يحصل حينئذ الاتحاد في الاسم ويخرج من اسم البئر كما يشعر به كلامه وكلام العلامة (ره) أيضا وإن كان هذا أيضا غير تمام ولذلك فرق بين الحالين فتدبر ثم أنه على القول بالطهارة بغير النزح إذا حصل الطهارة بغير فهل يسقط وجوب النزح أم لا فقد قيل أنه لو كان النزح للنجاسة فالظاهر حينئذ سقوطه وإن كان للتعبد فإن حصل الامتزاج بالجاري أو الكثير فالظاهر أيضا السقوط لان النزح إنما تعلق به في حال البقاء على حقيقته وعند الاستهلاك يصير في حكم المعدوم وإن حصل الاتصال فالظاهر عدم السقوط لعدم خروجه عن حقيقته فتأمل (ولا يطهر بإجرائها) قال المصنف في الذكرى لو أجريت فالظاهر أنها بحكم الجاري لا ينجس بالملاقاة ولو نجست ثم أجريت ففي الحكم بطهارته ثلاثة أوجه طهارة الجميع لأنه ماء جار تدافع وزال تغيره ولخروجه عن مسمى البئر وبقاؤه على النجاسة لان المطهر النزح وطهارة ما بقي بعد جريان قدر المنزوح إذ لا يقصر ذلك عن الاخراج بالنزح انتهى لا خفاء في الحكم الأول لما عرفت سابقا إن الظاهر تعلق أحكام البئر بما يثبت إطلاقها عليه في عرفهم عليهم السلام ولم يثبت فيه فيبقى على أصل الطهارة وعدم التنجس إلا بالتغير وإن كان قليلا لما عرفت أيضا من عدم عموم أدلة انفعال القليل وأما الحكم الثاني فالظاهر فيه الوجه الأول لأن الظاهر من الامر بالنزح لتطهير البئر إنما هو حال بقاؤها على حالها من البئرية وأما عند الخروج عنها كما هو الظاهر فيما نحن فيه فلا والعمل باستصحاب النجاسة أيضا حينئذ مشكل جدا كما لا يخفى لكن الاحتياط في الوجه الثاني (ولا بزوال تغيرها من نفسها ولا بتصفيق الرياح ولا بالعلاج بأجسام طاهرة) وجه الجميع ظاهر على القول بنجاسة البئر بالملاقاة وإنما الكلام في أنه حينئذ هل يجب نزح الجميع أو يكتفي بما يزول معه التغير لو كان فيه قولان واختار العلامة الأولى في التذكرة وصححه ولده فخر المحققين وقواه المصنف (ره) في الذكرى ووافقهم عليه بعض المتأخرين وظاهر المصنف في البيان الثاني واختاره الشهيد الثاني (ره) وصاحب المعالم ولا يخلو من قوة احتج الأولون بأنه ماء محكوم بنجاسته وقد تعذر ضابطة تطهيره فيتوقف الحكم بطهارته على نزح الجميع وأجيب يمنع تعذر الضابط مطلقا فإنه يمكن في كثير من الصور أن يعلم المقدار الذي يزول معه التغير تقريبا نعم لو فرض عدم العلم في بعض الصور توقف الحكم بالطهارة حينئذ على نزح الجميع إذ لا سبيل إلى العلم بنزح القدر المطهر إلا به وأما على القول بعدم نجاستها بالملاقاة فالظاهر حصول الطهارة بالزوال إذ الامر إنما ورد بالنزح حتى يزول التغير وقد سقط هذا التكليف لعدم بقاء متعلقه ولا دليل حتى على نجاسة ذلك الماء ويشكل التمسك باستصحاب النجاسة الأولى فيبني على أصل الطهارة ونسب إلى ظاهر بعض الأصحاب توقف طهارته على النزح على هذا القول أيضا قيل ولعل وجهه إن التدافع والتكاثر لا يحصلان إلا مع النزح ولهذا قالوا إن السر في النزح كونه بمنزلة إجراء الماء ليزول عنه الأثر الحاصل من النجاسة وفيه ضعف لكن الأحوط النزح بقدر ما يزول التغير لو كان مع إمكان العلم به والجميع مع عدمه (وكذا حكم باقي المياه النجسة وقد مر الكلام فيه (ويلزم من قال بالطهارة بإتمامها) اي المياه النجسة (كرا طهارتها بذلك كله) قد قدمنا ما يتعلق بذلك في بحث تطهير الماء الكثير فليراجع إليه (ولا يعتبر في المزيل للتغير دلو حيث لا مقدر) لا خفاء في هذا لا حكم والظاهر إطراده في نزح الجميع وإن لم يتغير وكذا في نزح الكر لاتحاد العلة وكأنه لم يقع التعرض لهما في كلام الأصحاب وإنما اكتفى بالأول إحالة على الظهور (وفي المعدود نظر أقربه اعتبارها وقيل يجزي آلة تسع العدد) ما قربه هو مختار المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى و التحرير وجماعة من المتأخرين منهم الشهيد الثاني (ره) والقول الاخر للعلامة في أكثر كتبه والمصنف في الذكرى والظاهر الأول لورود الروايات بالعدد ولعل الحكمة متعلقة به فقيام غيره مقامه لا بد له من دليل وليس ولعلم الأصحاب حجة القول الأخير إن الامر بالنزح وارد على الماء والدلاء مقدار فيكون القدر هو المراد وتقييده بالعدد ولانضباطه وظهوره بخلاف غيره وأيضا إن الغرض من الامر بالنزح إخراج الماء من حد الواقف إلى كونه جاريا جريانا يزيل التأثير الحاصل من النجاسة ويفيده التطهير ولذلك اختلف فيه التقدير لاختلاف النجاسات بقوة التأثير وضعفه وتفاوت الابار بسعة المجاري وضيقها وهذا الغرض يحصل بإخراج المقدار المعين بأي وجه اتفق والجواب عن الأول بالمنع من كون المراد إخراج هذا القدر من الماء مطلقا لجواز أن يكون الغرض متعلقا بإخراجه بوجه خاص يستفاد من الرواية فالتعدي عنها غير جايز وعن الثاني أنا سلمنا إن الغرض ما ذكر من إخراج الماء إلى الجريان لكن طرقه مختلفة والأدلة إنما وردت ببعض معين منها فإلحاق غيره به قياس مع أن الفارق ربما كان موجودا من حيث أن تكرار النزح موجب لكثرة اضطراب الماء وتموجه وهو مقتض لاستهلاك إجزاء النجاسة الشايعة فيه (والدلو هي المعتادة وقيل هجرية ثلاثون رطلا وقيل أربعون) لما لم يثبت في الشرع حقيقة للدلو ولا عرف لزمانهم (عليه السلام) عرف فليحمل على العرف العام وإن كان في أصل المسألة إشكال كما أشرنا سابقا في تعريف البئر لكن فيما نحن فيه الظاهر أنه لا مندوحة عنه والقولان الآخران مما لم يعرف لهما مأخذ ثم المراد بالمعتاد هل هو معتاد تلك البئر أولا بل معتاد الابار المتعارفة وعلى الأول هل يعتبر اعتباره لتلك البئر بحسب المتعارف أو بحسب عادة أهل تلك البئر لا يبعد الاكتفاء بالقدر الأقل في جميع تلك الصور لكن بشرط عدم الخروج عن اسم الدلو عرفا والاحتياط في الاخذ بما هو الأكثر والله أعلم (ولو تضاعف المنجس تضاعف النزح تخالف) كالانسان والكلب (أو تماثل في الاسم) كإنسانين (أو في المقدر) كالكلب والسنور اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب العلامة (ره) إلى تداخل النجاسات مطلقا سواء كانت
(٢٤٢)