قلت قد عرفت إن الوجه الثاني إنما يختص بالوقوع حيا ثم الموت ولا يجزي في صورة الوقوع ميتا فلا يلزم أن يدفعه العلامة (ره) في الصورة الأولى بل إنما يلزم دفعه في الصورة الأولى بل إنما يلزم دفعه في الصورة الثانية وهو إنما دفعه فيها كما سنذكره عن قريب إن شاء الله تعالى وأما في الثالث فلان وجود العمومات الدالة على بقاء نجاسة الكفر بعد الموت ممنوع وما ذكره بعض من أن عدم وجوب غسله وعدم جواز دفنه في مقابر المسلمين يدل على ذلك غير مسلم إذ لا ملازمة بين المعنيين كما لا يخفى وقد اعترض صاحب المعالم (ره) أيضا على المختلف بقوله ولقد أغرب العلامة في المختلف هاهنا حيث منع بقاء نجاسة الكافر بعد الموت وحكم بوجوب نزح تسعين بناء على القول بالتنجيس لوقوعه ميتا نظرا إلى العموم ثم قال وإن وقع حيا ومات فكذلك ومن أحاط خبرا بما حققناه لم يتخالجه شك في فساد التسوية التي ذكرها بعد منعه لبقاء نجاسة الكفر بعد الموت وجعله مورد الحديث الوقوع ميتا كما أفصح به تمسكه في حكم الوقوع ميتا بالعموم فإن اللازم من ذلك كون نزح السبعين واجبا لنجاسة الموت فقط إذ ليس هناك غيرهم بزعمه وحينئذ فإذا وقع حيا ومات اقترن بها أمرا آخر غير منصوص عنده وهو المباشرة حيا فيجب لها ما يجب لغير المنصوص فكيف يقول بعد هذا إنه وقع حيا ومات فكذلك انتهى وفيه نظر ظاهر لان ما ذكره من فساد التسوية بعد منع نجاسة الكفر بعد الموت وجعله مورد الحديث الوقوع ميتا فاسد قوله وحينئذ فإذا وقع حيا ومات انتهى قلنا مسلم أنه اقترن بنجاسة الموت أمرا آخر وهو (ره) لم ينكره لكنه إنما دفعه بأن مالا نص فيه يجب له نزح ثلاثين لرواية كردويه وهو إنما يتداخل مع السبعين لان مذهبه (ره) تداخل النزح سواء كان النجاسات متحدة في الجنس ومختلفة كما صرح به في كتبه نعم إنما يرد عليه منع صحة الاحتجاج برواية كردويه لكنه خارج عن هذا البحث وقد مر في بحث ما لا نص فيه وهذا ما وعدنا إتيانه أنفا ولا يخفى إن الوجه الذي ذكره في الصورة الأخيرة يمكن إجرائه في الصورة الأولى أيضا لكنه تمسك فيها بالوجه الاخر ثم ما نسب إليه (ره) من جعله مورد الحديث الوقوع ميتا باطل وإفصاح تمسكه فيه بالعموم به غير مسلم لان التمسك به باعتبار أنه عام في وجوب نزح سبعين لنجاسة الموت كما اعترف به صاحب المعالم أيضا وليس هاهنا سوى نجاسة الموت بزعمه أنه لا يبقى نجاسة الكفر فيجب أن لا ينزح سبعين فقط ولا يتوجه منع العموم بأن الرواية إنما وردت في الموت في البئر للاتفاق على أن الموت في البئر لا مدخل له في الحكم ولا فرق بين الموت فيها وفي خارجها بالنظر إلى النجاسة الحاصلة من الموت نعم قد يفرق بينهما باعتبار النجاسة الأخرى وليس الكلام هاهنا فيه هذا ولا يخفى عليك أنه يرد على العلامة (ره) إن ابن إدريس ما بنى الكلام ها هنا على وجوب نزح الجميع لما لا نص فيه بل إنما بنى على الاجماع فحينئذ الوجه في دفع كلامه ما ذكره المحقق (ره) لا منع تلك المقدمة فتأمل وقد بقي في المقام شئ وهو إن الشهيد الثاني (ره) في شرح الارشاد منع منع العلامة (ره) بقاء نجاسة الكفر بعد الموت ومع ذلك فرق بين الوقوع ميتا والوقوع حيا ثم الموت وحكم في الأول بالاكتفاء بنزح سبعين لعموم الرواية وفي الثاني بوجوب نزح الجميع إن قلنا بوجوبه لما لا نص فيه وبنزح ثلاثين أو أربعين زايدا على السبعين إن قلنا بوجوبهما لما لا نص فيه ولم نجوز التداخل وإن جوزنا فسبعون فقط ولا يخفى ما فيه لان الرواية صريحة في الوقوع حيا والموت بعده فإن عمل بعمومها ولم ينظر إلى حيثية النجاسة فيلزم الاكتفاء بالسبعين في الموضعين وإن لم يعمل بعمومها أو يعتبر الحيثية يجب أن لا يكتفي به على التقادير المذكورة إذ كما في الصورة الثانية يجتمع جهتا النجاسة الكفر والموت فكذا في الصورة الأولى لأنه منع زوال النجاسة الكفرية بعد الموت نعم إنما يصح الفرق لو منع البقاء كما فعله العلامة (ره) هذا وقد تلخص مما ذكرنا إن وجوب نزح الجميع للكافر سواء وقع ميتا أو حيا مما لا طهور له لان بنائه أما على الاجماع أو وجوب نزح الجميع لما لا نص فيه والأول غير ثابت والثاني أيضا قد عرفت حاله في بحثه بل القدر المسلم على تقدير الوجوب الثلاثون أو الأربعون وهما إنما يتداخلان مع السبعين كما سيجئ إنشاء الله تعالى من ظهور التداخل مع أن الدلالة التي ادعاها المحقق كما سبق ليس ببعيد وإن كان للمنع مجال لكن الاحتياط في وجوب نزح الجميع والله أعلم (وخمسين للعذرة الرطبة أو الذائبة) أوجب الشيخ في المبسوط خمسين للعذرة الرطبة وعشر لليابسة والمفيد في المقنعة أوجب عشرا لليابسة وخمسين للرطبة والذائبة كما في هذا الكتاب وكذا قال المرتضى (ره) في المصباح على ما حكى عنه في المعتبر والصدوق (ره) قال وللعذرة عشر فإن ذابت فأربعون أو خمسون وهو اختيار المحقق وما ذهب إليه الثلاثة لا مستند له وأما ما ذهب إليه الصدوق (ره) فمستنده ما رواه التهذيب في باب تطهير المياه والاستبصار في باب البئر يقع فيها العذرة اليابسة أو الرطبة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن العذرة تقع في البئر فقال ينزح منها عشر دلاء فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلوا وما رواه الكافي في باب البئر عن علي بن حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل الخبر السابق وهذان الخبران واضحا الدلالة على المراد لكنها ضعفا السند فالذي يقتضيه النظر أن يقال أنه لو اكتفى في التكاليف المتيقنة الغير المعلومة المراد بالاتيان بالقدر المتيقن فيكفي الأربعون في الذائبة وإن قبل بلزوم تحصيل البراءة اليقينية فلا بد من خمسين للاتفاق على عدم وجوب الزايد وأما ما يدل على نفي البأس من العذرة من صحيحة علي بن جعفر المتضمنة للزنبيل وموثقة عمار المتضمنة له أيضا ورواية أبي مريم المتضمنة لخروج قطعة يابسة من العذرة بالدلو المتقدمة في بحث نجاسة البئر بالملاقاة فلا ينظر إليها ها هنا لان الكلام على تقدير نجاسة البئر أو وجوب النزح وإن لم ينجس وهذه الروايات واجبة التأويل والاطراح على هذا التقدير وأما رواية
(٢٢٧)