أربعون فما يكون وقوعه فيها وهي حي يزيد على نجاسة موته وبعد فإنه يلزمه ما ألزمناه في نزول الانسان الكافر إلى البئر وتنجيسه لها ووجوب نزح جميع مائها لأنه عنده لم يرد به نص فإذا مات بعد ذلك فيها وجب نزح سبعين دلوا أتراه انقلب جنسه وزال ذلك الحكم ولا خلاف أن الموت ينجس الطاهر ويزيد النجس نجاسة وهذا قلة فقه ثم أصول المذهب تدفعه لان نجاسة البئر لا يرفعها إلا إخراج بعضه أو جميعه وهذا ما أخرج شيئا حتى يغير حكمه انتهى وهذا صريح فيه أنه إذا أورد أمر بأن الشئ الفلاني إذا ورد في البئر ومات وجب نزح كذا يلزم منه أن لا يجب لخروجه حيا أزيد من كذا ولو كان الحيثية معتبرة لما كان هكذا إذ يجوز أن يكون نزح كذا لأجل نجاسة الموت فلا يلزم أن يكون مع انضمام نجاسة أخرى أيضا كذلك وبما ذكرنا ثانيا أشار المحقق (ره) بقوله وهذا كما تقول في الجواب إلى آخره فظهر أن كلام المحقق (ره) تمام على ابن إدريس ولا قصور فيه فإن قلت ظهر من كلام ابن إدريس المنقول آخرا أن الاستدلال بعدم ورود النص في حال الحياة مما لا يصح في إثبات نزح جميع الماء في هذا الباب ونظائره فما متمسكه في نزح جميع الماء للانسان الكافر قلت قد مر أن متمسكه الاجماع ويقول بأنه مخصص للكافر من العموم فلم يكن داخلا في الحكم حتى يلزم أن لا يجب لمباشرته حيا نزح أزيد من سبعين وبما ذكرنا ظهر اندفاع جميع ما أورده صاحب المعالم (ره) على المحقق (ره) سوى ما أورده بقوله وقول المحقق (ره) أن إلى آخره ويمكن دفعه أيضا بأنه بناء على مذهبه من اشتراط الاغتسال كما سيجئ نعم يمكن إيراد منع على المحقق (ره) في الواقع لا من قبل ابن إدريس بأن دلالة الرواية وإن كانت عامة على أن نجاسة الكفر لا يوجب نزح الزيادة على سبعين ممنوعة لجواز اعتبار الحيثية فإن قلت لاشك أنه إذا قيل إذا وقع الكافر في البئر ومات أنزح سبعين دلوا يدل دلالة صريحة على أنه لا يجب لمباشرته الماء شئ وراء السبعين وإنكاره مكابرة ولما ثبت أن العموم أيضا بمنزلة النطق بالمسلم والكافر فيكون إيراد المنع في صورة العموم أيضا مكابرة قلت ما ذكرته من كون المنع مكابرة عند التصريح بالكافر ظاهرا يكن في صورة العموم غير ظاهر وكونه بمنزلة النطق غير مسلم في جميع الأحكام ألا ترى إن في صورة النطق لا يجوز التخصيص بخلاف صورة العموم ما ذكرنا من الفرق بين الصورتين في ورود هذا المنع وعدمه مما يشهد به الوجدان الصحيح وكان السر أن في صورة التصريح لما كانت حيثية الكفر والموت متلازمتين فالظاهر عند الامر بوجوب نزح قدر معين في هذا الحال إنه لهما معا بخلاف صورة العموم إذ لا تلازم بين مطلق موت الانسان ونجاسة الكفر فعند تعيين قدر لأحدهما لا يلزم تعيين القدر للاخر وللمتكلف أن يوجه كلام ابن إدريس نظرا إلى هذا الفرق ويقال أن تسليمه في الكلب لورود النص فيه بخصوصه بخلاف الكافر لكنه بعيد عن سوق كلامه فتدبر ويمكن أن يقال بعد تسليم ورود المنع أنه لا شك إنه إذا كان الانسان عاما في المسلم والكافر فإذا ورد الامر بنزح السبعين لموته في البئر فهو يدل على عدم وجوب نزح الجميع لمباشرة الكافر حيا إذ لو وجب لها نزح الجميع لكان الامر بعد ذلك بنزح سبعين مما لا معنى له فبقي إما أن يجب له ثلاثون أو أربعون لعدم القول بوجوب ثالث وهما إنما يتداخلان مع السبعين فثبت عدم وجوب شئ سوى السبعين لكن إجراء هذا الكلام من قبل المحقق لا يصح لعدم قوله بالتداخل نعم لو كان مراده إثبات عدم وجوب نزح الجميع لكان متجها ويرد مناقشة أخرى على المحقق (ره) إن الوجه الثالث الذي ذكره إنما هو داخل في الوجه الثاني فلا وجه لجعله وجها على حدة هذا ثم إن العلامة (ره) قال في المختلف ذهب علماؤنا إلى أن الانسان إذا مات في البئر ينزح منها سبعون دلوا ولم يفصلوا وقال ابن إدريس هذا في حق المسلم وأما الكافر فإنه ينزح له الجميع واحتج بأن الكافر حالة حياته ينزح له الماء أجمع فكذا بعد موته لان الموت يزيد النجس نجاسة والحق تفريعا على القول بالتنجيس أن يقول إن وقع ميتا نزح له سبعون للعموم ويمنع من زيادة نجاسته فإن نجاسته حيا إنما هو بسبب اعتقاده وهو منتف بعد الموت وإن وقع حيا ومات في البئر فكذلك لأنه لو باشرها حيا نزح له ثلاثون لحديث كردويه وابن إدريس بنى ذلك على أن النجاسة التي لم يرد فيها نص ينزح لها الماء أجمع ونحن نمنع ذلك انتهى واعترض عليه صاحب المدارك بوجوه أما أولا فلان ذلك مخالف لما هو المفروض في النصوص وكلام ابن إدريس وغيره فإن موضع المسألة في كلامهم موت الانسان في البئر ووقوعه فيها حيا كما لا يخفى على من تتبع كلامهم وأما ثانيا فلان ابن إدريس لم يستدل على وجوب نزح الجميع في هذه الحالة بمفهوم الموافقة ليتوجه عليه ما ذكره من المنع وإنما احتج عليه بثبوته في حال الحياة وعدم اقتضاء الموت التطهير فلا يزول وجوب نزح الجميع الثابت قبله وهو استدلال جيد لو سلم انتفاء التقدير فيه وأن كل ما كان كذلك وجب فيه نزح الجميع وأما ثالثا فلان زوال الاعتقاد المقتضي لنجاسة الكفر لا يقتضي زوال تلك النجاسة الحاصلة عنه كما حققناه فيما سبق من أن كل ما حكم الشارع بنجاسته فيجب إبقاؤه على ذلك إلى أن يثبت له المطهر شرعا وأن هذا ليس من باب الاستصحاب بل مرجعه إلى الأدلة العامة الدالة على ذلك فتأمل انتهى وفيه نظر أما في الوجه الأول فلانه (ره) لم يخص الكلام بالوقوع ميتا فقط بل أورد حكم الصورتين معا فلا وجه للايراد وأما في الوجه الثاني فلأنك قد علمت أن الوجه الأول من وجهي احتجاج ابن إدريس هو هذا بعينه وأيضا ليس في كلامه (ره) إن منع زيادة النجاسة إنما هو مع ابن إدريس بل يجوز أن يكون منعا لما يتوجه في هذا المقام وإن لم يكن من ابن إدريس وأما ما نقله (ره) من احتجاج ابن إدريس فيمكن حمله على الوجهين المنقولين سابقا عنه كما لا يخفى فلا يرد الايراد عليه بأنه لم لم ينقل وجهه الثاني مع أنه أظهر من الأول فإن قلت إذا لم يحمل العلامة (ره) كلامه على الوجه الأول فقط ولم يكن المنع الذي ذكره منعا لكلامه فلم يندفع كلام ابن إدريس ويبقى وجهه الثاني بحاله فكيف يصح كلام العلامة (ره)
(٢٢٦)