مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٠١
عدم انفعال مقدار الكر بملاقاة النجاسة مدخول لأنه من باب المفرد المحلي باللام وقد بين في المباحث الأصولية إن عمومه ليس من حيث كونه موضوعا لذلك على حد صيغ العموم وإنما هو باعتبار منافاة عدم إرادته الحكمة فيضان كلام الحكيم عنه وظاهر إن منافاة الحكمة حيث ينتفي احتمال العهد ولا ريب أن تقدم السؤال عن بعض أنواع الماهية عهد ظاهر وهو في محل النزاع واقع إذ النص متضمن للسؤال عن الماء المجتمع وحينئذ لا يبقى لاثبات الشمول لغير المعهود وجه وفيه نظر لأن الظاهر في أمثال هذه المواضع التي هو في مقام تقنين القوانين وتبيين الاحكام هو العموم وقد اعترف به أيضا من حيث منافاة عدم إرادته الحكمة وما ذكره من احتمال العهد باعتبار تقدم السؤال عن بعض أنواع الماهية لا وجه له لان السؤال إنما هو موجود في بعض الروايات وكثير من الروايات لا سؤال فيها وبعض ما فيه سؤال أيضا لا ظهور له و السؤال عن الماء المجتمع الذي لا اختلاف في سطوحه سلمنا عدم الظهور في العموم فلا شك في عدم الظهور في عدمه أيضا وعند الشك بني الحكم على أصل الطهارة و استصحابها ولو سلم الظهور في عدم العموم أيضا نقول قد مر سابقا أنه لا دليل على عموم نجاسة القليل سوى عدم القول بالفصل وهو ليس يحار ها هنا لوجود القول بالفصل لما عرفت من تصريح العلامة في التذكرة وصرح به أيضا المصنف في هذا الكتاب كما سيجئ وصرح به الشهيد الثاني في شرح الارشاد وهو الظاهر أيضا من إطلاق كلام المحقق وكلام العلامة في غير التذكرة وبما ذكرنا ظهر إن الاختلاف وإن كان بطريق التسنم من ميزاب أو نحوه لا بأس به وهو الظاهر من بعض إطلاقاتهم هذا وإن كان الكلام في المقام الثاني في اشتراط عدم الاختلاف الفاحش كالماء الذي يسيل من رأس جبل أو منارة أو نحوه وعدم اشتراطه فالظاهر أيضا بالنظر إلى الدليل عدم الاشتراط على قياس ما ذكرنا ولم نقف في كلام الأصحاب على نص ظاهر وإطلاق كلامهم في عدم اعتبار المساواة يمكن أن يكون محمولا على المتعارف وقد يستبعد على تقدير عدم الاشتراط حيث يلزم أن لا ينجس الماء الذي يصب من آنية على رأس منارة ويتصل أسفله بماء يبلغ وحده الكر أو مع ما في الآنية وكذا يلزم تطهر الماء المذكور إذا كان نجسا باتصاله تحت المنارة بالكثير وكذا يلزم تطهر الاناء وفي الجميع ولا يخفي أن الالزام الأول متجه وقد نلتزمه والاستبعاد في أمثال هذه المواضع لا عبرة به وأما الالزامان الأخيران فإنما يتجهان على من يكتفي في تطهير الماء بالاتصال بالكثير كيف كان سواء كان الكثير أعلى أو أسفل وأما على ما نميل إليه من اشتراط الامتزاج فلا وكذا لو لم يشترط الامتزاج لكن اشترط علو المطهر أو مساواته وأما المقام الثالث فالظاهر أيضا من إطلاق كلام المحقق كما ذكرنا وكذا من كلام العلامة في التحرير والمنتهى والنهاية تقوى الاعلى بالأسفل وإليه ذهب الشهيد الثاني (ره) لكن صرح العلامة في التذكرة بعدم تقوية به وقد صرح به أيضا المصنف في هذا الكتاب وفي الذكرى والبيان وكذا المحقق الشيخ علي (ره) والظاهر هو الأول لما ذكرنا آنفا واحتج المحقق والشيخ علي على عدم التقوى بأن الأسفل والأعلى لو اتحد في الحكم للزم تنجيس كل أعلى متصل بأسفل مع القلة وهو معلوم البطلان وحيث لم ينجس بنجاسته لم يطهر بطهره وأجيب بمنع اللزوم بيانه إن القول بتقوى الاعلى بالأسفل أما لكونهما ماء واحدا مندرجا تحت عموم إذا كان الماء كرا أو لعدم دليل على تنجسه بناء على عدم عموم أدلة انفعال القليل كما ذكرنا فإن كان الأول فإنما يلزم ما ذكره لو ثبت إن كل ماء واحد قليل ينجس جميعا بنجاسته بعض منه وإن كان أسفل من بعض آخر ولم يثبت لما عرفت من عدم دليل عام على انفعال القليل وعلى تقدير وجوده نقول إنه مخصص بغير صورة النزاع للاجماع على عدم سراية النجاسة من الأسفل إلى الاعلى وذلك الاجماع لا يستلزم خروج الأسفل والأعلى من الوحدة كما لا يخفى وقس عليه الحال في نجاسة أسفل الكثير بالتغير وعدم نجاسة ما فوقه وإن كان الثاني فالامر أظهر وقد ألزم على القول بعدم التقوى بنجاسة كل ما كان تحت النجاسة من الماء المنحدر إذا لم يكن فوقه كر أو إن كان نهرا عظيما وهو معلوم البطلان ويكون الجواب بمنع معلومية بطلانه لا بد له من دليل وقد أجاب أيضا صاحب المعالم (ره) بقوله ويمكن دفعه بالتزام عدم انفعال ما بعد عن موضع الملاقاة بمجردها لعدم الدليل عليه إذا لأدلة على انفعال ما نقص عن الكر بالملاقاة مختصة بالمجتمع والمتقارب وليس مجرد الاتصال بالنجس موجبا للانفعال في نظر الشارع وإلا نجس الاعلى بنجاسة الأسفل لصدق الاتصال حينئذ وهو منتفي قطعا وإذا لم يكن لاتصال بمجرده موجبا يسريان بالانفعال فلا بد في الحكم بنجاسة البعيد من دليل نعم جريان الماء النجس يقتضي نجاسة ما يصل إليه فإذا استوعب الاجزاء المنحدرة نجسها وإن كثرت ولا تعد في ذلك فإنها لعدم استواء سطحها بمنزلة المنفصل فكما أنه ينجس بملاقاة النجاسة له وإن قلت وكان مجموعه في غاية الكثرة فكذا هذه انتهى وفيه نظر ظاهر لأنه بعد تسليم انفعال ما نقص عن الكر بالملاقاة مع الاجماع والتقارب لا شك إنه يلزم نجاسة جميع ماء النهر المذكور لأن النجاسة ملاق لبعضه وذلك البعض ملاق للبعض الاخر القريب منه وهكذا فينجس الجميع إذ الظاهر أن القائلين بنجاسة القليل بالملاقاة لا يفرقون بين النجاسة والمتنجس وما ذكره من أن مجرد الاتصال بالنجس لو كان موجبا للانفعال في نظر الشارع لنجس الاعلى بنجاسة الأسفل ففيه إنه مخصص عن العموم بالاجماع فالحاق ما عداه به مما لا دليل عليه قياس لا نقول به على أن الفارق أيضا موجود كما ذكره بعض من عدم تعقل سريان النجاسة إلى الاعلى ثم إعلم إن الشهيد الثاني (ره) قد أخذ تناقضا في هذا المقام على جمع من المتأخرين منهم المصنف (ره) والمحقق الشيخ علي (ره) بيانه أنه ذكر أنهم قالوا إن الماء الجاري إذا تغير بعضه بالنجاسة ولم يشترط الكرية فيه فإنما ينجس المتغير خاصة دون ما فوقه وما تحته إلا أن يستوعب التغير عمود الماء وأما إذا اشترط الكرية أو كان الجاري لا عن مادة ولاقته نجاسة لم ينجس ما فوقها مطلقا ولا ما تحتها إن كان جميعهما كرا إلا مع تغير بعض الكر فينجس الأسفل أو مع استيعاب التغير ما بين الحافتين فيشترط في طهارة الأسفل كريته وهذا القول إنما يستلزم تقوى الاعلى بالأسفل وإلا للزم الحكم بنجاسة الأسفل مطلقا إلا إذا كان
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336