قطع بالنجاسة فإن التغير حاصل وإن لم يكن ظاهرا للحس والمناط التغير في الواقع لا التغير الحسي وممن قطع به المصنف في البيان (ويطهر بما مر) أي بالتقاء الكر دفعة حتى يزول التغير وإن لم يزل فكر آخر وهكذا وبالجاري وما ذكر من الأبحاث في تطهير القليل جار ها هنا أيضا فاعتبر واعلم إن المشهور بين الأصحاب عدم طهارة المتغير بزوال التغير من قبل نفسه أو بتصفيق الرياح أو نحوه بدون ورود الماء وقد صرح بعضهم مثل يحيى بن سعيد بالطهارة به وهو من الذاهبين إلى طهارة القليل بالاتمام كرا ونسب أيضا إلى بعض القائلين بعدم الطهارة بالاتمام القول بطهارة الكثير بزوال التغير لكن الظاهر أنه لم يذهب أحد إلى طهارة القليل المتغير بزوال التغير كما يفهم من المنتهى وقال بعض الأصحاب كالمحقق والمصنف وغيرهما إن القول بالطهارة في الكثير بزوال التغير لازم على كل من قال بالطهارة بالاتمام وفيه نظر لان القول بالتمام أما أن يكون من جهة خبر البلوغ أو من غيرها من الوجوه التي ذكرنا سابقا فإن كان من غيرها فعدم اللزوم ظاهر وإن كان منها فكذلك أيضا لان خبر البلوغ إنما يدل عموما على أن الماء إذا بلغ كرا لم يظهر فيه خبث أصلا وقد خصص ذلك العموم بالروايات والاجماع بالخبث الذي لا يكون مغيرا فعند التغير يثبت النجاسة ويكون مستصحبا إلى أن يعلم المزيل كما ذكره القائلون بعدم الاتمام فإن قيل القدر الثابت تخصيصه من ذلك العموم المتغير ما دام متغيرا فيكون ما بعد التغير داخلا في العموم قلنا هذا على تقدير تمامه وارد على القائلين برواية إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ أيضا كما لا يخفى حجة المشهور أن النجاسة حكم شرعي فيتوقف زواله على حكم آخر ولأنها نجسة قبل الزوال فيستصحب الحكم بعده أيضا ولأن النجاسة تثبت بوارد فلا تزول إلا بوارد وضعف الأخير ظاهر وللمناقشة في الأولين مجال والأولى مجال أن يتمسك بالروايات المتقدمة الدالة على النجاسة بالتغير لان فيها النهي عن الوضوء والشرب عن هذا الماء والنهي للدوام والتكرار خرج ما بعد التطهير بالالقاء ونحوه مما فيه إجماع أو دليل آخر بالدليل فبقي الباقي واستدل القايلون بالطهارة بأن الأصل في الماء الطهارة والحكم بالنجاسة للتغير فإذا زالت العلة انتفى المعلول والجواب إن التغير لا نسلم أنه علة للنجاسة بل هو من العلامات والمعرفات كما هو شأن العلل الشرعية ولو سلمنا العلية فيمكن أن يكون علة لحدوث النجاسة لا لبقائها إذ العلة المبقية يجوز أن يكون غير العلة المحدثة فإن قلت البقاء لا بد له من علة كما هو الحق فلا بد أن تثبتوا تلك العلة حتى يتم مطلوبكم إذ الاحتمال لا يكفيكم لان أصل الطهارة معنا قلت لا يلزم علينا إثبات أن العلة ماذا بل يكفي أن يثبت إن الحكم باق بعد التغير وقد أثبتنا بعموم النهي وشموله لجميع الأوقات فتأمل (ولو تغير بعضه وكان الباقي كرا طهر بتموجه وإلا نجس) هذا الحكم معروف بين الأصحاب ولم نعرف فيه خلافا واعلم أنه لا بد في الكر الباقي من الاتصال فلو قطع بعض أجزائه عن بعض بالاجزاء المتغيرة ينجس الجميع ثم اشتراط التموج إنما هو على القول بوجوب المزج فلو اكتفى بالاتصال لكفى زوال تغير المتغير مع اتصاله بالباقي والأولي أن يمزج جميع الكر الباقي مع المتغير ولا يكتفي بمزج بعضه (ولا فرق بين مياه الحياض والآنية وغيرهما على الأصح) هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب المفيد وسلار إلى نجاسة ماء الحياض و الأواني بملاقاة النجاسة وإن كان كرا فصاعدا والمعتمد هو الأول للأصل والروايات المتقدمة في بحث القليل الدالة على أن الكر لا ينجسه شئ واحتجا على ما حكى عنهما بعموم النهي عن استعمال ماء الأواني مع ملاقاة النجاسة والجواب أنه محمول على الغالب إذ الغالب أن الآنية لا تسع الكر ولو سلمنا عدم ظهوره في القليل فنقول أن بينه وبين العمومات الدالة على أن الكر لا ينجسه شئ عموما من وجه فنحكم فيما نحن بصدده بالتعارض والتساقط لو سلم عدم رجحان العمومات بالكثرة والشهرة فيبقى أصل الطهارة بحاله ولا يذهب عليك إن هذا الدليل لو تم لدل في الأواني فقط فالحاق الحوض بها مما وجه له وقد مر في بحث القليل عدة روايات تكون نصا في عدم نجاسة الحوض بالملاقاة فتذكر فرع (لو شك في استناد التغير إلى النجاسة فالأصل الطهارة) للأخبار الواردة بأن كل ماء طاهر حتى يعلم أنه قذر وقد تقدمت في أول بحث المياه والأخبار الدالة على أن اليقين لا ينقض بالشك ولما رواه التهذيب في آخر باب تطهير الثياب في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر فإذا علمت فقد وما لم تعلم فليس عليك والحق المصنف في الذكرى الظن أيضا بالشك لعدم شمول العلم له وهو جيد (ولو جمد الماء لحق بالجامدات فينجس الموضع الملاقي) هذا هو الظاهر لعدم صدق الماء عليه عرفا ولغة والعلامة (ره) في المنتهى حكم بأن الماء إذا جمد وكان كثيرا لم ينجس بملاقاة النجاسة لدخوله تحت عموم إذا بلغ الماء كرا لان التجميد لا يخرج الماء عن حقيقته بل ذلك مما يؤكد ثبوت مقتضى حقيقته فإن الآثار الصادرة عن الحقيقة كلما قويت كانت آكد في ثبوتها والبرودة من معلولات طبيعة الماء وهي تقتضي الجمود وفيه نظر ظاهر لان مناط الاحكام العرف واللغة ولا يطلق فيهما اسم الماء على الجامد وعدم الخروج عن حقيقته بالجمود لا مدخل له وهو (ره) مع حكمه في الكثير بذلك حكم في القليل الجامد بأن النجاسة لا يسري إلى جميعه لأنه لجموده يمنع من شيوع النجاسة فيه فلا يتعدى موضع الملاقاة بخلاف الماء القليل الذي يسري النجاسة إلى جميع أجزائه وهو حسن ولم يصرح في كلامه (ره) إن الكثير الجامد ما حكمه إذا تغير بالنجاسة والظاهر أنه أيضا كالقليل في نجاسته موضع الملاقاة حسب ولا يخفى ما في الجميع بين هذين الحكمين من غرابة ثم بعد هذا تردد في أن الماء القليل المايع الملاصق لما زاد على الكر من الثلج هل ينجس بملاقاة النجاسة أم لا نظر إلى أنه ماء متصل بالكر فلا يقبل التنجس وإلى أنه ماء قليل متصل بالجامد اتصال
(٢٠٤)