مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
قطع بالنجاسة فإن التغير حاصل وإن لم يكن ظاهرا للحس والمناط التغير في الواقع لا التغير الحسي وممن قطع به المصنف في البيان (ويطهر بما مر) أي بالتقاء الكر دفعة حتى يزول التغير وإن لم يزل فكر آخر وهكذا وبالجاري وما ذكر من الأبحاث في تطهير القليل جار ها هنا أيضا فاعتبر واعلم إن المشهور بين الأصحاب عدم طهارة المتغير بزوال التغير من قبل نفسه أو بتصفيق الرياح أو نحوه بدون ورود الماء وقد صرح بعضهم مثل يحيى بن سعيد بالطهارة به وهو من الذاهبين إلى طهارة القليل بالاتمام كرا ونسب أيضا إلى بعض القائلين بعدم الطهارة بالاتمام القول بطهارة الكثير بزوال التغير لكن الظاهر أنه لم يذهب أحد إلى طهارة القليل المتغير بزوال التغير كما يفهم من المنتهى وقال بعض الأصحاب كالمحقق والمصنف وغيرهما إن القول بالطهارة في الكثير بزوال التغير لازم على كل من قال بالطهارة بالاتمام وفيه نظر لان القول بالتمام أما أن يكون من جهة خبر البلوغ أو من غيرها من الوجوه التي ذكرنا سابقا فإن كان من غيرها فعدم اللزوم ظاهر وإن كان منها فكذلك أيضا لان خبر البلوغ إنما يدل عموما على أن الماء إذا بلغ كرا لم يظهر فيه خبث أصلا وقد خصص ذلك العموم بالروايات والاجماع بالخبث الذي لا يكون مغيرا فعند التغير يثبت النجاسة ويكون مستصحبا إلى أن يعلم المزيل كما ذكره القائلون بعدم الاتمام فإن قيل القدر الثابت تخصيصه من ذلك العموم المتغير ما دام متغيرا فيكون ما بعد التغير داخلا في العموم قلنا هذا على تقدير تمامه وارد على القائلين برواية إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ أيضا كما لا يخفى حجة المشهور أن النجاسة حكم شرعي فيتوقف زواله على حكم آخر ولأنها نجسة قبل الزوال فيستصحب الحكم بعده أيضا ولأن النجاسة تثبت بوارد فلا تزول إلا بوارد وضعف الأخير ظاهر وللمناقشة في الأولين مجال والأولى مجال أن يتمسك بالروايات المتقدمة الدالة على النجاسة بالتغير لان فيها النهي عن الوضوء والشرب عن هذا الماء والنهي للدوام والتكرار خرج ما بعد التطهير بالالقاء ونحوه مما فيه إجماع أو دليل آخر بالدليل فبقي الباقي واستدل القايلون بالطهارة بأن الأصل في الماء الطهارة والحكم بالنجاسة للتغير فإذا زالت العلة انتفى المعلول والجواب إن التغير لا نسلم أنه علة للنجاسة بل هو من العلامات والمعرفات كما هو شأن العلل الشرعية ولو سلمنا العلية فيمكن أن يكون علة لحدوث النجاسة لا لبقائها إذ العلة المبقية يجوز أن يكون غير العلة المحدثة فإن قلت البقاء لا بد له من علة كما هو الحق فلا بد أن تثبتوا تلك العلة حتى يتم مطلوبكم إذ الاحتمال لا يكفيكم لان أصل الطهارة معنا قلت لا يلزم علينا إثبات أن العلة ماذا بل يكفي أن يثبت إن الحكم باق بعد التغير وقد أثبتنا بعموم النهي وشموله لجميع الأوقات فتأمل (ولو تغير بعضه وكان الباقي كرا طهر بتموجه وإلا نجس) هذا الحكم معروف بين الأصحاب ولم نعرف فيه خلافا واعلم أنه لا بد في الكر الباقي من الاتصال فلو قطع بعض أجزائه عن بعض بالاجزاء المتغيرة ينجس الجميع ثم اشتراط التموج إنما هو على القول بوجوب المزج فلو اكتفى بالاتصال لكفى زوال تغير المتغير مع اتصاله بالباقي والأولي أن يمزج جميع الكر الباقي مع المتغير ولا يكتفي بمزج بعضه (ولا فرق بين مياه الحياض والآنية وغيرهما على الأصح) هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب المفيد وسلار إلى نجاسة ماء الحياض و الأواني بملاقاة النجاسة وإن كان كرا فصاعدا والمعتمد هو الأول للأصل والروايات المتقدمة في بحث القليل الدالة على أن الكر لا ينجسه شئ واحتجا على ما حكى عنهما بعموم النهي عن استعمال ماء الأواني مع ملاقاة النجاسة والجواب أنه محمول على الغالب إذ الغالب أن الآنية لا تسع الكر ولو سلمنا عدم ظهوره في القليل فنقول أن بينه وبين العمومات الدالة على أن الكر لا ينجسه شئ عموما من وجه فنحكم فيما نحن بصدده بالتعارض والتساقط لو سلم عدم رجحان العمومات بالكثرة والشهرة فيبقى أصل الطهارة بحاله ولا يذهب عليك إن هذا الدليل لو تم لدل في الأواني فقط فالحاق الحوض بها مما وجه له وقد مر في بحث القليل عدة روايات تكون نصا في عدم نجاسة الحوض بالملاقاة فتذكر فرع (لو شك في استناد التغير إلى النجاسة فالأصل الطهارة) للأخبار الواردة بأن كل ماء طاهر حتى يعلم أنه قذر وقد تقدمت في أول بحث المياه والأخبار الدالة على أن اليقين لا ينقض بالشك ولما رواه التهذيب في آخر باب تطهير الثياب في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر فإذا علمت فقد وما لم تعلم فليس عليك والحق المصنف في الذكرى الظن أيضا بالشك لعدم شمول العلم له وهو جيد (ولو جمد الماء لحق بالجامدات فينجس الموضع الملاقي) هذا هو الظاهر لعدم صدق الماء عليه عرفا ولغة والعلامة (ره) في المنتهى حكم بأن الماء إذا جمد وكان كثيرا لم ينجس بملاقاة النجاسة لدخوله تحت عموم إذا بلغ الماء كرا لان التجميد لا يخرج الماء عن حقيقته بل ذلك مما يؤكد ثبوت مقتضى حقيقته فإن الآثار الصادرة عن الحقيقة كلما قويت كانت آكد في ثبوتها والبرودة من معلولات طبيعة الماء وهي تقتضي الجمود وفيه نظر ظاهر لان مناط الاحكام العرف واللغة ولا يطلق فيهما اسم الماء على الجامد وعدم الخروج عن حقيقته بالجمود لا مدخل له وهو (ره) مع حكمه في الكثير بذلك حكم في القليل الجامد بأن النجاسة لا يسري إلى جميعه لأنه لجموده يمنع من شيوع النجاسة فيه فلا يتعدى موضع الملاقاة بخلاف الماء القليل الذي يسري النجاسة إلى جميع أجزائه وهو حسن ولم يصرح في كلامه (ره) إن الكثير الجامد ما حكمه إذا تغير بالنجاسة والظاهر أنه أيضا كالقليل في نجاسته موضع الملاقاة حسب ولا يخفى ما في الجميع بين هذين الحكمين من غرابة ثم بعد هذا تردد في أن الماء القليل المايع الملاصق لما زاد على الكر من الثلج هل ينجس بملاقاة النجاسة أم لا نظر إلى أنه ماء متصل بالكر فلا يقبل التنجس وإلى أنه ماء قليل متصل بالجامد اتصال
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336