مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
وخصوص مطلق فيجب أن يخصص العام ولو جعل مراده من العموم عموم حسنة محمد بن ميسر ففيه أنه لا معارضة حينئذ من وجه بل التعارض بينهما كلي ويمكن أن يقال مراده عموم رواية البئر إذ التعليل بناء على عمومه بمنزلة إن كل ذي مادة لا ينجس بالملاقاة وهذا شامل للقليل وغيره وعموم المفهوم إن كل قليل ينجس بالملاقاة وهو أعم من ذي مادة وغيره فيحصل بينهما عموم من وجه فحينئذ يظهر وجه ترجيح آخر لان تقييد العام الأول بالكثير مما يخرجه عن الفايدة لان الكثير لا حاجة له إلى المادة هذا ولو احتج للعلامة بالروايات الدالة بالمنطوق على نجاسة القليل ففيه أيضا أنها لا عموم لها أصلا سوى صحيحة علي المتضمنة لدخول الدجاجة في الماء وقد عرفت المناقشة في عمومها أيضا في بحث وقوع ما لا يدركه الطرف من الدم ولو سلم العموم فلا نسلم ظهورها في النجاسة ولو سلم فإثبات الحكم بمجردها مشكل سيما مع عدم عمل الأصحاب بمضمونها فيما نحن فيه وقس عليه الحال في نظاير هذا الموضع (ولو تغير بعضه نجس دون ما فوقه وما تحته إلا أن ينقص ما تحت النجاسة عن الكر ويستوعب التغير عمود الماء) وهو خط مما بين جانبيه عرضا وعمقا (فينجس التغير وما تحته) لا خفاء في هذه الأحكام إلا فيما ذكره من أن عند نقصان ما تحته عن الكر واستيعاب التغير عمود الماء ينجس المتغير وما تحته وهذا الحكم وإن كان مشهورا فيما بين المتأخرين لكن ليس له وجه ظاهر إذ ما يتخيل أنه حينئذ ينقطع اتصاله بما فوق فيصير في حكم القليل ليس بمسلم إذ الانقطاع إنما يحصل بانقطاع الماء وعدم جريانه إليه بالاتصال وفيما نحن فيه ليس كذلك إذ الماء يجري إلى ما تحت غايته أنه في البين ماء نجس والحاصل أن الأصل الطهارة وعموم دلايل انفعال القليل قد عرفت حاله فلا بد في نجاسة هذا الماء من دليل ولا دليل عليه اللهم إلا أن يتمسك بالشهرة أو عدم القول بالفصل وفي الكل نظر لكن الاحتياط فيه واعلم إن العلامة (ره) أنه اشترط الكرية في الجاري أطلق القول في جملة من كتبه عند تغير البعض إذا كان كثيرا باختصاص النجاسة بالمتغير دون ما فوقه وما تحته وهذا بظاهره يعطي الحكم بعدم اشتراط مساواة السطوح في الكر وتقوى الاعلى بالأسفل إذ لو لم يكن ذلك لما كان الحكم صحيحا على إطلاقه بل فيه تفصيل لا يخفى لكنه صرح في بعض كتبه بعدم تقوى الاعلى بالأسفل كما نقلنا سابقا عن التذكرة فكلامه هذا أما رجوع عما في التذكرة أو إجمال في الكلام إحالة على أنه يعلم تفصيله بالتأمل في مقتضى الأصول التي تقرر عنده أو أنه يرى في الجاري خصوصيته لا يرى في غيره بناء على أن الغالب فيه عدم الاستواء فلو اعتبرت المساواة وعدم تقوى الاعلى بالأسفل للزم الحكم بتنجس الأنهار العظيمة بملاقاة النجاسة أوايلها التي لا يبلغ مقدار الكر ولو بضم ما فوقها وذلك معلوم الانتفاء (وطهره بتدافعه حتى يزول التغير) الظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويريده الرواية التي سنذكرها إنشاء الله تعالى في بحث الحمام من أن ماء النهر يطهر بعضه بعضا والعلامة (ره) مع القول باشتراط الكرية أطلق هذا الحكم واستشكل عليه أنه إذا استوعب التغير جميع الماء أو بقدر ما يكون الباقي منه أقل من كر يلزم أن لا يطهر ذلك الماء إلا بمطهر من خارج وإن كان عينا عظيما جدا وهو منتف البتة لان ما يخرج من المنبع ليس بكر فيتحسن بالملاقاة وهكذا إلا أن يكتفي بخروج الكر دفعة عرفية ومع هذا أيضا لا يرتفع الاشكال إذ يلزم أن لا يطهر العين الذي في كمال القوة والغلبة إذ لم يخرج بقدر الكر دفعة عرفية وهذا أيضا معلوم الانتفاء وقد أشرنا إليه أيضا سابقا وقد يجعل هذا من الشواهد على بطلان اشتراط الكريه لاستلزامه هذه المفسدة وللعلامة أن يلتزمها ويدعي عدم فسادها لكنه بعيد جدا أو يحكم بخروج هذا الفرد من الكلية واعلم إن اشتراط التدافع حتى يزول التغير إنما هو على رأي من يعتبر الممازجة كالمصنف وأما من يكتفي بالاتصال فالظاهر على رأيه كفاية زوال التغير وإن لم يحصل التدافع وقد نسب إلى بعض القائلين بالاتصال عدم كفايته ها هنا نظرا إلى أن الاتصال الذي يكتفي به في التطهير هو الحاصل بطريق العلو أو المساواة وليس بمتحقق ها هنا لان المادة باعتبار خروجها من الأرض لا يكون إلا أسفل منه ولا يخفى أنه على تقدير تمامه إنما يتم في بعض الصور إذ ليس في جميعها كذلك والأولى اعتبار التدافع والتمازج وعدم الاكتفاء بالاتصال وقد ظهر وجهه فيما سبق (ولا يشترط فيه الكرية على الأصح) قد تقدم القول فيه (نعم يشترط دوام النبع) قد تبع الشيخ جمال الدين ابن فهد أيضا في الموجز المصنف في هذا الشرط واشتبه الامر في أن المراد منه ماذا فقال بعضهم إن المراد بالدوام عدم الانقطاع في أثناء الزمان ككثير من المياه التي يخرج زمن الشتاء وينقطع بالصيف وهذا غريب جدا إذ لا دليل عليه من الاخبار ولا يصاعده الاعتبار ولأنه إن أريد به ما يعم الزمان كله فلا ريب في بطلانه إذ لا سبيل إلى العلم به وإن خصص ببعضها فمحض تحكم وقد قال المحقق الشيخ (ره) في بعض فوائده إن أكثر المتأخرين عن الشهيد (ره) لا تحصيل لهم فهموا هذا المعنى من كلامه وهو منزه عن أن يذهب إلى مثله فإنه تقييد لاطلاق النص بمجرد الاستحسان وهو أفحش أغلاط الفقهاء وبالغ في توجيه فساده حتى قال أنه ليس محط نظر فقيه فيحتاج إلى الكلام عليه والاعتناء به وإنما قصد بذلك الإشارة إلى خطائه ليتجنبه ذو البصائر ثم أنه (ره) حمله على معنى آخر وهو أن المراد بدوام النبع استمرار محال الملاقاة بالنجاسة وهذا المعنى وإن كان خلاف الظاهر من اللفظ في الجملة لكنه صواب إذ عند عدم استمراره حال ملاقاة النجاسة يكون بمنزلة الماء القليل وإن كان في بعض الصور للتأمل مجال وهو ما إذا كان نبعه من الأرض بطريق الترشح ويكون انقطاعه آنا فآنا بحيث لا يتراخى زمان معتد به بين القطع والنبع إذ حينئذ الجزم بدخوله تحت القليل وبشمول أدلة نجاسته بالملاقاة له مشكل لما عرفت أن تعميم هذه
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336