قال نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب ولقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا مما لزق بهما من التراب وفيه أيضا عدم الظهور في الحوض الصغير وعدم الظهور أيضا في وصول النجاسة وما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن محمد بن مسلم قال رأيت أبا جعفر (عليه السلام) جائيا من الحمام وبينه و بين داره قذر فقال لولا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي ولا تجتنب ماء الحمام وفيه أيضا مثل ما سبق وما رواه أيضا في هذا الباب والكافي في باب ماء الحمام عن بكر بن حبيب عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة وهذه الرواية وإن كانت غير صحيحة لجهالة بكر لكن تلقي الأصحاب لها بالقبول يجبر ضعفها ويمكن ادعاء ظهورها في الحياض الصغار إذ لو كان حوضا كبيرا لما كان محتاجا إلى المادة وإن كان للمنع مجال وما رواه الكافي في الباب المذكور عن حنان قال سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله (عليه السلام) أني أدخل الحمام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فأقوم فاغتسل فيتضح على بعد ما أفرغ من مائهم قال أليس هو جار قلت بلى قال لا بأس وفيه بعد القدح في السند عدم ظهور المراد منه كما لا يخفى وهذه الرواية في التهذيب أيضا في الباب المذكور لكن ليس في سندها حنان والظاهر أنه سقط سهوا وما رواه التهذيب في الباب المذكور عن أبي الحسن الهاشمي قال سئل عن الرجال يقومون على الحوض في الحمام لا أعرف اليهودي من النصراني ولا الجنب من غير الجنب قال يغتسل منه ولا يغتسل من ماء آخر فإنه طهور وعن الرجل يدخل الحمام وهو جنب فيمس الماء من غير أن يغسلهما قال لا بأس وفيه أيضا بعد القدح في السند عدم الظهور في الحوض الصغير ولا وصول النجاسة إليه والدليل على الأمر الثاني مضافا إلى الاجماع أيضا على تقدير كون المادة كرا إذ المحقق (ره) مع قوله بعدم اشتراط الكرية يقول بأن المادة إذا لم تكن كرا لا يطهر الحوض الصغير بعد نجاسته بجريانها إليه بل إنما يشترط في طهر الصغير بجريانها إليه كريتها ما رواه الكافي في الباب المذكور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت أخبرني عن ماء الحمام يغتسل منه الجنب والصبي واليهودي والنصراني والمجوسي فقال إن ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا وفي سنده ضعف ولا يذهب عليك أن هذه الروايات كما عرفت يشكل الاستدلال بها على حكم فالمعول في عدم نجاسة الحوض الصغير بملاقاة النجاسة حال كونه متصلا بالمادة الاجماع كما هو الظاهر وكذا في تطهيره بعد النجاسة بجريان المادة إليه إذا كانت كرا أما مع الاستيلاء أو عدمه على الاحتمالين كما سنذكره وكذا لو كان الحوض كرا ونجس بالتغير مثلا ولو قطع النظر عن الاجماع وبنى على المقدمات المتقدمة في الأبواب السابقة في بحث الماء نقول لا يخلو أما أن يكون مادته كرا أم لا فإن كانت كر وكان متصلا بالحوض الصغير فعلى ما حققنا سابقا من عدم طهور اشتراط تساو السطوح في الكر لا خفاء في عدم نجاسته بالملاقاة وأما تطهيره بعد النجاسة فأمره مشكل لما عرفت سابقا من عدم نص في تطهير الماء سوى ما في البئر وهذه الرواية التي ذكرنا أخيرا أو قد عرفت ضعفها مع أن فيها نوع إجمال فأما أن يتمسك في تطهيره إن كان نجاسته من الملاقاة بأن العمدة في نجاسة القليل مطلقا إنما هي الشهرة بين الأصحاب والشهرة بين الأصحاب والشهرة إنما هي فيما عدا ذلك الوقت وإن كانت نجاسته بالتغير بما ذكرنا سابقا من حصول الشك في التكليف وإن الظاهر من النواهي الواردة في الاجتناب عنه إنما هو الاجتناب حال التغير وبالجملة هذه الأمور مع الاجماع ظاهرا مما يورث الظن القوى بطهارته بإجراء المادة ثم إن مجرد الاجراء كاف أو لا بد من الاستيلاء عليه وممازجته معه صرح العلامة في المنتهى والتذكرة والنهاية بأنه لا بد من الاستيلاء والغلبة واستدل بأن الصادق (عليه السلام) حكم بأنه بمنزلة الماء الجاري والجاري إذا نجس لم يطهر إلا بالاستيلاء واختار الشهيد الثاني (ره) أنه يكفي الاجراء فقط ونسب القول به إلى العلامة أيضا في بعض المواضع حيث اكتفى في مسألة الوصل بين الغديرين في طهارة النجس منهما باتصاله بالطاهر منهما كما صرح به في النهاية ويظهر منه الميل إليه في المنتهى ونسب هذا القول إلى المحقق الشيخ (ره) أيضا واستدل الشهيد الثاني (ره) بما نقلنا سابقا في بحث تطهير القليل من أدلة عدم اعتبار الممازجة وقد عرفت عدم تماميتها والأولى رعاة الامتزاج لتحقق الاجماع فيه ظاهرا دون الأول وعدم دليل عليه مع أن الأصل بقاء النجاسة على ما كان وإن كان يتطرق إليه المناقشات كما مر غير مرة ثم اعلم إن ما نقلنا عن العلامة (ره) كما فهمه الشهيد الثاني وتبعه بعض آخر يترائى منه تناقض وتهافت لأنه صرح في النهاية بعدم كفاية جريان المادة إلى الحوض الصغير وصرح في الغديرين بالكافية ولا معنى لكون حكم الحمام أغلظ من غيره وهو ظاهر وكذا ما في المنتهى وهل هذا إلا تناقض وألحق إن مراده (ره) ليس كما فهموه ونسبوا إليه بل مراده من الغديرين اللذين يكتفي فيهما بالاتصال ما إذا كانا متساويين ومادة الحمام أعلى في الغالب نعم يمكن الايراد عليه بأن الوجه الذي ذكره في كفاية الاتصال من أن مداخلة الجميع محال فالمعتبر اذن الاتصال كما نقلنا يجري ها هنا أيضا فلم لم يكتف ها هنا بالاتصال وقد أخذ عليه (ره) أيضا أنه شرط في مادة الحمام الكرية وصرح بتقوى الأسفل بالأعلى في الذكرة كما نقلنا عنه سابقا مع أنه استشكل في التذكرة وغيرها في انسحاب حكم الحمام إلى غيره وهو أيضا مندفع عنه لأنه يمكن أن يكون كلامه في التذكرة في الغديرين الأسفل والأعلى وتقوى الأول بالثاني مختصا بالغديرين اللذين يكون الاختلاف بينهما بطريق الانحدار لا بالتسنم من ميزاب ونحوه كما هو متعارف الحمام وحينئذ لا مؤاخذة وأيضا يجوز أن يكون مراده بانسحاب حكم الحمام إلى غيره ليس مجرد عدم انفعال السافل بتقوية بالأعلى بل تطهره بالأعلى أما بالاستيلاء أو بمجرد الجريان ولا يخفى إن هذا محل الاشكال وإن حكم بتقوى الأسفل بالأعلى في عدم الانفعال
(٢٠٨)