الاعلى وحده كرا ولم يستوعب التغير عمود الماء ولم يكف بلوغ المجموع من الأعلى والأسفل كرا مع عدم الاستيعاب وكذا بلوغ الأسفل كرا مع عدم الاستيعاب لان أجزاء الأسفل غير مستوية فلا يقوى الجزء الاعلى الملاقي للنجاسة على هذا التقدير فيصير نجسا وبنجاسته ينجس الجزء الملاقي له وهكذا إلى آخر الماء ثم ذكروا إن الاعلى لا يتقوى بالأسفل فقد ناقضوا قولهم الأول ولا يذهب عليك إن ما نقله من التفصيل في الجاري من المتأخرين لم نجده في كلام أحد سوى المصنف (ره) في هذا الكتاب والبيان و يمكن دفع التناقض بأن يقال إن المصنف إنما حكم باشتراط العلو أو المساواة في كتبه في اتصال الواقف القليل بالجاري (وبالكثير فلعله إنما يشترط في تقوى الاعلى بالأسفل عدم امتياز الظاهر بينهما وحكم العرف بوحدتهما والماء الجاري يزعم أنه في العرف يقال لجميعه ماء واحد وإن كان بعضه أعلى وبعضه أسفل بخلاف الواقف المتصل بالجاري وبالكثير والحاصل إنه يشترط في التقوى وحدة المائين في العرف أو كون المقوى أعلى و الماء الجاري وإن كان لا عن مادة يحكم باتحاد جميعه في العرف والماء الواقف المتصل بالجاري أو الكثير عند علوه ينتفي فيه الأمران معا فلا يتقوى بهما ويمكن أن يتكلف أيضا ويخصص الأسفل في كلامه بما إذا لم يكن أجزائه منحدرة هذا وأما المقام الرابع فلم نظفر فيه بتصريح والذي يقتضيه النظر الاكتفاء بالاتصال مطلقا وقد ظهر وجهه في تضاعيف الكلمات السابقة فقد تلخص بما ذكرنا إن الظاهر عدم اشتراط مساواة السطح في الكر مطلقا والاكتفاء بمطلق الاتصال وكذا الظاهر تقوى الاعلى بالأسفل وإن كان الاحتياط في اعتبار المساواة والاتصال بما يعتد به والتحرز عن الكر المختلف السطح الملاقي للنجاسة عند وجود غيره خصوصا إذا كان الاختلاف فاحشا أو يكون بطريق التسنم من ميزاب ونحوه وكذا عن الذي اتصال أجزائه ضعيف وعند فقد غيره الاحتياط في التطهر به وعدم ملاحظة جانب النجاسة ثم ضم التيمم وإعادة الطهارة عند وجدان ماء آخر وتطهير ما لاقى الأول كما مر في نظائره غير مرة ثم إن ها هنا كلاما آخر وهو إن صاحب المعالم بعد اعتبار المساواة في الكر للوجه الذي ذكرنا سابقا ذهب إلى أنه إذا كان الماء القليل متصلا بمادة كثيرة سواء كان مساويا لها ويكون أسفل منها وسواء كان الاتصال بطريق الانحدار والتسنم من ميزاب ونحوه كماء الحمام فإنه لا ينفصل بملاقات النجاسة ولا يشترط في عدم انفعال هذا الماء مساواة سطوح مادته بل لو كانت مختلفة أيضا لكانت مانعة عن انفعال هذا القليل نعم يشترط مساواتها في عدم انفعال المادة نفسها واستدل عليه بأن المقتضي لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة ولا ريب أن تأثير المادة إنما هو باعتبار إفادتها الاتصال بالكثرة وليس الزايد منها على الكر معتبرا في نظر الشارع فيرجع حاصل المقتضي إلى كونه متصلا بالكر على جهة جريانه إليه واستيلائه عليه وهذا المعنى بعينه موجود فيما نحن فيه فيجب أن يعمل بمقتضاه قال ويريد ذلك حكم ماء الحمام فأنا لا نعلم من الأصحاب مخالفا في عدم انفعاله بالملاقاة مع بلوغ المادة الكر والأخبار الواردة فيه شاهدة بذلك أيضا وليس لخصوصية الحمام عند التحقيق مدخل في ذلك وتوقف العلامة في المنتهى والتذكرة بعد اشتراط كرية مادته في الحاق الحوض الصغير ذي المادة في غيره به لا معنى له نعم يتوجه ذلك على القول بعدم اعتبار الكرية في المادة فإنه يمكن حينئذ قصر الرخصة على موضع النص وقد بنى الشهيد في الذكرى هذا الالحاق على الخلاف في المادة فقال وعلى اشتراط الكرية في المادة يتساوى الحمام وغيره لحصول الكرية الدافعة للنجاسة وعلى العدم فالأقرب اختصاص الحمام بالحكم لعموم البلوى وانفراده بالنص انتهى واستدل على الحكم الأخير بأن المادة المعتبرة في النابع ليست بمستوية كما هو ظاهر وفي الكل نظرا ما في الاستدلال الأول فلان ما ذكره من أن المقتضي لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة إنما هو ناظر إلى الرواية التي سنذكرها في بحث الجاري إنشاء تعالى المتضمنة لعدم نجاسة البئر لان لها مادة وأنت خبير بأنه لو سلم عدم الاختصاص بالبئر ولم نقل بجواز كون العلة في عدم النجاسة وجود المادة لخصوص البئر فلا نسلم صدق المادة على ما نحن فيه إذ معناه اللغوي أي الزيادة المتصلة معلوم أنه ليس بمراد ومعناها العرفي غير ظاهر فيجوز أن يكون المراد ماء كثير يصل مدده إليه آنا فآنا سلمنا صدقها لكن لا نسلم ظهور الخبر في أن كل مادة كذلك إذ ليس في مقام تقنين القانون وتحديد الضابطة حتى يكون الظاهر منه العموم كما لا يخفى عند الرجوع إلى الوجدان سلمنا لكن لا نسلم أن مجرد وجود المادة كاف في عدم التنجيس إذ يجوز أن تكون العلة وصول المدد من المادة إلى ذي المادة آنا فآنا لا يقال إن العلة في الرواية إنما هي مجرد وجود المادة له فقط لان وجود المادة؟؟ ليس بظاهر أن يكون معناه مجرد اتصاله بها بل يجوز أن يكون معناه وجودها بحيث يصل إليه مدده آنا فآنا نعم قد ورد هذه العبارة في بعض روايات الحمام و ظاهرها فيه محض الاتصال بالمادة لكن الرواية ضعيفة وأيضا على تقدير كونها فيه بهذا المعنى بقرينة المقام لا يستلزم كونها في جميع الموارد بهذا المعنى وما يقال من أن الأصل في الاطلاق الحقيقة فيه تفصيل ليس ها هنا موضعه ولا يتوهم أن هذا الايراد متحد مع الايراد السابق للفرق بينهما فتأمل وأيضا ما ذكره من أن الزايد منها على الكر غير معتبر في نظر الشارع مما لا دليل عليه والأولى أن يقال علل بوجود المادة مطلقا وهو متحقق هاهنا لصدق المادة على ما نحن فيه وما ذكره من التأييد أيضا ضعيف لجواز اختصاص الحمام بالحكم لعموم البلوى فإلحاق غيره به مجرد قياس مع ظهور الفرق وأما في الاستدلال الثاني فلان عدم استواء مادة النابع ليس بظاهر والأولى أيضا أن يتمسك بإطلاق المادة وللمنع أيضا مجال وفي الاستدلال بهذه الرواية في تعميم الحكم بحث آخر سيجئ إنشاء الله تعالى
(٢٠٢)