مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
وهو ظاهر والوجه الذي ذكره في التطهير بإلقاء الكر من أنه لا ينجس ويستهلك النجس وإن كان جاريا فيه لكن الظاهر أنه لم يعتمد في الحكم بهذا الوجه لضعفه كما أشرنا إليه في بحثه وإنما اعتمد على الاجماع وهذا الوجه قد ذكره للتأييد نعم يرد عليه حينئذ مناقشة وهي أنه في التذكرة استشكل في الانسحاب وحكم في الحمام بعدم تطهره بمجرد الجريان ثم بعد ذلك قرب طهارة الغدير الأسفل بممازجته بالغدير الاعلى مع أن هذا الحكم الأخير مستلزم لانسحاب حكم الحمام إلى غيره فلا معنى للاشكال السابق والامر فيه سهل لأنه متعارف أن يستشكل في شئ أولا ثم يرجح أحد طرفيه على أنه يمكن أن لا يكون مراده بممازجة الغدير جريان الماء من الأعلى إلى الأسفل حتى يحصل الامتزاج بل امتزاجهما معا حال الاستوى بناء على اعتبار الاتحاد وزعم أنه لا يحصل بدون المساواة كما ذكرنا سابقا أو على أن الماء الذي يجري من العالي إلى السافل لما كان بدخوله في السافل وامتزاجه به ينقطع اتصاله بالأعلى يقينا أو ظنا أو لم يبق أحدهما بعدم الانقطاع مع أنه لا بد منه فيصير نجسا فلا يفيد فإن قلت على هذا يلزم أن لا يحكم في التطهر في الحمام بل في إلقاء الكر وكذا تموج ما زاد على الكر لجريان الوجه فيها قلت هذه إنما خرجت بالاجماع فيبقى الباقي على الأصل وقد أخذ عليه أيضا أنه قال في التذكرة وفي طهارة الكثير لو وقع في أحد جوانبه كر علم عدم شياعه فيه نظر ثم قال بعد أسطر قليلة إن الحوض الصغير في الحمام لا يطهر بمجرد وصول المادة ثم بعد ذلك حكم بأن بالغديرين الموصول بينهما بساقية لا يطهر النجس منهما بالاتصال ولا يخفى إن بعد الجزم بالحكمين الأخيرين لا وجه للنظر السابق وهو أيضا مندفع لان النظر السابق إنما هو في الكرين المتساويين فجزمه في الحمام لا ينافيه وأما حكمه في الغديرين فيمكن أن يقال أنه مختص بالغديرين الغير المتساويين لأنه ذكر المتساويين أولا ثم المختلفين ثم حكم بهذا الحكم فلا يبعد أن يكون هذا الحكم مختصا بالأخير مع أنك قد عرفت إن الاستشكال أولا ثم ترجيح أحد الطرفين ليس ببعيد هذا وبما ذكرنا ظهر أن إجراء حكم الحمام في غيره بالنظر إلى عدم انفعال الصغير ظاهر وأما بالنظر إلى التطهير ففيه إشكال والاحتياط أن يراعى ورود كر من الأعلى إلى الأسفل بشرط امتيازه منه ثم الامتزاج بينهما والمصنف (ره) في الذكرى بنى الانسحاب على اشتراط الكرية في المادة فإن شرط الكرية كان الحكم منسحبا وإلا فلا ثم على تقدير عدم الانسحاب هل يختص الحكم بالحياض التي في البيت الحار من الحمام أو الحياض التي في المسلخ أيضا فذلك لا يخلو من إشكال إذ لم نعلم إن في زمانهم (عليه السلام) كان هذه الحياض أم لا بل الظاهر عدمها وإجماع الفقهاء أيضا غير معلوم فيها والقياس على الأول للضرورة والحرج مشكل مع أن لا ضرورة فيها بمنزلة الضرورة الأول ومقتضى الاحتياط الاحتراز مهما أمكن والله تعالى أعلم وأما الثالث فالظاهر اشتراط الكرية في المادة كما هو المشهور إذ مع عدم الكرية يدخل تحت القليل فينفعل إذ لا نص يخرجه كما ستعرف في جواب دليل الخصم احتج المحقق (ره) بخبر بكر بن حبيب المتقدم من حيث إطلاق المادة وفيه أنه ضعيف السند ولو جبر ضعفه بالشهرة فنقول لعل المتعارف في عهدهم (عليهم السلام) كون مادة الحمام كرا كما هو في زماننا وحينئذ الظاهر حمل الكلام على المتعارف وقد يدعى أيضا إشعار لفظة المادة بالكثرة فإن قلت قد مر مرارا إن عموم أدلة انفعال القليل غير مسلم فلم تحكم ها هنا بالعموم وتطلب المخصص قلت قد عرفت إن الشهرة بين الأصحاب مرجح قوي وفيما نحن فيه الشهرة حاصلة إذ لم نعرف هذا الخلاف من أحد سوى المحقق (ره) ويمكن الاحتجاج أيضا بإطلاق خبر داود بن سرحان وغيره أيضا مما تقدم والجواب أيضا مثل ما سبق واعلم إن العلامة (ره) وغيره أطلقوا القول بكرية المادة مع أنهم أطلقوا القول بأن الغديرين إذا وصل بينهما بساقية وكان مجموعهما مع الساقية كرا لم ينفعلا بملاقاة النجاسة وهذا يقتضي أن يكون حكم الحمام أغلظ وهو باطل وقد أجيب عنه بأن إطلاق القول بكرية المادة في الحمام مختص بما إذا لم يكونا متساويين بناء على الغالب فأما مع التساوي فيكفي بلوغ المجموع كرا وإطلاق القول في الغديرين مقيد بالمتساويين ويرد حينئذ إن العلامة صرح في الغديرين المختلفين أيضا بتقوى الأسفل بالأعلى ودفع تخصيص مسألة الغديرين بالاختلاف بطريق الانحدار بخلاف الحمام وقد أجاب أيضا بعض بأن اشتراط الكرية بناء على أنه يؤخذ كثيرا من ماء الحمام فلو لم تكن المادة وحدها كرا لنقص بالأخذ وانفعل وإلا فالاجماع حاصل على أنه يكفي بلوغ المجموع كرا وإن اختلفت سطوحهما وليس بشئ ويفهم من كلام بعض إنه لا بد في الحمام من كون المادة وحدها كرا وإن استوت السطوح وهذا أيضا ليس بشئ وكم بين القولين من التباعد ولا يذهب عليك أنه يمكن دفع المنافاة بما ذكرنا سابقا من أن اشتراط الكرية في المادة وحدها لتطهير الحوض الصغير لا لمجرد عدم انفعاله ثم إن ها هنا أمورا لا بد من التنبيه عليها الأول أنه لو لم يكتف في تطهير الحوض الصغير بمجرد اتصال المادة إليه بل يشترط الاستيلاء والغلبة فهل يجب أن يكون المادة زايدة على الكر بقدر ما يحصل به الممازجة أم لا فإن قلنا بأن التساوي في سطوح الكر ليس بمعتبر فحينئذ لو كان المادة كرا فقط فبجريانها إلى الحوض الصغير لا ينجس مائها فلو حل الامتزاج لكفى في التطهير كما ذكرنا في التفصيل المتقدم في بحث طهارة القليل عن بعض الأصحاب لكن قد عرفت أيضا ورود الاشكال عليه من أن العلم باتصال الاجزاء وعدم انقطاعها حينئذ متعذر أو متعسر وعلى تقدير العلم أيضا الاكتفاء بورود بعض الكر مما يحصل به الامتزاج مشكل بل لا بد من ورود تمام الكر إلا أن يخص الحمام من الحكم لكن لا دليل عليه إذ الاجماع الذي يسلم في مادة الحمام فيما إذا كان مادته زايدة على الكر ويجري إلى الحوض الصغير ويمازجه ويستولي عليه وأما في غير هذه الصورة فلا وإن قلنا باعتبار
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336