الحدود على القاتلين، يبقي تعالى به الحياة على آخرين.
وإخباره تعالى لا يكون إلا حقا وصدقا، لاستحالة الجهل والكذب عليه تعالى، ولأن ذلك يدل على أن بتعطيل الحدود يقدم كثير من المكلفين على القتل، ولولا ذلك لما أقدم القاتل عليه، ولبقي المقتول حيا بدلالة هذا السمع.
الجواب:
إعلم أن المقتول كان يجوز أن يعيش لولا القتل بخلاف قول من قطع على موته لا محالة لولا القتل، وكان يجوز أن يميته الله تعالى لولا القتل، بخلاف قول من ذهب إلى أنه لولا القتل كان يجب بقاؤه حيا لا محالة.
وقد دللنا على ذلك في كتبنا وأمالينا وبيناه في كتاب (الذخيرة) وانتهينا إلى غايته.
وأقوى ما دل على صحة هذه الجملة أن الله تعالى قادر على تبقيته حيا وعلى أماتته معا، وبوقوع القتل لا يتغير القدرة على ذلك، فيجب أن يكون الحال بعد القتل كهي قبله.
فأما قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) فالمعنى فيه أن من خاف أن يقتل على قتل يقل إقدامه على القتل، ويصرفه هذا النقل عن قتل يؤدي إلى ذهاب نفسه وتلفها، وإذا قل القتل استمرت الحياة.
فإذا قيل: أليس قد جوزتم أن يموت المقتول لو لم يقتل، فكيف يستمر حياته لولا القتل، وأنكم قد جوزتم هذا.؟
قلنا: المقتول على ضربين: أحدهما المقتول الذي معلوم أن تبقيته مصلحة فلولا القتل لبقي حيا. والضرب الآخر معلوم أن تبقيته مفسدة، فلولا القتل لا ميت، وإذا كان القصاص على ما ذكرناه صادقا على القتل بغير حق بقي حياة