تلك الحادثة حكم مع غيبته خلاف الحكم مع ظهوره، فألا أجزتم أن يتأخر الحكم فيها إلى يوم القيامة، ليتولى الله تعالى حكمها.
ونحن نعلم أن هذه الأحكام لا تتلاقى (1) ولا تحتمل الانتظار، لأنه يموت الظالم والمظلوم، ويبطل الحق المطلوب، وينقرض الناس ولم يزل أخلاقهم (2) ولا أنصفوا ممن ظلمهم، فقد أداكم اعتلالكم إلى إيجاب ظهوره بإعزازه وانشذ منه وكف أيدي الظلمة عنه، أو تجويز الاستغناء عنه ما بيناه.
الجواب:
إعلم أن كل مسألة تتعلق بالغيبة من هذه المسائل، فجوابها موجود في كتابنا (المقنع في الغيبة) وفي الكتاب (الشافي) الذي هو نقض كتاب الإمامة من الكتاب المعروف ب (المغني)، ومن تأمل ذلك وجده إما في صريحهما أو فحواهما.
فأما إلزامنا على علتنا في الحاجة إليه، وجواب إعزازه، وكف أيدي الظلمة عنه ليظهر ويقع الانتفاع به والإعزاز وكف أيدي الظلمة على ضربين: أحدهما لا ينافي التكليف ويكون التكليف معه باقيا، والضرب الآخر ينافي التكليف.
وأما ما لا ينافي التكليف أن ما يكون بإقامة الحجج والبراهين والأمر والنهي والوعظ والزجر، والألطاف القوية لدواعي الطائفة المصارفة عن المعصية، وقد فعل الله تعالى ذلك أجمع على وجه لا مريب عليه.
وأما الضرب الثاني وهو المنافي للتكليف كالقهر والقسر والاكراه والالجاء،