أباحت - لفضل الإسلام وشرفه على سائر الملل - أن يرث المسلم الذمي والكافر وإن لم يرث الذمي المسلم. وثبت حق الشفعة للمسلم على الذمي، ولا يثبت حق الشفعة للمسلم على الذمي، فخص نفي الربا بالذمي والمسلم على سبيل الحظر بظن ظاهر (١)، فإنه يجوز للمسلم أن يأخذ من الذمي الفضل في مواضع (٢) الذي يكون فيه ربا، وإن لم يجز ذلك للذمي، كما جاز في الميراث والشفعة.
فإن قيل: فما الذي يدعو إلى الانصراف عن ظواهر الأخبار المروية في نفي الربا بين الجماعة المذكورة إلى هذا التعسف من التأويل.
قلنا: ما عدلنا عن ظاهر إلى تأويل متعسف، لأن لفظة النفي في الشريعة إذا وردت في مثل هذه المواضع التي ذكرناها، لم يكن ظاهرها للإباحة دون التحريم والتغليظ، بل هي محتملة لكل واحد من الأمرين احتمالا واحدا، ولا تعسف في أحدهما.
ولم يبق إلا أن يقال: فإذا احتملت الأمرين فلم حملتموها على أحدهما بغير دليل.
وهاهنا دليل يقتضي ما فعلناه، وهو أن الله تعالى حرم الربا في آيات محكمات من الكتاب لا إشكال فيها، فقال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين﴾ (٣) وقال ﴿لا تأكلوا الربا﴾ (٤) وقال جل اسمه ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس﴾ (5).