الحليفة أن تحتشي بالكرسف وتهل بالحج، فلما أتت لها ثمانية عشر يوما أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تطوف بالبيت وتصلي ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك (1).
وهذا أيضا قد استقصينا الكلام في مسائل الخلاف. فإن أبا حنيفة وأصحابه والثوري والليث يذهبون إلى أن أكثر النفاس أربعون يوما، والشافعي وعبيد الله بن الحسن العسكري ومالك في قوله الأول: إن أكثر النفاس ستون يوما، وحكي عن البصري أنه قال: إن أكثره خمسون يوما (2).
والكلام على هذه المذاهب وما يحتج به لها أو عليها قد استوفيناه في مسائل الخلاف، وانتهينا فيه إلى أبعد الغايات.
وما بين من طريق الاستدلال صحة مذهبنا في أكثر النفاس: أن الاتفاق من الأمة حاصل على أن الأيام التي قدرناه (3) بها النفاس أنها حكم النفاس، ولم يحصل فيما زاد على ذلك اتفاق ولا دليل. والقياس لا يصح إثبات المقادير به، فيجب القول بما ذكرناه دون ما عداه.
ولك أن تقول: إن المرأة داخلة في عموم الأمر بالصلاة والصوم، وإنما نخرجها في الأيام التي حددناها من عموم الأمر بالاجماع، ولا إجماع ولا دليل فيما زاد على ذلك، فيجب الحكم بدخولها تحت عموم الأمر.