الشفعة وكتبه المصنفة تدل على ذلك وتشهد به.
فإن قيل: بأي المذهبين تنتمون وبأيهما تفتون؟
قلنا: أما ثبوت الشفعة فالحيوان خاصة بين الشريكين، وانتفاؤها فيما زاد عليها (1) من العدد، فهي إجماع الفرقة المحقة التي هي الإمامية، لأنه لا خلاف بين أحد منهم في هذه الجملة. وكذلك ثبوت حق الشفعة في غير الحيوان بين الشريكين اللذين لم يقتسما، فهذا أيضا إجماع منهم.
واختلفوا إذا زاد العدد في غير الحيوان بين الشركاء: فمنهم من أثبت حق الشفعة مع الزيادة في العدد، ومنهم من أسقطها.
وإذا كانت الحجة مما لا دليل عليه من كتاب ناطق وسنة معلومة مقطوع عليها، وهي إجماع هذه الفرقة، وجب أن نثبت الشفعة في المواضع التي أجمعوا على ثبوتها فيها، ونسقطها فيما سوى ذلك، لأن الشفعة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل شرعي، ويجب نفيه في الشريعة نفي (2) دليله.
فإن قيل: لم لا استدللتم بعموم الأخبار التي ذكرتموها، وبظاهر الخبرين اللذين نبهتم على عدول أبي جعفر (رحمه الله) عن الاحتجاج بهما؟
قلنا: إنا لم نحتج (3) بالعموم إذا ثبت أنه دليل في لغة أو شرع في الموضع الذي يكون اللفظ فيه معلوما مقطوعا عليه. فأما أخبار الآحاد التي هي مظنونة الصحة لا معلومة، فلا يجوز الاحتجاج بعمومها على ما يقطع به من الأحكام.
فأما المسألة الثانية من مسائل الشفعة، وهي قوله (إذا تخيرت الأملاك فلا شفعة) فهو مذهبنا الصحيح بلا خلاف، إلا أنه لا يجوز أن نذكر هذه المسألة