لا محالة من غيره للوجه الذي ذكرناه.
وليس لأحد أن ينسب هذا التأويل إلى التعسف، لأنه عند التأمل لا تعسف فيه، فلنا أن نتعسف التأول عند الضرورة، لتسلم الظواهر الصحيحة والخطاب الواضح. كما نفعل ذلك في متشابه القرآن الوارد بما في ظاهره جبر وتشبيه.
ووجدت أبا علي ابن الجنيد (رحمه الله) يذكر في كتابه المعروف ب (الفقه الأحمدي) شيئا ما وجدت لغيره، قال: والمطلقة إذا مات زوجها قبل خروجها من عدتها اعتدت أبعد الأجلين من يوم مات، إما بقية عدتها، أو أربعة أشهر وعشرا، أو وضعها إن كان بها حمل (1).
وأول ما في كلامه هذا أنه قال: (تعتد بأبعد الأجلين) وذكر أحوالا ثلاثة وكان ينبغي أن يقول: بأبعد الآجال التي بينها ورتبها. ثم إن كان قال هذا عن أثر ورواية جاز العمل به إذا لم يمكن تأويله، وإن كان قاله من تلقاء نفسه وعلى سبيل الاستدلال والاستحسان، فلا معول على ذلك.
وأما المسألة الثانية - وهي أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها أبعد الأجلين - وصورة هذه المسألة: أن هذه المرأة إن وضعت حملها قبل أن تقضي أربعة أشهر وعشرة أيام، لم يحكم بانقضاء عدتها حتى تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام. وإن انقضت عنها أربعة أشهر وعشرة أيام ولم تضع حملها، لم يحكم بانقضاء عدتها حتى تضع الحمل.
وهذه المسألة يفتي بها جميع الشيوخ (رحمهم الله) وهي مسطورة في كتبهم، وموجودة في رواياتهم وأحاديثهم، وحديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (2) ينطق بهذا الحكم الذي ذكرناه ويشهد له، ولو لم يكن في هذا