وكانا أهله ثم إن طائفة اعتزلت فتركناهم، ما تركونا حتى إذا عاثوا في الأرض يفسدون ويقتلون وكان فيمن قتلوه أهل ميرة من بني أسد وقتلوا خبابا وابنه وأم ولده والحارث بن مرة العبدي فبعثت إليهم داعيا فقلت ادفعوا إلينا قتلة إخواننا فقالوا كلنا قتلتهم. ثم شدت علينا خيلهم ورجالهم فصرعهم الله مصارع الظالمين فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم كلت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصيرا فأذن لنا فلنرجع ولنستعد بأحسن عدتنا وإذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدة من قتل منا حتى إذا ظللتم على (النخيلة) أمرتكم أن تلزموا معسكركم وأن تضموا إليه نواصيكم وأن توطنوا على الجهاد نفوسكم ولا تكثروا زيارة أبنائكم ونسائكم فإن أصحاب الحرب مصايروها وأهل التشمير فيها والذين لا يتوجدون من سهر ليلهم ولا ظماء نهارهم ولا فقدان أولادهم ولا نسائهم وأقامت طائفة منكم معدة وطائفة دخلت المصر عاصية فلا من دخل المصر عاد إلى ولا من أقام منكم ثبت معي ولا صبر فلقد رابتني وما في عسكري منكم خمسون رجلا فلما رأيت ما أنتم عليه دخلت عليكم فما قدر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا لله أبوكم ألا ترون إلى مصر قد افتتحت وإلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى مسالحكم ترقى وإلى بلادكم تغزى وأنتم ذووا عدد جم وشوكة شديدة وأولوا بأس قد كان مخوفا لله أنتم أين تذهبون وأنى تؤفكون ألا إن القوم جدوا وباسوا وتناصروا وتناصحوا وإنكم أبيتم وونيتم وتخاذلتم وتغاششتم ما أنتم إن بقيتم على ذلك سعداء فنبهوا رحمكم الله نائمكم وتحرزوا لحرب
(١٨٦)