فلما قرئ الكتاب على الناس قام خطباء الكوفة، شريح بن هاني وغيره، فقالوا:
والله لقد أردنا أن نركب إلى المدينة حتى نعلم علم عثمان، فقد أنبأنا الله به في بيوتنا، ثم بذلوا السمع والطاعة، وقالوا: رضينا بأمير المؤمنين، ونطيع أمره، ولا نتخلف عن دعوته، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه سمعا وطاعة.
فلما سمع الحسن بن علي (عليهما السلام) ذلك قام خطيبا فقال: أيها الناس، إنه قد كان من أمير المؤمنين علي ما تكفيكم جملته، وقد أتيناكم مستنفرين لكم، لأنكم جبهة الأمصار، ورؤساء العرب، وقد كان من نقض طلحة والزبير بيعتهما وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم، وهو ضعف النساء، وضعف رأيهن، وقد قال الله (تعالى): ﴿الرجال قوامون على النساء﴾ (1) وأيم الله لو لم ينصره أحد لرجوت أن يكون له فيمن أقبل معه من المهاجرين والأنصار، ومن يبعث الله له من نجباء الناس كفاية، فانصروا الله ينصركم. ثم جلس.
وقام عمار بن ياسر، فقال. يا أهل الكوفة، إن كانت غابت عنكم أبداننا فقد انتهت إليكم أمورنا، إن قاتلي عثمان لا يعتذرون إلى الناس، وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاجيهم، (فبه) أحيا الله من أحيا، وقتل من قتل، وإن طلحة والزبير أول من طعن، وآخر من أمر، ثم بايعا أول من بايع، فلما أخطأهما ما أملا نكثا بيعتهما على غير حدث كان، وهذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستنفركم، وقد أظلكم في المهاجرين والأنصار، فانصروه ينصركم الله.
وقام قيس بن سعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن هذا الامر لو استقبلنا به الشورى لكان علي أحق الناس به في سابقته وهجرته وعلمه، وكان قتال من أبى ذلك حلالا، فكيف والحجة قامت على طلحة والزبير، وقد بايعاه وخلعاه حسدا؟!
فقام خطباؤهم فأسرع الرد بالإجابة، فقال النجاشي في ذلك: