أخبرني بعمل يحبني عليه.
قال: يا أعرابي، أزهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس تحبك الناس.
قال: وقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله أخاف منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ (1).
345 / 47 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن عاصم بن عمر الجعفي، عن محمد بن مسلم العبدي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كتب إلى الحسن بن علي (عليه السلام) قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له. فكتب إليهم: " أما بعد، فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة، فعند الله احتسبها تسليما لقضائه، وصبرا على بلائه، فإن أوجعتنا المصائب، وفجعتنا النوائب بالأحبة المألوفة التي كانت بنا حفية (2)، والاخوان المحبون الذين كان يسر بهم الناظرون، وتقر بهم العيون، أضحوا قد اخترمتهم الأيام، ونزل بهم الحمام (3)، فخلفوا الخلوف، وأودت بهم الحتوف، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلة التجاور، ولا صلاة بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أجشعها (4) إخوانها، فلم أر مثل دارها دارا، ولا مثل قرارها قرارا، في بيوت موحشة، وحلول مخضعة، قد صارت في تلك الديار الموحشة،