ونادت بانقضائها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت ببلائها البلى، وتشوقت بسرورها إلى السرور تخويفا وترغيبا، فابتكرت بعافية، وراحت بفجيعة، فذمها رجال فرطوا غداة الندامة، وحمدها آخرون اكتسبوا فيها الخير.
فيا أيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها، متى استذمت إليك، أم متى غرتك، أبمضاجع آبائك من البلى، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى؟ كم مرضت بيديك، وعالجت بكفيك؟ تلتمس لهم الشفاء، وتستوصف لهم الأطباء، لم تنفعهم بشفاعتك، ولم تسعفهم في طلبتك، مثلت لك - ويحك - الدنيا بمصرعهم مصرعك، وبمضجعهم مضجعك، حين لا يغني بكاؤك، ولا ينفعك أحباؤك.
ثم التفت إلى أهل المقابر، فقال: يا أهل التربة، ويا أهل الغربة، أما المنازل فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما الأزواج فقد نكحت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟ ثم أقبل على أصحابه فقال: والله لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى.
1232 / 6 - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم الموسوي العلوي في منزله بمكة، قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا عبد الله بن جبلة، عن حميد بن شعيب الهمداني، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: لما احتضر أمير المؤمنين (عليه السلام) جمع بنيه حسنا وحسينا وابن الحنفية والأصاغر من ولده، فوصاهم وكان في آخر وصيته: يا بني، عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنوا إليكم، وان فقدتم بكوا عليكم.
يا بني، إن القلوب جنود مجندة، تتلاحظ بالمودة، وتتناجى بها، وكذلك هي في البغض، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه.
1233 / 7 - وعنه، قال. أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال. حدثنا أحمد بن عبد الرحيم بن سعد أبو جعفر القيسي الفقيه بأسوان إملاء من حفظه، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن