بعود كان في يده ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: كذبت والله، ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الأسماء.
قال الأصبغ: فعجبت من ذلك عجبا شديدا، فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر، فقال: والله يا أمير المؤمنين، إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية. قال: فنكت بعوده ذلك في الأرض طويلا، ثم رفع رأسه، فقال: صدقت، إن طينتنا طينة مرحومة، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق، فلا يشذ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة، أما إنه فاتخذ للفاقة جلبابا، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الفاقة إلى محبيك أسرع من السيل المنحدر من أعلى الوادي إلى أسفله.
922 / 70 - إبراهيم الأحمري، قال: حدثني محمد بن الحسين، عن الأصم، عن زرعة بن محمد الحضرمي، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله (تعالى) جعل عليا (عليه السلام) علما بينه وبين خلقه، ليس بينهم علم غيره، فمن أقر بولايته كان مؤمنا، ومن جحده كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن نصب معه كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة، ومن أنكرها دخل النار.
923 / 71 - إبراهيم الأحمري، قال: حدثني محمد بن سليمان، عن أبيه، قال:
كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وكان مركزه بالمدينة يختلف إلى مجلس أبي جعفر (عليه السلام) يقول له: يا محمد، ألا ترى أني إنما أغشى مجلسك حياء مني لك، ولا أقول إن في الأرض أحدا أبغض إلي منكم أهل البيت، واعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم، ولكن أراك رجلا فصيحا، لك أدب وحسن لفظ وإنما الاختلاف إليك لحسن أدبك، وكان أبو جعفر (عليه السلام) يقول له خيرا، ويقول: لن تخفى على الله خافيه.
فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه، فلما ثقل دعا وليه، وقال له: إذا أنت مددت علي الثوب في النعش، فأت محمد بن علي وأعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك.
قال: فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه، فلما أن أصبح الناس