القاسم بن عوف، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: حدثني سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عما يجد، وقمت لأخرج، فقال لي: اجلس يا سلمان، فسيشهدك الله (عز وجل) أمرا إنه لمن خير الأمور، فجلست فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته ورجال من أصحابه، ودخلت فاطمة (عليها السلام) ابنته فيمن دخل، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الضعف خنقتها العبرة حتى فاض دمعها على خدها، فأبصر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما يبكيك يا بنية، أقر الله عينك، ولا أبكاها؟ قالت: وكيف لا أبكي، وأنا أرى ما بك من الضعف. قال لها: يا فاطمة، توكلي على الله، واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء، وأمهاتك من أزواجهم، ألا أبشرك يا فاطمة؟ قالت: بلى يا نبي الله - أو قالت: يا أبه -.
قال: أما علمت أن الله (تعالى) اختار أباك فجعله نبيا، وبعثه إلى كافة الخلق رسولا، ثم اختار عليا فأمرني فزوجتك إياه واتخذته بأمر ربي وزيرا ووصيا.
يا فاطمة، إن عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقا، وأقدمهم سلما، وأعلمهم علما، وأحلمهم حلما، وأثبتهم في الميزان قدرا، فاستبشرت فاطمة (عليها السلام)، فأقبل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: هل سررتك يا فاطمة؟
قالت: نعم يا أبه. قال: أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله؟
قالت: بلى يا نبي الله.
قال: إن عليا أول من آمن بالله (عز وجل) ورسوله من هذه الأمة، هو وخديجة أمك، وأول من وازرني على ما جئت.
يا فاطمة، إن عليا أخي وصفيي وأبو ولدي، إن عليا أعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبله ولا يعطاها أحد بعده، فأحسني عزاك، واعلمي أن أباك لاحق بالله (عز وجل).
قالت: يا أبتاه فرحتني وأحزنتني. قال: كذلك يا بنية أمور الدنيا، يشوب سرورها حزنها، وصفوها كدرها، أفلا أزيدك يا بنية؟ قالت: بلى يا رسول الله.