حياة الشيخ الطوسي (1) ولد الشيخ الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، في شهر رمضان عام 385 ه، في طوس - على الأرجح - وبها نشأ، وكانت طوس إحدى مراكز العلم المهمة في خراسان، ذلك الإقليم الواسع الذي أنجب كثيرا من المفكرين، وينسب إليه خلق كثير من العلماء في كل فن، ومن المحتمل أن الشيخ الطوسي درس فيه علوم اللغة والأدب والفقه وأصوله والحديث وعلم الكلام، ولما بلغ الثالثة والعشرين من عمره عام 408 ه هاجر إلى بغداد، وكانت في ذلك الوقت ملتقى رجال العلم والفكر والأدب، وكانت تدرس في معاهدها مختلف العلوم العقلية والنقلية، وكانت الزعامة الفكرية للشيعة الإمامية فيها للشيخ المفيد (338 - 413 ه) ذلك العالم الذي قطع شوطا بعيدا في ميدان العلوم، وكان مجلسه عامرا بنخبة صالحة من المثقفين وذوي النظر، فكان يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف، وقد تتلمذ الشريف المرتضى على الشيخ المفيد في المناظرة، وكان له كأستاذه، مجلس يناظر عنده في كل المذاهب، فكان الجو الفكري المشبع بالأصالة والابداع من أهم الأسباب التي حملت الشيخ الطوسي على الهجرة إلى بغداد، هذا وكانت الرحلة في طلب العلم أمرا شائعا في تلك العصور، مضافا إلى توفر المكتبات الكبرى التي يرجع
(المقدمة ٩)