غيرنا لم يقم معك، والله ما كل ما رأينا حلالا حلال، ولا كل ما رأينا حراما حرام، وفي الناس من هو أعلم بعذر عثمان ممن قتله، وأنت أعلم بحالنا منا، فإن كان قتل ظالما قبلنا، وإن كان قتل مظلوما فاقبل قولنا، فإن وكلتنا فيه إلى شبهة فعجب ليقيننا وشكك، وقد قلت لنا: عندي نقض ما اجتمعوا عليه، وفصل ما اختلفوا فيه. وقال:
كان أولى أهل المدينة بالنص * - ر عليا وآل عبد مناف للذي في يديه من حرم الله * وقرب الولاء بعد التصافي وكان كعب بن مالك شيعة لعثمان.
وقام الأشتر إلى علي (عليه السلام)، فكلمه بكلام بحضه على أهل الوقوف، فكره ذلك علي (عليه السلام) حتى شكاه، وكان من رأي علي (عليه السلام) ألا يذكرهم بشئ.
فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين، إنا وإن لم نكن من المهاجرين والأنصار، فإنا فيهم، وهذه بيعة عامة، والخارج منها عاص، والمبطئ عنها مقصر، فإن أدبهم اليوم باللسان وغدا بالسيف، وما من ثقل عنك كمن خف معك، وإنما أرادك القوم لأنفسهم فأردهم لنفسك. فقال علي (عليه السلام): يا مالك دعني. وأقبل علي (عليه السلام) عليهم، فقال: أرأيتم لو أن من بايع أبا بكر أو عمر أو عثمان ثم نكث بيعته، أكنتم تستحلون قتالهم؟ قالوا: نعم. قال: فكيف تحرجون من القتال معي وقد بايعتموني؟ قالوا: إنا لا نزعم أنك مخطئ، وأنه لا يحل لك قتال من بايعك ثم نكث بيعتك، ولكن نشك في قتال أهل الصلاة. فقال الأشتر: دعني يا أمير المؤمنين، أوقع بهؤلاء الذين يتخلفون عنك. فقال له علي (عليه السلام): كف عني، فانصرف الأشتر وهو مغضب.
ثم إن قيس بن سعد لقي مالكا الأشتر في نفر من المهاجرين والأنصار، فقال قيس للأشتر: يا مالك، كلما ضاق صدرك بشئ أخرجته، وكلما استبطأت أمرا استعجلته، إن أدب الصبر التسليم، وأدب العجلة الأناة، وإن شر القول ما ضاهى العيب، وشر الرأي ما ضاهى التهمة، وإذا ابتليت فاسأل، وإذا أمرت فأطع، ولا تسأل قبل البلاء، ولا تكلف قبل أن ينزل الامر، فإن في أنفسنا ما في نفسك، فلا تشق على صاحبك؟ فغضب الأشتر، ثم إن الأنصار مشوا إلى الأشتر في ذلك فرضوه عن غضبه