68 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا أبو عاصم، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب يقول: لما نزل علي (عليه السلام) بالربذة سألت عن قدومه إليها، فقيل: خالف عليه طلحة والزبير وعائشة، وصاروا إلى البصرة، فخرج يريدهم، فصرت إليه، فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي (عليهما السلام) فجلس بين يديه، ثم بكى، وقال: يا أمير المؤمنين، إني لا أستطيع أن أكلمك، وبكى.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبك يا بني، وتكلم، ولا تحن حنين الجارية.
فقال: يا أمير المؤمنين، إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه، إما ظالمون أو مظلومون، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها، وتأتيك وفودها، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما، فإن اجتمعت الأمة فذاك، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله، وأنا اليوم أسالك ألا تقدم العراق وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما قولك: إن عثمان حصر؟ فما ذاك وما علي منه وقد كنت بمعزل عن حصره؟ وأما قولك: ائت مكة، فوالله ما كنت لاكون الرجل الذي تستحل به مكة، وأما قولك: اعتزل العراق ودع طلحة والزبير؟ فوالله ما كنت لأكون كالضبع تنتظر حتى يدخل عليها طالبها، فيضع الحبل في رجلها حتى يقطع عرقوبها (1)، ثم يخرجها فيمزقها إربا إربا، ولكن أباك يا بني يضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المخالف أبدا حتى يأتي علي يومي، فوالله ما زال أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى يوم