إضاقة شديدة، فقبله وكتب في الوقت بديهة:
أياديك عندي معظمات جلائل * طوال المدى شكري لهن قصير فان كنت عن شكري غنيا فإنني * إلى شكر ما أوليتني لفقير قال: فقلت: هذا - أعز الله الأمير - حسن. قال: أحسن منه ما سرقته منه. فقلت:
وما هو؟
قال: حديثان حدثني بهما أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال:
حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن جدي جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة.
وحدثني أبو الصلت بهذا الإسناد، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله (عز وجل) فيأمر به إلى النار، فيقول: أي رب أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن! فيقول الله: أي عبدي إني أنعمت عليك فلم تشكر نعمتي.
فيقول: أي رب أنعمت علي بكذا فشكرتك بكذا، وأنعمت علن بكذا وشكرتك بكذا؟ فلا يزال يحصي النعمة ويعدد الشكر، فيقول الله (تعالى): صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك نعمتي على يديه، وإني قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يكشر من ساقها من خلقي إليه.
قال: فانصرفت بالخبر إلى علي بن الفرات، وهو في مجلس أبي العباس أحمد ابن محمد بن الفرات، وذكرت ما جرى، فاستحسن الخبر وانتسخه، وردني في الوقت إلى أحمد أبي عبيد الله بن عبد الله ببر واسع من بر أخيه، فأوصلته إليه، فقبله وسر به، وكتب إليه:
شكريك معقود بايماني * حكم في سري وإعلاني عقد ضمير وفم ناطق * وفعل أعضاء وأركان فقلت: هذا - أعز الله الأمير - أحسن من الأول. فقال: أحسن منه ما سرقته منه.